معلومات عن عيد الأضحى والحج
عيد الأضحى والحج
يأتي موسم الحجّ مُتزامناً مع عيد الأضحى الذي يُسمّى أيضاً (عيد النَّحر)؛ وهو اليوم العاشر من شهر ذي الحجّة، وسُمِّي بذلك؛ لأنّ الحُجّاج ينحرون فيه هَدْيهم، ويُسمّى بالأضحى؛ لأنّ المسلمين يتعبّدون لله -تعالى- بعبادة الأُضحية التي ترمز في معناها إلى قصّة نبيّ الله إبراهيم وولده إسماعيل -عليهما السلام-، كما يرتبط هذا العيد بأيّام التشريق التي ترتبط نهايتها بنهاية مناسك الحجّ؛ من طوافٍ، وسَعيٍ، ووقوفٍ في المَشاعر المُقدَّسة، كعرفة، ومِنى، ومُزدلفة، ورَمْيٍ للجمرات كذلك.[١]
معلومات عن عيد الأضحى والحج
عيد الأضحى
يأتي عيد الأضحى بإجماع المُسلمين في اليوم العاشر من شهر ذي الحجّة -كما تقدَّم-، وتُشرَع فيه -بعد طُلوع الشمس بمقدار رُمح- صلاةُ العيد، بحيث تُؤدّى ركعتَين تليهما خطبتَين يفصل الإمام بينهما بالجلوس، وبعد الصلاة تُذبَح الأضاحي، ويُتَصدَّق منها على الفُقراء، والمساكين، ويُسَنّ الاكثار من ذِكر الله -تعالى-، وخاصّةً التكبير، وشُكر الله -تعالى- على نِعَمه بشكلٍ عامّ، وبشكلٍ خاصّ على نِعمة الإسلام،[٢][٣] وهو يوم يحرم الصوم فيه مُطلقاً، كما يحرم صيام أيّام التشريق الثلاثة التي تليه إلّا للحاجّ الذي لم يجد الهَدي، فإنّ صيامها جائز له،[٤] وعيد الأضحى يوم واحدٌ تلحق به أيّام التشريق، وممّا يدُل على ذلك حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (يومُ الفِطْرِ، ويومُ النحرِ، وأيامُ التشريقِ، عيدُنا أهلَ الإسلامِ).[٥][٦]
موسم الحجّ
يُعرَّف الحجّ في اللغة بأنّه: مُطلَق القَصد، أو كثرته من باب التعظيم، أمّا في الاصطلاح، فهو: قَصْد مكان مُخصّص، في زمن مُخصَّص؛ لأداء أعمالٍ مخصوصة؛ أمّا المكان المخصوص، فهو الكعبة، وعرفة، والزمان المخصوص هو أشهر الحجّ؛ وتبدأ من شهر شوّال، وتمتدّ إلى العشر الأوائل من شهر ذي الحجّة،[٧] وعدد الأيّام التي تُؤدّى فيها مناسك الحجّ ستّة أيّام لِمَن يُؤدّيها غير منقوصة، وأوّل هذه الأيام هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجّة؛ والذي يُسمّى يوم التروية، وسُمِّي بذلك؛ لأنّ الحُجّاج كانوا يأخذون الماء من مكّة إلى مِنى وعرفة في ذلك اليوم، ثُمّ يكون اليوم التاسع؛ وهو يوم عرفة، ثُمّ اليوم العاشر؛ وهو يوم النَّحر، ثُمّ اليوم الحادي عشر؛ والذي يُسمّى يوم القرّ؛ لأنّ الحُجّاج يستقرّون فيه بمِنى فلا يجوز لهم الخروج منها، ثُمّ اليوم الثاني عشر؛ والذي يُسمّى يوم النَّفْر الأوّل للحاجّ المُتعجِّل؛ إذ يجب عليه الخروج من مِنى بعد رَمْي الجمرات، ثُمّ اليوم الثالث عشر؛ والذي يُسمّى يوم النَّفْر الثاني؛ وهو اليوم الذي تنتهي فيه مناسك الحجّ.[٨]
أحكام تتعلّق بعيد الأضحى
صلاة العيد
صلاة العيد من السُّنن المُؤكَّدة على كُلّ مُسلمٍ، ومُسلمة، ويبدأ وقتُها بعد طُلوع الشمس بمقدار رُمح -كما ذُكِر سابقاً-، ويمتدّ إلى ما قبل زوال الشمس، وفي حال لم يعلم الناس بالعيد إلّا بعد الزوال، فإنّهم يُصلّونها في اليوم التالي، ولا يُضَحّون إلّا بعد صلاة العيد، وإذا حان وقت الصلاة يُصلّي الإمام بالناس ركعتَي العيد بدون أذانٍ ولا إقامة، وقد اختلف الفُقهاء في عدد التكبيرات التي تكون في كُلّ ركعة على ثلاثة أقوال، بيانها فيما يأتي:[٩][١٠]
- القول الأوّل: يُكبّر الإمام في الركعة الأولى أربع تكبيرات مع تكبيرة الإحرام، وثلاث تكبيرات في الركعة الثانية وتكون بعد الانتهاء من القراءة وقبل الركوع؛ وهو قول الحنفية، وفي رواية عن الإمام أحمد.
- القول الثاني: يُكبّر الإمام في الركعة الأولى سبع تكبيرات مع تكبيرة الإحرام، وستّة تكبيرات في الركعة الثانية بعد القيام من الرُّكوع وقبل البَدء بالقراءة؛ وهو قول المالكية، والحنابلة، واختاره ابن تيمية، ومن المُعاصرين ابن باز.
- القول الثالث: يُكبّر الإمام في الركعة الأولى سبعَ تكبيرات غير تكبيرة الإحرام، وخمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام؛ وهو قول الشافعية، وابن حزم.
وتُسَنّ للإمام قراءة سورة “الأعلى” في الركعة الأولى بعد قراءة “الفاتحة”، وفي الركعة الثانية يقرأ بعد الفاتحة سورة “الغاشية”، ويجوز له أن يقرأ في الأولى سورة “ق”، وفي الثانية سورة “القمر”، كما يجوز له؛ إحياءً للسُنّة، التنويع بينها؛ فيقرأ مرّةً بهذه، ومرّةً أُخرى بتلك، وبعد الصلاة يقوم الإمام، ويخطب بالناس، فيبدأ بحَمد الله -تعالى-، وشُكره، والثناء عليه، والحَثّ على العمل بشَرعه، ثُمّ يحثُّهم على الصدقة، وعلى الأُضحية، ويُبيّن للمُصلّين أحكامها.[٩]
الأضحية
تُعرَّف الأُضحية في اللغة بأنّها: ذَبح الأضاحي في وقت الضُّحى، أمّا في الاصطلاح الشرعيّ، فتُعرَّف بأنّها: ما يُذبَح من الإبل، أو البَقَر، أو الغنم، أو المعز، في يوم العيد؛ تقرُّباً إلى الله -تعالى-،[١١] وقد اختلف الفُقهاء في حُكمها على قولَين، بيانهما فيما يأتي:[١٢]
- القول الأوّل: الأضحية سُنّة مُؤكَّدة؛ وهو قول جُمهور الفُقهاء من المالكيّة في المشهور عندهم، والشافعية، والحنابلة، وفي إحدى الروايتين عن أبي يوسف، وابن المنذر، والصنعاني، ومن المُعاصرين: ابن باز، واللجنة الدائمة، وأكثر أهل العلم؛ واستدلّوا بحديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إذا دخل العشرُ و أراد أحدُكم أن يُضحيَ ، فلا يمسَّ من شعرِه ، و لا من بشَرِه شيئًا)؛[١٣] ذلك أنّ الواجب لا يُعلَّق بالإرادة، كما استدلّوا بفِعل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ إنّ تضحيته عن أمّته وأهله تجزئ عن كلّ مَن لم يُضحِّ؛ متمكِّناً كان، أم لم يكن، واستدلّوا أيضاً بفِعْل بعض الصحابة -رضوان الله عليهم-، كأبي بكر، وعُمر، وابن عبّاس؛ إذ كانوا لا يُضحّون؛ خوفاً من أن يَستنَّ الناس بِهم.
- القول الثاني: الأضحية واجبة على القادر؛ وهو قول الحنفية، وأحد الأقوال عند المالكية، وابن تيمية، والشوكانيّ، ومن المُعاصرين ابن عثيمين؛ واستدلّوا بقول الله -تعالى-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)،[١٤] ولهذا يَرَون أنّ الله -تعالى- أمرَ بالنَّحْر؛ وهي الأُضحية، والأمر يفيد الوجوب.
أحكام تتعلّق بالحجّ في أيّام العيد
أعمال الحاجّ يوم النَّحر
يؤدّي الحاجّ في يوم النَّحر مجموعة من الأعمال؛ إذ يُسَنّ أن يبدأ برَمْي جمرة العقبة وقت الضُّحى من يوم العيد، ثُمّ يذبح الهَدْي إن كان عليه هَدْي، ثُمّ يحلق أو يُقصّر من شعره والحَلق أفضل، ثُمّ يطوف، ويسعى، إن كان مُتمتِّعاً، أمّا القارن والمُفرد فلا يُكرّر سَعيه إن كان قد سعى بعد طوافه للقدوم، وإن قدَّمَ الحاجّ بعض هذه الأعمال على بعض، فحجّه صحيح، ولا شيء عليه.[١٥]
أعمال الحاجّ أيّام التشريق
يرجع الحاجّ في أيّام التشريق من مكّة إلى مِنى؛ ليبيت فيها ليلة الحادي عشر، والثاني عشر، ويُعَدّ هذا المَبيت من واجبات الحجّ إلّا من استُثنِي من ذلك، ثُمّ يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال، فيرمي كُلّ جمرة بسبعِ حَصَيات، ويُكبّر مع كُلّ حصاة، والحِكمة من رَمي الجِمار إقامة ذِكر الله -تعالى-؛ فيبدأ برَمْي الجمرة الأولى بسبع حَصيات، ثُمّ يرمي الجمرة الوُسطى، ويقف بعدهنّ ويرفع يدَيه، ويدعو، ثُمّ يرمي جمرة العقبة، ولا يقف ولا يدعو عندها، ومَن عَجِز عن الرَّمي؛ لكِبَر، أو مرض، أو غيره، فيجوز له أن يُوكِلَ غيرَه بالرَّمْي عنه، وأفضل وقتٍ للرَّمي قبل الغروب، علماً أنّ بعض العُلماء أجازوا الرَّمْي ليلاً، أمّا مَن كان مُتعجِّلاً، فإنّه يرمي في يومَين فقط، ويجب عليه أن يخرج من مِنى قبل مغيب الشمس، وإن تأخّر بسبب الزحام فلا بأس بخُروجه من مِنى بعد المغيب، وفي حال كان الحاجّ مُتمتِّعاً، أو قارناً، ولم يستطع ذَبح الهَدي، فعليه صيام ثلاثة أيّام في الحجّ، وسبعة إذا رجع إلى بلده، والأفضل أن يصوم الأيّام الثلاثة قبل يوم عرفة، أو في أيّام التشريق.[١٦]
آداب عيد الأضحى والحجّ
آداب عيد الأضحى
هناك العديد من الآداب التي يُسَنّ أداؤها في عيد الأضحى، ومنها ما يأتي:[١٧]
- ارتداء الجميل من الثياب؛ لفِعل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، كما ورد عن ابن عباس، إذ قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يلبسُ يومَ العيدِ بردةً حمراءَ).[١٨]
- الخُروج إلى صلاة العيد، وإقامتها في المُصلّى خارج المسجد، ويُسَنّ للرجل إخراج نسائه، وأطفاله معه؛ ليشهدوا الصلاة.
- تأخير الأكل إلى ما بَعد صلاة العيد؛ ليأكلَ المُضحّي من أُضحيته؛ فقد كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لا يأكُل يوم الأضحى حتى يرجع من صلاة العيد.
- الخُروج إلى صلاة العيد من طريق، والرجوع إلى البيت من طريقٍ آخر، وقد ورد ذلك عن النبيّ- عليه الصلاة والسلام-؛ إذ كان يُخالف في الطريق يوم العيد.
آداب الحجّ
هناك العديد من الآداب التي تنبغي على الحاجّ المُحافظة عليها، ومن هذه الآداب ما يأتي:[١٩]
- إخلاص الحجّ لله -تعالى-، فيقول الحاجّ: “اللهمّ هذه حجّة لا رِياء فيها ولا سُمعة”.
- الابتعاد عن المعاصي، كشُرب الدخان، أو شِرائه، أو لَمس النساء والنَّظَر إليهنّ، أو إيذاء المُصلّين بتخطِّي رِقابهم، أو المرور من أمامهم.
- التلطُّف بِمَن يُحيطون به من الطائفين، والحُجّاج.
- التمهُّل في الصلاة، مع اتِّخاذ سُترةٍ للصلاة إذا كان المُصلّي مُنفرداً، أمّا إن كان المُصلّي في جماعة، فُسترة الإمام تكفيه.
- الحذر من التوجُّه إلى غير الله -تعالى- بالدعاء، كالتوجُّه إلى الأموات؛ لأنّ ذلك من الأعمال التي تُحبط الأجر.
- اختيار الصُّحبة الصالحة، وتحمُّل أذى الآخرين.
المراجع
- ↑ محمود السيد الدغيم، “عيد الأضحى المبارك وصداه في الرسائل والقصائد وما فيها من التهاني والتعازي”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2020. بتصرّف.
- ↑ اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ، فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية، الرياض: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء – الإدارة العامة للطبع، صفحة 145-146، جزء 7. بتصرّف.
- ↑ “هل يَخطب في العيد خطبتين أو خطبة واحدة ؟”، www.islamqa.info، 28-9-2008، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2020. بتصرّف.
- ↑ “حكم صيام أيام التشريق”، www.islamqa.info، 31-12-2006، اطّلع عليه بتاريخ 29-6-2020.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عقبة بن عامر، الصفحة أو الرقم: 8192، صحيح .
- ↑ “عدد أيام العيدين، والأحاديث الدالة على إظهار السرور فيهما”، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2020. بتصرّف.
- ↑ وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 2064-2065، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، شرح كتاب الجامع لأحكام العمرة والحج والزيارة، صفحة 8، جزء 18. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف، الموسوعة الفقهية، صفحة 178 – 182 ، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ أحمد إسكينيد، “الجواب السديد لمن سأل عن تكبيرات صلاة العيد”، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 4-5-2020. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة، السعوديّة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، صفحة 192، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ عَلوي بن عبد القادر السقاف، الموسوعة الفقهية، صفحة 342-344، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أم سلمة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 520، صحيح.
- ↑ سورة الكوثر، آية: 2.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبدالله التويجري (2009)، موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، السعودية: بيت الأفكار الدولية، صفحة 335، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سعيد بن علي بن وهف القحطاني، العمرة والحج والزيارة في ضوء الكتاب والسنة – فضائل، وآداب، وأحكام، وأدعية جامعة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 90-94، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ حسين بن عودة العوايشة، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة الأولى)، عمان: المكتبة الإسلامية ، صفحة 401-402، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ رواه الهيثمي، في مجمع الزوائد، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2/201، رجاله ثقات.
- ↑ محمد بن جميل زينو، توجيهات إسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع (الطبعة الأولى)، السعودية : وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 78-79، جزء 1. بتصرّف.