قصة ذي القرنين
سورة الكهف
سورة الكهف من السور القرآنيّة التي نزلت في مكة المكرمة، وما يميّزها أنّها نزلت كاملة كما نقل عن الصحابة رضي الله عنهم، يبلغ عدد آياتها مئة وعشرة آيات، وسمّيت بسورة الكهف لأنّها ذكرت قصة أصحاب الكهف الذين هربوا من ظلم ملكهم في سبيل الإسلام، وهي من السور التي ورد فيها عدّة أحاديث نبويّة تبيّن فضلها ومكانتها؛ منها: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من قرأَ سورةَ الكهفِ كما نزلتْ كانت لهُ نورًا يومَ القيامةِ من مقامِهِ إلى مكةَ ومن قرأَ عشرَ آياتٍ من آخرِها ثم خرجَ الدجالُ لم يُسَلَّطْ عليهِ)،[١] كما ذكرت أنّ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي وحي من الله تعالى، وفي آخر آية من آيات سورة الكهف كان الخطاب فيها عاماً لكلّ الناس، ومن المقاصد التي وردت في سورة الكهف ما يأتي:[٢]
- وصف القرآن الكريم بأنه قيّم؛ حيث يقيم الحق ويزهق الباطل.
- بيان الإخلاص في الإيمان والعقيدة الذي ورد في قصة أصحاب الكهف.
- البعث يوم القيامة من الحقائق الثابتة.
- بيان جزاء كلاً من المؤمن والكافر يوم القيامة.
- ذكر تهديد الكافرين الذين اتّخذوا أولياء من دون الله تعالى، وبيان الجزاء الذي أعدّه الله تعالى لهم.
- الموازنة بين حال الكافرين وحال المؤمنين الذين آمنوا بالله تعالى وعملوا الصالحات.
قصة ذي القرنين
ذو القرنين هو رجل صالح ذكره الله -تعالى- في القرآن الكريم، ووصفه بأنّه ملك عادل، فكان سلطاناً مؤيّداً ومقسطاً، ملك المشرق والمغرب، قال الله تعالى: (وَيَسأَلونَكَ عَن ذِي القَرنَينِ قُل سَأَتلو عَلَيكُم مِنهُ ذِكرًا*إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الأَرضِ وَآتَيناهُ مِن كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا)،[٣] وأسلم على يد نبي الله إبراهيم عليه السلام، وطاف بالكعبة المشرفة مع إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، وأُطلق عليه ذي القرنين، لأنّه ملك ما بين قرني الشمس شرقاً وغرباً، وكان مشاوره في شؤون الدولة الخضر عليه السلام، أمّا سبب ذكر قصته في القرآن الكريم فيرجع إلى أنّ قريشاً سألت اليهود عن شيء تمتحن به الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهم اليهود أن يسألوه عن رجل عُرف بأنه طوّاف في الأرض، وعن مجموعة من الفتية خرجوا ولم يُعلم شيء عنهم، فجاء الردّ من الله تعالى، وأنزل قصة ذي القرنين، وقصة أصحاب الكهف، وبيّن ذلك بياناً واضحاً وجليّاً، وذكر الله تعالى أنّه يعلم كل ما يمرّ به ذو القرنين ويحرسه ويحفظه، بالإضافة إلى أنّه مُنح وأُعطي ملكاً عظيماً، لتحقيق المهمات العظيمة التي وُكلّت له، فكان يأخذ الطعام والزاد الخاص بإقليمٍ ما لتعينه على إقليم آخر، حتى وصل إلى مكان لا يمكن لأحد وصوله، ووقف على حافة البحر ورأى الشمس في نظره أنّها تخرج من البحر وتغرب فيه، فملّكه الله -تعالى- حكم تلك المنطقة، ومكّنه منهم، وجعله بالخيار فيهم؛ فإن شاء قتل منهم ما شاء، وسبى منهم ما شاء، وله أن يفدي منهم ما يشاء.[٤]
اختار ذو القرنين أن يجازي الظالمين، وذلك من عدله وقسطه بين الناس، ثمّ رجع من المغرب إلى المشرق، وفي طريق عودته رأى قوماً ليس لهم بيوت تحميهم من حرارة الشمس، فمرّ بقوم عجم أخبروه بأنّ هناك قبيلتان تعدّوا عليهم يشكل كبير جداً، وأفسدوا لهم بلادهم، وقطعوا عنهم الطرق، فقدّموا له الخراج مقابل أن يقيم حاجزاً ليمنع ظلم القبيلتين وجورهما عنهم ولكنّه امتنع عن أخذ المال، واكتفى بالأموال التي أنعم الله تعالى عليه، وطلب منهم أن يعينوه على بناء الحاجز بجهدهم وآلاتهم، وتمّ بناء الحاجز من الحديد والنحاس المذاب فلم يستطيعوا بلوغه بالسلالم ولا بغيرها من الوسائل، فكان ذلك من رحمة الله تعالى بعباده، ليمنع الظلم والطغيان عن المستضعفين من العباد، وقد أخبر الله تعالى أنّ الحاجز ينهدم آخر الزمان، ويصبح بنفس مستوى الأرض، حيث قال: (قالَ هـذا رَحمَةٌ مِن رَبّي فَإِذا جاءَ وَعدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّاءَ وَكانَ وَعدُ رَبّي حَقًّا).[٥][٤]
قصص القرآن الكريم
زخرت آيات القرآن الكريم بعدد من القصص؛ فمنها ما يخبر عن الأقوام السابقة، ومنها ما يخبر عن الأنبياء والرسل عليهم السلام، فالقصص في القرآن الكريم لها عدّة فوائد وحكم أراد الله تعالى بيانها للناس، وفيما يأتي بيان بعضها:[٦]
- دليل ثبوت على أنّ الوحي والرسالة من الله تعالى؛ حيث إنّ النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أميّ لا يقرأ ولا يكتب ولم يجالس الرهبان والأحبار، وأتى القرآن الكريم بأخبار الأمم والأقوام السابقة ممّا يدلّ على أنّه وحي من الله تعالى.
- تقرير حقيقة أنّ كل الأنبياء والرسل عليهم السلام دعوا إلى توحيد الله تعالى، ممّا يدلّ على أنّ أصل جميع الرسالات واحد.
- بيان أنّ الوسائل التي اتّبعها الأنبياء والرسل في دعوة أقوامهم واحدة ممّا جعل ردود أفعال الأقوام متقاربة في الرفض للدعوة، وإيذاء الأنبياء، وتعذيبهم، والتآمر على قتلهم.
- تأكيد الحقيقة التي تدلّ على أنّ النصر والفلاح والفوز للمسلمين، وأنّ الهلاك للكافرين الصادّين عن دعوة الإسلام ودعوة الأنبياء عليهم السلام.
- بيان صدق الله تعالى في الوعد والوعيد، حيث يحصل حقيقة في الوقت الذي يريده الله تعالى.
- بيان النعم التي أنعم الله تعالى بها على الأنبياء عليهم السلام.
- تحذير الناس من غواية الشيطان وإظهار عداوته الخالدة للإنسان.
- بيان الخوارق والمعجزات التي يقدّرها الله تعالى.
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 3/94، إسناده صحيح.
- ↑ “مقاصد سورة الكهف”، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 83-84.
- ^ أ ب “قصة ذي القرنين”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية: 98.
- ↑ “أهداف القصة في القرآن”، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-4-2018. بتصرّف.