كيف بنيت مدينة البندقية

نبذة عن بناء مدينة البندقية

بُنيت مدينة البندقية أو مدينة فينيسيا (بالإنجليزية: Venice) الإيطالية على سطح بحيرة البندقية، ويعود تاريخ الهيكل الحضري الحالي لها إلى أوائل القرن السابع الميلادي، إذ احتاج المهاجرون إليها إلى توسّعة تجمّعات الصيد الموجودة على المسطّحات الطينية والضفاف الرملية فشكّلوا تجمّعات جديدة فوق البحيرة، منها منطقة ريالتو (Rialto) التي تُمثّل قلب ومركز البندقية، والتي ربطت مجموعة كبيرة من الجزر المنفصلة البالغ عددها 118 جزيرة مع بعضها البعض من خلال الجسور والقنوات المائية التي تتفرّع من القناة المائية الكبرى (Grand Canal) ذات الشكل المنحني، إذ بلغ عدد هذه القنوات المائية المتفرّعة نحو 200 قناة مرتبطة فيما بينها ومشكّلة شبكة حضرية واسعة، وقد تمّ فيما بعد تحسين الهيكل العام لبناء المدينة من خلال توسيع مسارات وممرّات المشي على جانبيّ القناة، وتعديل تصميم الشوارع والقنوات والأرصفة.[١]

أساسيات بناء مدينة البندقية

بُنيت مدينة البندقية على أساس خشبي كامل، إذ غرس البناة الأوائل عدداً كبيراً جداً من أعمدة الخشب المتقاربة من بعضها البعض في قاع البحيرة، ثم أعدّوا منصّات مستوية متينة فوقها لتكون قاعدة لمبانيهم، وقد تمّ مراعاة عدم هبوط الأعمدة مع مرور الوقت وزيادة قدرتها على حمل أوزان المباني المبنية فوقها من خلال غرس هذه الأعمدة عميقاً في الطبقات الصلبة من التربة.[٢][٣]

تمّ مراعاة المحافظة على الخشب سليماً طوال هذه السنوات، إذ إنّ الخشب يتعرّض بطبيعته للتعفّن تحت الماء، لذلك فقد استخدم البناة أخشاباً ذات مقاومة عالية للماء مثل خشب البلوط والصنوبر، كما أنّ مياه البحيرة قد جلبت كمية كبيرة من الأتربة التي تخلّلت إلى الخشب تحت الماء وترسّبت عليه عبر السنوات الطويلة ليصبح الخشب مع مرور الوقت ذو طبيعة متحجّرة وصلبة بشكل أكبر، وبالإضافة إلى ذلك فقد ساهم نقص الأكسجين في الماء إلى عدم توفّر الظروف الملائمة لنموّ الكائنات الدقيقة التي تسبّب تعفّن الخشب، ويجدر بالذكر أنّ بحيرة البندقية لم تشتمل على الغابات، لذلك فقد فكان يتمّ جلب الأخشاب اللّازمة للبناء بقوارب كبيرة من مناطق الغابات التي تمثّل الآن أجزاء من دول الجبل الأسود وسلوفينيا وكرواتيا.[٣][٤]

أبعاد بناء مدينة البندقية

تختلف أعماق القنوات المائية في مدينة البندقية نتيجة عدة عوامل، منها: مستويات المدّ، وأعمال الجرف تحت الماء، ولكنّ متوسط عُمق معظم القنوات الفرعية في المدينة يتراوح ما بين 1.5-2م، كما يبلغ متوسط عمق القناة المائية الكبرى نحو 5م، أمّا قناة جيوديككا المائية (Canale della Giudecca) التي تفصل الجزء الرئيسي من البندقية عن جزيرة جيوديككا فيتراوح متوسط عمقها ما بين 12-17م،[٤] ويبلغ طول القناة المائية الكبرى نحو 3.8كم، أمّا عرضها فهو غير ثابت، إذ يختلف من مكان لآخر على طول امتدادها، ولكنّ العرض الأقلّ لها يبلغ 30م، في حين يبلغ أقصى عرض لها ما يُقارب 90م.[٥]

تحديات بناء مدينة البندقية

يواجه بناء مدينة البندقية العديد من التحدّيات والصعوبات المستمرّة الناتجة عن التلوّث، والتغيّرات المناخية، وطبيعة النظام البيئي المعقّد للمدينة، وغيرها العديد من الأمور، وفيما يلي ذكر لأهمّ هذه التحديات:[٦]

  • تؤدّي المياه المالحة القادمة من البحر إلى تآكل جدران الطوب في مباني البندقية مع مرور الوقت.
  • تساهم الموجات غير الطبيعية التي تحدثها القوارب خلال مرورها في قنوات المدينة المائية في تآكل هياكل وجدران المباني، وعلى الرغم من أنّ الجهات المختصّة خفّضت من الحدّ المسموح به لسرعة حركة القوارب، إلّا أنّها ما زالت تُحدث الموجات في المياه، وبالتالي إحداث الضرر في المباني.
  • يؤدّي ارتفاع مستوى المدّ إلى تسرّب المياه إلى أساسات مباني المدينة، وبالتالي إحداث الضرر بالخشب.
  • صعوبة القيام بخدمات الطوارئ كالإسعاف والإطفاء التي تستخدم القوارب للوصول إلى مواقع الحوادث، وذلك بسبب ضيق القنوات المائية، ومحدودية السرعة، والازدحام في حركة القوارب.
  • تساهم ظاهرة الاحتباس الحراري في ارتفاع مستوى المياه بسبب ذوبان الأنهار الجليدية، وبالتالي تعرّض المباني مع مرور الوقت للغرق، إذ تشير الدراسات إلى أنّ المدينة قد غرقت بمقدار 23سم في قرن واحد، و1.5م عمّا أُنشأت عليه.
  • التلوّث المتمثّل في تأثّر المياه في القنوات بالنفايات الصناعية والزراعية الملقاة على مر السنين، إذ تساهم الكميات الكبيرة من الفوسفور والنيتروجين في تحفيز تكاثر الطحالب التي تسبّب رائحة سيئة خاصّة في أشهر الصيف.
  • يساهم الضَخّ العَشوائي للمياه العَذبة من طَبقة المياه الجَوفية العميقة تحت المدينة في غرقها مع مرور الوقت.[٧]

الحلول المقترحة لحماية بناء مدينة البندقية

وضعت الجهات المختصّة في مدينة البندقية العديد من الحلول التي من شأنها التخلّص من مشكلة غرق الأبنية وتضرّرها بسبب ارتفاع منسوب المياه، ولعلّ أهمّ المقترحات هو مشروع الوحدة التجريبية الكهروميكانيكية (Project MOSE)،[٧] وهو عبارة عن نظام دفاعيّ متكامل وظيفته حماية البندقية من الفيضانات، ويتمثّل بوجود ثلاثة حواجز منفصلة موزّعة على المداخل الثلاثة لبحيرة البندقية، إذ يتألّف كلّ من هذه الحواجز من نحو 20 بوابة فردية مفرّغة، وتتمّ الآلية بامتلاء هذه البوابات بالماء خلال الأجواء الهادئة وانخفاض متسوى المدّ لإبقائها في مكانها في قاع البحيرة، أمّا عند ارتفاع المدّ بشكل ملحوظ ومفاجئ فإنّ الماء يُفرّغ من هذه البوابات ويُستبدل بالهواء، وبالتالي ترتفع البوابات إلى الأعلى، وتعمل كحاجز يمنع وصول المياه بمستوى مرتفع إلى المدينة.[٨]

ولمعرفة مزيدٍ من المعلومات حول مدينة البندقية يمكنك قراءة مقال مدينة البندقية في إيطاليا.

المراجع

  1. Roberto Cessi, John Foot, Denis Cosgrove (18-12-2019), “Venice”، www.britannica.com, Retrieved 7-4-2020. Edited.
  2. “how was venice built”, www.livitaly.com,19-7-2017، Retrieved 24-3-2020. Edited.
  3. ^ أ ب ” Venice, Italy “, www.sites.google.com, Retrieved 24-3-2020. Edited.
  4. ^ أ ب Denise Cavallarin (10-1-2019), “How Venice’s canals were built: how was built on water?”، www.venezialines.com, Retrieved 24-3-2020. Edited.
  5. “Everything about the amazing Grand Canal in Venice, Italy [ARTICLE 360° VIDEO“], www.veneziaautentica.com, Retrieved 24-3-2020. Edited.
  6. Robie Benve (13-11-2019), “Venice Is Sinking: Struggles of the City Built on Water”، www.owlcation.com, Retrieved 23-3-2020. Edited.
  7. ^ أ ب John Keahey, ” Weighing the Solutions”، www.pbs.org, Retrieved 23-3-2020. Edited.
  8. Jeff Goodell (5-12-2017), “Rising Waters: Can a Massive Barrier Save Venice from Drowning?”، www.e360.yale.edu, Retrieved 23-3-2020. Edited.