من هو قارون

قارون

سخر الله تعالى هذه الحياة الدنيا بما فيها من نعيم وخيرات للإنسان، فهو يتنعم فيها بفضل الله وكرمه ورحمته، وهذا يقتضى منه أن يشكر الله وأن يحمده على هذه النعم حمداً يليق بجلال الله وعظيم سلطانه، وأن لا يقابل ذلك كله بالتكبر في الأرض والاستكبار، وإنما بالتواضع والخضوع لله تعالى.

ضرب الله لنا مثلاً للتواضع سيدنا موسى عليه السلام في سورة القصص، حينما أتى ابنتا شعيب عليه السلام فسقى لهما بما أنعم الله عليه من القوة، ثم تولى إلى الظل ليكسر ما أبدته النفس من عنفوان في العلن، ويقول بقلب خاشع وجبهة منحنية لله تعالى: “ربي إني لما أنزلت إلى من خير فقير”، بينما ضرب الله سبحانه وتعالى مثلاً للتكبر في الأرض شخصية قارون، فمن هو قارون ؟ وما هي قصته ؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.

قصة قارون

كان قارون من قوم موسى أي من بني إسرائيل كما ذكر في القرآن الكريم، وقيل أنه ابن عم موسى عليه السلام، وكان وزيراً لشؤون بني إسرائيل في بلاد مصر حينما كانوا يستعبدون فيها، لذلك بقي قارون صلة الوصل بين بني إسرائيل وفرعون، فبغى على قومه وجمع الأموال الكثيرة التي كانت تنوء مفاتيح خزائنها بالجماعة أولي القوة، وحينما كان قارون يتحاور مع قومه في شأن هذه الأموال أخبرهم أنه إنما أوتي هذه الأموال الطائلة بفضل علمه وحنكته وذكائه، ولم ينسب فضل جمع هذه الأموال إلى كرم الله تعالى وفضله.

في أحد الأيام وبينما كان قارون يمشي بين قومه مختالاً مفتخراً بما عنده من الأموال الطائلة، فإذا ببني إسرائيل ينظرون إليه، فكانوا في ذلك فريقان، فريق يغبطه على ما آتاه الله من المال والجاه ويتمنى ذلك، وفريق يؤكد على الإيمان بالله تعالى وجزائه للمتقين الصابرين، وفي ذروة استكبار قارون وكما جرت سنة الله في الانتقام من الظالمين خسف الله بقارون وبداره الأرض فما انتصر له أحد، وما دفع عنه العذاب أحد، وقد كان العقاب الإلهي لقارون مناسباً؛ لأنه كان من الذين يريدون العلو في الأرض فنكسه الله وخسفه.

العبرة من قصة قارون

على الإنسان أن يدرك أن الله تعالى قد جعل الدار الأخرة للمتواضعين المؤمنين الذي نبذوا العلو والاستكبار في الأرض، والذين تركوا الفساد فيها واتخذوا الإصلاح نهجاً وطريقة، قال تعالى ( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ ولا فساداً، والعاقبة للمتّقين ).