لو أسعدت سعدى بتنويلها – الشاعر البحتري
لو أَسْعدَتْ سُعْدَى بتَنْويلهَا
أو يسَّرَتْ عاجِلَ مَبْذُولِهَا
لأَبْرَأَتْ أَحْشَاءَ ذِي لَوْعَةٍ
مُتَيَّمِ الأَحشاءِ مَتْبُولها
إِنَّ الغَوَاني يَوْمَ سِقْطِ اللِّوى
أَدَّتْ إِلْيَنا الإِفْكَ مِنْ قِيلِهَا
كَمْ لَيْلةٍ مُسْتَبْطَأ صُبْحُها
يَصْدُدْنَ أَو يَزْدَدْنَ فِي طُولِهَا
أَوانِسٌ عَطْشَانَةٌ وُشْحُهَا،
رَيَّانةُ خُرْسٌ خَلاَخِيلُها
عوَارضٌ يُجْلَى ظَلاَمُ الدُّجَى
إِذا اجْتَلَيْنَا ضَوْءَ مَصْقُولِها
وَمِنْ خُدُودٍ مُشْبَعٍ صِبْغُها
فِي لَثْمِها الفَوْزُ وتَقْبِيِلهَا
ما عُذْرُ عَيْنَيْكَ وقد زاغَتَا
عن مُرهَفِ القامةِ مَجْدُولِهَا
أَمَّا الخَيَالاتُ فَلَمْ تَنْفَكِكْ
تَسْرِي إِلَيْنَا بأَباطيلِها
وَلَمْ نَعُدْ مِنْهَا إِلى طَائِلٍ
غَيْرِ الأَماتيِّ وتَضْلِيلهَا
لاَ تَعْبَ بالدُّنيا فَكَائِنْ أَرَتْ
فَاضِلَها تَابِعَ مَفْضُولهَا
وَقَلَّمَا عارِفةُ لَمْ يَكُنْ
مَقُولُها بَادِيَ مَفْعُولِهَا
وَكْدُ بَنِي الفَيَّاض في حَشْدِهِمْ
عَلَى معَالِيهمْ وتأْثِيلهَا
قَدْ سَيَّرُوا أَفْعَالَهُمْ بَيْنها
ونَقَّلُوها كُلَّ تَنْقِيلِهَا
يَطْوُونَ مِنْ أَبْعَادِها طَيَّهُمْ
مِنْ فَرْسَخِ الأَرْضِ ومِنْ مِيلِهَا
إِذا بَدَوْا في حَرجَاتِ القَنَا
حَسِبْتَ أُسْدَ الْغَابِ في غِيلِهَا
مَا زالَ رَهْطُ مِنْهُمُ يَعْتَلِي
بِمُغْمَدِ الْبيضِ و مَسْلُولِهَا
صَوَارِمُ عَنْ حَدِّ مَأْثُورِهَا
خَلَّتْ إِيَادٌ دَبْرَ عَاقُولِهَا
شُكْري عَلِيًّا دُونَ قَوْمٍ عَلَى
غَراَئبِ النُّعْمَى وتَخْوِيلِهَا
ونَرتَجِي مِنْ سَيْبِ آلاَئِهِ
مَا تَرْتَجيهِ مِصْرُ مِنْ نِيلِهَا
وَلَسْتُ أَعْتَدُّ عَتَاداً سِوَى
يَدِ ابْنِ فَيَّاضٍ وتأْمِيلِهَا
إِنْ قَلَّلَ المَعْروفَ تأْخِيرُهُ
كَثَّرَ جَدْوَاهُ بِتَعْجيلِهَا