أمحلتي سلمى بكاظمة أسلما – الشاعر البحتري

أمَحلّتَيْ سَلمَى، بكاظمةَ، أسلَما،
وَتَعَلّمَا أنّ الجَوَى ما هِجْتُمَا
هَلْ تَرْوِيَانِ، منَ الأحبّةِ، هائماً،
أوْ تُسعِدَانِ، على الصّبَابَةِ، مُغرَمَا
أبكيكُما دَمعاً، وَلَوْ أنّي عَلَى
قَدَرِ الجَوَى أبكي بكَيتُكُما دَما
أينَ الغزَالُ المُستَعِيرُ مِنَ النّقَا
كَفَلاً، وَمنْ نَوْرِ الأقاحي مَبسِما؟
ظَمِئَتْ مَرَاشِفُنَا إلَيهِ، وَرَيُّهَا
في ذلكَ اللَّعَسِ المُمَنَّعِ واللَّمَى
مُتَعَتِّبٌ في حَيثُ لا مُتَعَتَّبٌ،
إنْ لمْ يَجدْ جُرْماً عَليَّ تَجَرّما
ألِفَ الصّدُودَ، فَلَوْ يَمُرُّ خَيالُهُ
بالصّبّ في سِنَةِ الكَرَى، ما سلّما
خُلّفتُ بعدَهُمُ أُلاحِظُ نِيّةً
قَذَفاً، وأنْشُدُ دارِساً مُتَرَسَّمَا
طَلَلاً أُكَفْكِفُ فيهِ دَمعاً مُعرِباً
بدَمٍ وأقرَأُ فيهِ خَطّاً أعجَمَا
تأبَى رُبَاهُ أنْ تُجيبَ، وَلم يكنْ
مُستَخبرٌ ليُجيبَ حَتّى يَفْهَمَا
ألله جارُ بَني المُدَبِّرِ، كُلَّما
ذُكرَ الأكارِمُ ما أعَفَّ، وأكرَمَا
أخَوَانِ في نَسَبِ الإخَاءِ لعِلّةٍ،
بَكَرَا، وَرَاحَا، في السّمَاحَةِ، توْءَما
يَسْتَمْطِرُ العافُونَ، منْ نَوْأيهِما، الـ
ـشِّعرَى العَبُورَ غَزَارَةً، والمِرْزَمَا
غَيثانِ، أصْبحتِ العرَاقُ لوَاحِدٍ
وَطَناً، وَغرّبَ وآخَرٌ ، فتَشَأمَا
وَلَوَ أنّ نَجدَةَ ذاكَ، أوهذا لنَا
أمَمٌ، لأدرَكَ طالِبٌ ما يَمّمَا
قد كانَ آنَ لمُغمَدٍ أنْ يُنتَضَى
في حادِثٍ، وَلغائِبٍ أنْ يَقْدُما
إنّي وَجَدْتُ لأحمَدَ بنِ مُحَمّد
خُلُقاً، إذا خَنَسَ الرجالُ، تَقَدّما
مُتَقَلْقِلُ العزَماتِ في طَلَبِ العُلاَ،
حتى يكونَ، على المَكَارِمِ، قَيّما
المُسْتَضَاءُ بوَجْهِهِ وَبِرَأيِهِ،
إنْ حَيرَةٌ وَقعت وَخَطبٌ أظلَمَا
ألقَى ذِرَاعَيْهِ، وأوْقَدَ لحظَهُ
بدِمَشقَ، يَعتَدُّ النّوَائبَ أنْعُمَا
مُستَصغِرٌ للخَطبِ يَجمَعُ عََزْمَهُ
لُملِمّةٍ، حتّى يَرَى مُستَعْظَمَا
تَقَعُ الأُمُورُ بجَانِبَيْهِ،كأَنّمَا
يَبْغِينَ رَضْوَى أو يرُمنَ يَرَمْرَمَا
كَلِفٌ بجَمعِ الخَرْجِ، يُصْبحُ لُبُّهُ
مُتَفَرِّقاً في إثْرِهِ، مُتَقَسَّمَا
شَغَلَ المُدافعَ عَن مَحَالَةٍ كَيدِهِ،
وأذَلّ جَبّارَ البِلادِ الأعْظَمَا
بَخَعُوا بحَقّ الله في أعناقِهِمْ،
لَمّا أُتَيحَ لَهُمْ قَضَاءً مُبرَمَا
لمْ يَغْبَ عن شيءٍ فيَظْلمَُه، وَلمْ
يَأْبَِ الذي حَدّ الكِتابَ، فيَظلِمَا
أبْلِغْ أبا إسحاقَ تُبْلِغْ لاغِباً
في المَكْرُمَاتِ مُعَذَّلا وَمُلَوَّمَا
تأْبي طَلاَقَتَكَ التي أجْلُو بها
نَظري إذا الغَيمُ الجَهَامُ تجَهّمَا
وَقديمُ ما بَيْني وَبَيْنَكَ، إنّهُ
عَقْدٌ، أُمِرَّ على الزّمانِ، فأُحكِما
كنتَ الرّبيعَ، فلا العَطاءُ مُصرَّداً
مِمَّا يَليكَ، ولا الإخَاءُ مُذَمَّما
فالدّهْرَ يَلْقاني لسَيْبِكَ شاكِراً،
إذْ كُنتُ لا ألقاكَ إلا مُنْعِمَا
قد طَالَ بي عَهدٌ وَهَزّ جَوَانحي
شَوْقٌ، فجئتُ من الشّآمِ مُسَلِّمَا