عهدي بربعك مثلا آرامه – الشاعر البحتري

عَهْدِي بِرَبْعِكَ مُثَّلاً آرَامُهُ
يُجْلَى بِضَوْءِ خُدُودِهِنَّ ظَلاَمُهُ
إِلْمَامةً بالدَّارِ ، إِنَّ مُتَيَّماً
يَكْفِيهِ أَكْثَرَ شَوْقِهِ إِلْمَامُهُ
أَمْسَى يُصرِّمُ في جَوانِحِهِ الجَوى
بَرقٌ يَشُبُّ مع العَشِيِّ ضِرَامُهُ
لَيْلٌ يُصَادِفُنِي ومُرْهَفَةَ الحَشَا
ضِدَّيْنِ ، أَسْهَرُهُ لَهَا وتَنَامُهُ
مَحْجُوبَةٌ ، فإِذا بَدَتْ فَكأَنَّها
بَدْرُ السَّماءِ تَمَامُهُ ومَرامُهُ
وَلَقَدْ لَقِيتُ ، فما انْتَفَعْتُ ضَحِيَّةً
بِلِقاءِ مَِنْ لا يُسْتَطَاعُ كَلاَمُهُ
ومُسَلِّمٍ يَوْمَ الوَداعِ ، شِفَاؤُهُ
مِمَّا يُعَانِي أَنْ يُرَدَّ سَلاَمُهُ
سُقِيَ اللِّوَى حَوْذَانُهُ ، وعَرَارُهُ ،
وسَيَالُهُ ، وأَراكُهُ ، وبَشَامُهُ
فَلَرُبَّ عَيْشٍ بالِّلوَى لم تُسْتَزَدْ
حُسْناً لَيَالِيهِ ولا أَيّامُهُ
مَنْ مُبْلغٌ عنِّي الوَزِيرَ وإِنْ أَتَى
مِنْ دُونهِ خَرْقٌ يَمورُ ظَلامُهُ
أَنَّ الوَفَاءَ كَعَهْدِهِ لم يُنْتَقَضْ ،
والشُّكْرَ وَافِيَةٌ لهُ أَقْسَامُهُ
أَجْمَمْتُ نَائِلَهُ وَلَيْسَ بِزَائدٍ
في بَحْرِ دِجْلةَ إِذْ طَمَا إِجْمامُهُ
ولَبِثْتُ عَنْهُ لَبْثَ مُؤثِرِ راحَةٍ
لَقِيَتْهُ مِنْ بعدِ العِرلقِ شَآمُهُ
ونَوَافِلٌ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ محمَّدٍ
أَعْتَامُ مِنْهُنَّ الَّذي أَعْتَامُهُ
خَلَفَتْ يَدَيْك يَدَاهُ فيَّ ، وإِنَّما
هُوَ وَبْلُهُ ، ورَذَاذُهُ ، ورهَامُهُ
مُغْلٍ رِقَابَ المَكْرُماتِ بِسُؤْدُدٍ
يَبْتَاعُهُ أَو سُؤْدُدٍ يَسْتَامُهُ
كَافٍ إِذَا أَلْقَى المُهِمَّ بِرَأْيهِ
بَدْءًا سَواءٌ عَزْمُهُ وحُسَامُهُ
وَوَلِيُّ مَأْثَرَتَيْنِ ، لا أَرْمَاحُهُ
طَاشَتْ عَوَامِلُها ولا أَقلامُهُ
بَدْءَاتُهُ بِنَوَالِهِ إِغْنَاَؤْنا
مِن عُدْمِنَا ، وسُؤَالُنا إِعْدَامُهُ
مُلْقٍ يَدَيْهِ إِلى ابْتِنَاءِ مَكَارِمٍ
تَنْسَى وتَذْكُرُ ما بَنَى بِسْطامُهُ
وبَدِيهَةٍ مِنْ طَوْلهِ لم تُرتَقَبْ
وَافَاكَ مُبْتَدِئاً بِهَا إِنْعَامُهُ
كالسَّيْلِ أَصْبَحَ فِي ذَرَاكَ أَتِيُّهُ
والصُّبْحِ مُصْحٍ ما يُحَسُّ غَمَامُهُ
أَرْضَاهُ كُفْءَ مُلِمَّةٍ تَعْطُو لَهَا
يَدُهُ ، ويَهْتِكُ هَوْلَها إِقدامُهُ
وإِذا الصَّدِيقُ نَبَا عَليَّ تَلَوِّياً
لم يَنْبُ مُعْتَدِلُ الطَّرِيقِ مُقَامُهُ
ولَقَدْ أَرَادَ بِيَ العَدُوُّ تَهَضُّماً
فأَبَاهُ آبي الضَّيْمِ حِين يُسَامُهُ
أَنْسَاهُ إِذْ الْقَى الزَّمَانُ بِسَاحَتِي
خَطْباً يَخَافُ تَمَامُهُ ودَوَامُهُ
وقيَامُهُ دُونِي إِذا الْتَقَتِ العِدَى
قَصْدي ، وإِذْ لَجَإِي الحَرِيزُ قِيامُهُ
أَمْرٌ تَوَلَّى حَمْدُهُ وثَنَاؤُهُ ،
وأَبَذَّ قَوْماً ذَمهُ وأَثَامُهُ
مُتَبَيِّنٌ لِلْحَقِّ قَبْلَ وقُوعِهِ ،
هَضَّامُ جانِبِ مالِهِ ، ظَلاَّمُهُ
وَرَأَيْتُ مَعْرُوفَ الكَرِيمِ يَزِينُهُ
تَعْجيلُهُ عن وَقْتِهِ وتَمَامُهُ
ودَليلُ عَامِ الخَصْبِ عِندَ مُجَرِّبٍ
تَبْكِيرُ أَوَّلِ زَهْرِهِ وتُؤَامُهُ