معلومات عن قصة قارون

القصص في القرآن الكريم

لقد اختص الله القرآن الكريم في بعض الأجزاء منه ليتحدّث عن قصص الأمم الغابرة بشكلٍ جماعيّ أو فرديّ من أجل دحض الباطل الذي يتحدّث به البعض، أو لتكون عبرةً لمن يكفر ويُكذّب الرسول محمد -صلى الله عليه وسلّم- في دعوته، كما جاءت هذه القصص أحياناً لتثبيت المؤمنين على إيمانهم، وتقوية عزيمتهم وطلبهم لرضوان الله تعالى ونعيم الجنة، فقد تحدّثت بعضها عن صور العذاب الذي تعرّض له المؤمنون الصابرون وعن صبرهم وتحمّلهم لهذا العذاب في سبيل الفوز بجنة الله تعالى، ووضّحت كيف كافأهم عز وجل ولم يضيِّع صبرهم.

من بعض القصص التي ركزّت عليها الآيات الكريمة تجبّر الحكام والجبابرة وأصحاب السلطة، وظلمهم لغيرهم والبطش بهم وكيف أنهم باؤوا بالخسران والمذلة والهوان في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِن) [آل عمران:139] ، ومن هؤلاء الجبابرة قارون.

قصة قارون

لقد أتى الله قاروناً مالاً عظيماً يعجز رجال الأرض عن حمل مفاتيحه، فكيف الحال إذن بماله وكنوزه، وقد كان يظن قارون بأنّ هذا المال حصل عليه بقدرته وحده وأنه المتصرِّف الوحيد به، قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) [القصص:76] وقد جاءت قصة قارون وماله في القرآن الكريم بعد ذِكر قصة سيدنا موسى -عليه السلام- مع فرعون الحاكم الجبار الظالم، لزيادة الثقة في قلب المؤمنين بقدرته عز وجل على الحاكم وعلى صاحب المال والسلطة.

لم يكن قارون حريصاً على طاعة الله تعالى في ماله بل استخدمه ليتجبّر على الناس ويبطش بهم، ولكن لم يذكر القرآن شكل هذا البطش والبغي وتركه مبهماً، وذكرت الآيات بأن المعتدلين من قومه حاولوا ثنيه عن الطريق التي يسلكها بأنّه لا بدّ من اتباع طريق الاعتدال والقصد في التصرّف بالمال، وبأنّ بعض الفرح قد يُنسي صاحبه مصدر المال ومنعم النعم عليه، وبأنَّ عليه ألّا ينسى نصيبه من الآخرة بل يفرح بماله في الدنيا والآخرة، حتى يفوز بالنعيم على الجهتين، إلّا أنّ غروره بماله ونفسه صدّه عن اتباع نصائحهم وردّ عليهم- كما قال الله عز وجل قَالَ (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)[القصص:78] ونسي أنّ الله تعالى هو الذي وهبه هذا المال، وله القدرة عز وجل على سلبه منه وإذاقته أصناف العذاب، وبينما ذات يومٍ وهو خارجٌ إلى الناس بكامل زينته تمنى بعض الناس ما عنده، ولكن شاءت قدرته الله على بيان الطريق السليم لهم فخسف به وبداره الأرض ولم يستطع ماله أن يُنقذه، فسبحان الله الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويُوسّع عليه أو يقبض ذلك.