خواطر من القلب للقلب
انهل من حكمة الأمواج ما تستطيع، فهي منذ بداية التّكوين تصارع الشطآن ولا تزال ولن تكف.
لماذا نوصّي كاتمي أسرارنا بالتكتّم عليها في حين لا نستطيع أن نطبق ذلك على أنفسنا، ألن يوصوا أحداً بدورهم؟!
البحر لا يفعل ذلك مطلقاً، فإن حاول السر التمرّد على كاتمه العظيم، أبت السماء وأسقطت وابلاً من المطر، فتصرعه إلى الأعماق، وإن حاولت العواصف استجوابه عنوة، أثارت غضب السّماء، فانهالت عليه الصواعق، ما عجّل نهاية العواصف، وأضاء ليل البحر المظلم رغم الغيوم الملبدة.
البحر يدعوك في أيّ وقتٍ للجلوس أو المشي بخطى خفيفة الظل برفقته، فبعض الوقت معه يبعث الروح من العدم، بتمايل أمواجه الزرقاء والبيضاء، واصفرار رماله المائلة للبياض، إنه جنة الأرض.
يقول البعض:” لابدَّ أن نتعلم من أخطاء الغير وتجاربهم، وخصوصاً من آبائنا”، إلا بني آدم، فآدم اتّبع هواه، وأكل ثمرة التفاح، ونحن لا ننفك نحذو حذو أبانا جميعًا، أبي البشرية جمعاء، آدم، ولا ننفك نهبط من جنةٍ إلى أرض أبعد وأبعد، وحواء تنال شهادات الشرف منّا على ذلك، فهي مهنتها منذ بداية الخليقة. لا بدّ أن يكون يوم الحساب عسيراً.
لم أكن أحسب هذي السطور مهجعي في قيامي وسكون النفس في عنفوانها، تستطيع أن تحمل في طياتك قدر المستطاع من أحمالي، طالما أن الفراغ موجود، وبين السطور أترك تعابير سطوري حتى أمنحك مساحة بيضاء من سواد قلمي.
وعد من الشيطان بأن الأمور ستكون على ما يرام، نجوم الملاحة لا ترشدني إلى الطريق الصحيح، تائه في البحر، تحت رحمة الله ثم الأمواج المتخبطة.
تنافر الأرواح، شحنات سالبة مسيطرة، نزاع القلب مع ألمه، نزاع العقل مع العقول ينهك، استراحة المقاتل وسلام الذات، بعض السكينة مبتغى المرحلة، العاقبة الأخلاقية تجدد قيادتها للدفة، الأشرعة تتمزق ذاتياً، المدافع تعبأ بالبارود من تلقاء نفسها، لا هدف محدد للإطلاق سوى الأفق المسالم.
وحده الخير النابع من القلب، قادرٌ على بلوغ أي مكان، وأي قلب.
أينما حلّت عظام الأولين كان الوطن، أينما كانت بقايا العاشقين كان الوطن، أينما دوى رصاص الثائرين كان الوطن، أينما سقطت على جثث الرجال زهور الياسمين كان الوطن.
من السهل علينا أن نتباهى بالتسامح والغفران، حتى يتوجب علينا أن نفعل ذلك.
لا تسامح بسهولة، لا تغفر بسرعة، اكره، لن تشعر بداخلك يعذبك ويثير استياءك، سيخيل إليك أنك خيراً تصنع، ويجب عليك أن تسعد فيما صنعت.