بحث عن دور رعاية المسنين

مرحلة الشيخوخة

بيّن اللهُ سبحانه في كِتابه الكريم مراحل تطوّر حياة الإنسان، وجَعل مَرحلَة الشّيخوخة هي آخر هذه المَراحل من حياته الدنيوية، قال تعالى:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، [١] وجاء وصف هذه المرحلة بالضعف فقال سبحانه: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ)[٢]

كُلّما ازدادَ عُمر الإنسان وصل إلى أرذلِ العمر، وقد ذُكر ذلك في كتاب الله، قال تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)[٣]؛ فأرذل العُمر الوارد في الآيةِ الكريمة هو الهرم؛ لأنّ الإنسان في هذه المرحلة تبدأ قواه بالتّناقص، وكذلك عقله، ويعود إلى حالٍ تُشبه حال الأطفال، فلا يعرف ما كان يعرف من قبل من الأمور الحياتيّة لكِبرِ سِنهِ.[٤]

إنّ الشيخوخة والكهل لفظان مُرادفان للفظِ المُسن، فما هُما هذان اللفظان، وهل هُناك فَرقٌ بَينَهما عندَ الدّارسين للقضايا الاجتماعيّة والجسميّة للإنسان؟ يُمكِن تَعريف المُسن والكهولة والشيخوخة كالآتي:[٥][٦]

تعريف المسن

اختَلَفت الآراءُ وتَضاربت حولَ تَعريف المسن، وهل المسن الذي بلغ سنّاً مُعيّنةً مثلاً كعمر 65 عاماً فأكثر، أم هو الشّخصُ الذي تَظهرُ عليه أعراضٌ تُميّزه بكبر السن. يُطلق المُسن على من كبُرت سنُّه، وأصبحت قواه الذهنيّة والجسميّة ضَعيفة، ويُعرف بأنّه الشّخص الذي تجاوز عمره الستّين عاماً، وتَرتّب عليه تَغيّرٌ في أدوار جسمه الاجتماعيّة هُبوطاً أو صعوداً.[٥][٦]

تعريف الكهولة

هي الفترةُ الزمنيّةُ من حياة الإنسان والتي تبدأ بعد مرحلة النضوج وتستمرّ حتّى مرحلة الشيخوخة، وهي تَختلفُ من مُجتمعٍ إلى آخر، ويُمكن تعريفها بأنّها العمليّة الجيولوجية الحتمية التي تُمثّل ظاهرةً من مَظاهر النموّ والتطور؛ فالشّيخوخة هي آخر مرحلة نموٍّ يمرّ بها الإنسان.

تعريف الشيخوخة

هي مَجموعةٌ من التغيّرات الجسميّة والنفسيّة التي تحدُث في المَرحلة الأخيرة من الحياة، ومن هذه التغيّرات الجسميّة التي تظهر على الفرد الضعف العام في صحته، ونقص القوّة العضليّة لديه، وضعف الطاقة الجسميّة والجنسيّة عنده بشكل عام، وضعف الحواس الذي يبدو واضحاً، وفي هذه المرحلة يُصبح الانخفاض في القُدرات الوظيفيّة والعقليّة والبدنية واضحاً، وبعض الآراء ترى أنّ الشيخوخة هي تغيّرٌ في حياة الإنسان كأيّ مرحلةٍ أخرى كمرحلة الرضاعة، أو الطفولة، أو البلوغ مثلاً، فهي تَطوّرٌ فسيولوجي.

سن الشيخوخة

اختَلَفت الآراء في تحديدِ الوقت الذي تبدأ منه الشيخوخة، إلاّ أن جَميع الدّراسات بيّنت أنّ مَرحلة الشيخوخة تبدأ بظهور أعراض الشيخوخة على الفرد، سواءً الصحية، أم النفسية، أم العقلية؛ فهي لم تُحدّد بزمنٍ أو سنٍّ مُعيّنة، وإنما قد تبدأ في أيّ مرحلةٍ يمر بها الإنسان من مراحل العمر؛ فقُدرات الإنسان بشكلٍ عام تبدأ بالتغير والاختلاف من سن العشرين، وبالتالي فإن السن ليس له دورٌ في الاتفاق على بداية الشيخوخة، وعلى هذا القول فإنّ تعريف الشيخوخة اتّفق الكثيرون على أنها المرحلة العمرية التي تبدأ الوظائف الجسديّة والعقلية فيها بالتدهور بشكلٍ واضح.

مفهوم دور رعاية المسنين

من نِعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان أن جعلَ الدين الإسلامي صالحاً لِكُلّ زَمانٍ ومَكان؛ فهو شاملٌ لجَميع شؤون البشر، لا يَعتريهِ النقصُ ولا التبديل، ومن علامات شموليته، وكمال تعاليمه حِرصه على حفظ الإنسان ورعايته في كلّ مرحلةٍ من مَراحل الحياة التي يمرّ بها، ومنها مرحلة الكهولة، أو الشيخوخة، فاهتمَّ الإسلام به حتى لا يتعرّض فيها للذل أو الهوان؛ ولذلك فقد أسّس الدين مبدأ قوياً عجزت عن توفيره القوانين الوضعية الأخرى، وهذا المبدأ هو مبدأ التكافل الاجتماعي، الذي يشتمل على الفرد والأسرة والمجتمع بأسره، ويعمل هذا المبدأ على تَقديم الرّعاية التامّة للجميع، وانطلاقاً من هذا المبدأ العظيم وُجدت دور رعاية المسنّين.

دار رعاية المسنين هي عبارة عن مبنى للسّكن يتمُّ فيه الاهتمام بكبار السن، الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة، وقد تقبل أيضاً بأقلّ من هذا العمر في حالاتٍ مُعيّنة، وتُقدّم الدار الرّعاية اللازمة لكبار السن من حيث السكن والترفيه، والراحة النفسية، حيث تتوفّر للمُسن فيها الرعاية المنزلية الكاملة، والدعم والعناية الشخصية، ويُمكن تَعريفها بأنّها المؤسّسة السكنية التي تقدّم الرعاية الطبية للمسنّين الذين يبلغون من العمر 65 عاماً، والرعاية غير الطبيّة التي يَحتاجونها.[٧]

مهام وأهداف دور رعاية المسنين

لدور رعاية المسنين مهام وأهداف، منها:[٨]

  • دور المسنين أو دور الرعاية الاجتماعية تستقبل في مَراكزها كبار السّن الذين أعجزتهم الشّيخوخة عن القيام بشؤون أنفسهم أو أعجزهم المرض بسبب إصابةٍ في العقل أو البدن جعلتهم غير قادرين على رعاية أنفسهم.
  • توفير الرّعاية الكاملة للمُسنّين والتي تشتمل على الرعاية الصحيّة، والاجتماعية، والصحية، والنفسية، والعناية الشخصية، وإشغال أوقات الفراغ لدى المسنين ببعض الأعمال اليدوية والفنية، والقيام برحلات ترفيهية للقادرين من أجل دمجهم بالمُجتمع الخارجي.
  • تأمين الإيواء المُناسب الآمن اللائق للمُسن؛ كالمأكل، والمشرب، والملبس، والمسكن، وإدماج المُسنّين بالمُجتمع الخارجي وفي الحياة الاجتماعيّة العامة.
  • مُساعدة المسنين في التغلُّب على المشكلات التي تواجههم، ووقايتهم من الأمراض الناتجة عن الشيخوخة وذلك بالاستعانة بوزارة الصحّة والتعاون معها.
  • الترفيه عن المسنين وذلك بإجراء لقاءات ومعهم، والخروج في رحلاتٍ دينيّة أو ترفيهيّة للقادرين منهم على ذلك.

فيديو لحام العظام

هل كل ما تحمله الشيخوخة معها هو التجاعيد والأمراض؟ ألا تحمل سعادةً أكبر مثلاً؟ شاهد الفيديو لتعرف ذلك :

المراجع

  1. سورة غافر، آية: 67.
  2. سورة الروم، آية: 54.
  3. سورة النحل، آية: 70.
  4. فؤاد عبد المنعم أحمد، حقوق المسنين وواجباتهم (الطبعة الأولى)، السعودية: أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، صفحة 4، جزء 1. بتصرّف.
  5. ^ أ ب خليل إبراهيم عبد الرازق (2016م)، “دور الخدمة الاجتماعية في التخفيف من حدة مشكلة العلاقات الاجتماعية للمسنين”، مجلة جامعة الأقصى، العدد الثاني، المجلد المجلد العشرين، صفحة 7. بتصرّف.
  6. ^ أ ب قسم إحصاءات التنمية البشرية (2013م)، الوضع الاجتماعي والصحي لكبار السن في دور رعاية المسنين (الطبعة الأولى)، العراق: وزارة التخطيط، صفحة 12 – 13 ، جزء 1. بتصرّف.
  7. عبد الرحمن ولجين محمد الأمين (2015م)، دار رعاية المسنين (الطبعة الأولى)، صفحة 18، جزء 1. بتصرّف.
  8. عبد الله الحجاجي، الخدمة الاجتماعية في مجال رعاية المسنين (الطبعة الاولى)، السعودية: جامعة ام القرى، صفحة 3 ، 8، جزء 1. بتصرّف.