قصة سيدنا زكريا

كان زكريا – عليه السلام – نبياً من أنبياء الله، الذين بعثهم لهداية الناس إلى الإيمان بالله – عز وجل – . ويرجع نسبه إلى يهوذا بن يعقوب، كان متزوجاً من امرأة لا تنجب، وقد كان كبيراً في السن، لكن الله تعالى رزقه بولد اسمه يحيى، بعد أن دعا ربه، تقدم السن بنبي الله زكريا – عليه السلام -، وتوزع الشيب في رأسه، وبلغ من الكبر أعواماً كثيرة، وقد كانت زوجته عاقراً لا تنجب، فلما رأى من معجزات الله العظيمة، أراد أن يرزقه الله بولد صالح، فدعا ربه أن يرزقه غلاماً تقياً، يرثه في العلم والنبوة، ويهدي الناس للخير، يقول الله -تبارك وتعالى- : “هُنالِكَ دَعَا زكريَّا ربَّهُ قالَ ربِّ هَبْ لي مِن لدُنْكَ ذُرِّيَّةً طيِّبةً إنَّكَ سميعُ الدُّعاء”{سورة آل عمران} .

وقال لربه :”وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا”{سورة مريم}، فقال لربه و دعاه :”فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا”{سورة مريم}. حيث أراد ولداً ليس لرغبة دنيوية في نفسه، وإنما لأنه أراده أن يرث عنه النبوة، ويرشد الناس للإيمان بخالقهم .

فاستجاب الله تعالى لدعائه، وبعث له الملائكة ليبشروه بأن الله اسستجاب له، ورزقه بولد يدعى يحيى، حيث كان زكريا -عليه السلام- يتعبد في المحراب ، قال الله -عز وجل- :”فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ”{سورة ءال عمران} ، وقال تعالى:”يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا” . حيث لم يسمَ أي أحد من قبله باسم يحيى .

ولما بشره الله تعالى بالغلام، وبأنه استجاب لدعائه استغرب و تعجب، فكيف يكون له ولد وزوجته عاقر لا تلد ؟ كما أنها كبيرة في السن ! وقد بلغ هو من العمر سنوات كثيرة ! وشاخ وضعفت بنيته الجسدية ، فقال الله تعالى له بأنه على كل شيء قدير :”قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا”{سورة مريم}.

وقد طلب من الله تعالى أن يجعل له علامة على وجود الحمل من امرأته بهذا الولد الذي بشره الله به؛ فاستجاب الله -تبارك وتعالى- لسؤاله، وجعل له علامة وجود الحمل ألا يكلم الناس ثلاث ليال إلا بالرموز من غير علة، فقد كان يكلم الناس بيده وبالإشارة من غير أن يكون به علة، وخرج نبي الله زكريا -عليه السلام- على قومه من محرابه الذي كان يتعبد فيه، مسرورًا بالبشارة التي بشّره الله -تبارك وتعالى- بها بواسطة الملك جبريل -عليه السلام- .

عندما ننظر إلى قدرة الله تعالى في صنع المعجزات، فإننا نحمد الله على نعمه، ونستمر بدعائه، ولا نكل ولا نمل، ففي يوم ما سيستجيب الله لدعوانا التي كنا نعتبرها بأنها شبه مستحيلة .