ما تقضى لبانة عند لبنى – الشاعر البحتري
ما تُقَضّى لُبَانَةٌ عِنْدَ لُبْنَى،
والمُعَنّى بالغَانِيَاتِ مُعَنّى
هَجَرَتْنا يَقظَى، وكادتْ، على عا
دَاتِهَا في الصّدودِ، تهجرُ وَسنَى
بَعدَ لأيٍ، وَقَد تَعَرّضَ مِنْهَا
طائفٌ طافَ بي على الرّكبِ وَهْنَا
تَتَثَنّى حاجاتُ نَفْسي اتّباعاً
لقَضِيبٍ، في بُرْدِهَا، يَتَثَنّى
قَدْكِ منّي، فما جوَى السّقمِ إلاّ
في ضُلوعٍ على جَوَى الحبّ تُحنى
لَوْ رَأتْ حادِثَ الخِضَابِ لأنّتْ،
وأرَنّتْ مِنِ احْمِرَارِ اليُرَنّا
خِلْتُ جَهْلاً أنّ الشّبَابَ، على طو
لِ اللّيَالِي، ذخيرَةٌ ليسَ تَفنَى
وأرَى الدّهْرَ مُدْنِياً ما تَنَاءَى
لِضِرَارٍ، وَمُبْعِداً ما تَدَنّى
كَلَفُ البِيضِ بالمُغَمِّرِ قَدْراً،
حينَ يَكْلَفْنَ، والمُصَغِّرِ سِنّا
يَتَشَاعَفْنَ بالغَرِيرِ المُسَمّى
من فَتَاءٍ، دونَ الجَليلِ، المكنّى
مُغْرَمٌ بالمُدامِ، أُتْرِعُ كاساً
ساطِعاً ضَوْءُها، وأَنْزِفُ دَنّا
حَيثُ لا أرْهَبُ الزّمَانَ وَلاَ أُلـْ
ـقي إلى العاذِلِ المُكَثِّرِ أُذْنَا
يَزْعُمُ البِرَّ في التّشَدّدِ والأسْـ
ـمَحُ أَحْجَى لأَِنْ يُبَرّ وَيُدْنَى
يَخْتَشِي زَلّةَ الخِطَارِ، وأرْجُو
عَوْدَةً مِنْ عوَائِدِ الله تُمْنَى
لمْ تَلُمْني أنّي سَمَحتُ، ولكنْ
لُمْتَ أنّي أحْسَنْتُ بالله ظَنّا
إنْ تُعَنِّفْ عَلى السَّمْاحِ فَلاَ تَعْـ
ـدُ عَلِيّاً مُسَيَّراً، أوْ مُبِنّا
هُوَ أجْنَى بِمَا يُنَوَّلُ مِنْ أنْ
يَتعَدّى لاحِيهِ، أوْ يَتَجَنّى
يَهَبُ النّائِلَ المُثَنّى وَلاَ يَسْـ
ـتأنِفُ الكَيدَ في العدوّ المُثَنّى
عَمَّ مَعْرُوفُهُ فألْحَقَ فِينَا
بعُمومِ المَعْرُوفِ مَنْ لَيسَ مِنّا
عَبّدَتْهُ الحُقُوقُ والحُرُّ مَنْ أصْـ
ـبَحَ عَبداً في طاعَةِ الجُودِ قِنّا
وَتأبّى مِنْ أنْ يُقَالَ كَرِيمٌ
لِسوَاهُ، إلاّ شَحَاحاً وَضِنّا
عَزَماتٌ، إذا قَسَطْنَ على الدّهـ
ـرِ رَآهُ، أوْ عَدّهُ، الدّهْرُ قِرْنَا
يَتَأنّى بُغَى التّعَجّلِ، والأعْـ
ـجَلُ في بَعْضِ شأْنِهِ مَنْ تَأنّى
مُدْرِكٌ بالظّنُونِ ما طَلَبُوهُ
بِفُنُونِ الأخْبَارِ فَنّاً، فَفَنّا
لا تُرِدْ عِنْدَ مَنْ تَخَيّرَ رأياً،
واطْلُبِ الرّأيَ عندَ مَنْ يَتَظَنّى
وَدّ قَوْمٌ لَوْ ساجَلُوهُ، وَلَوْ سُو
جِلَ قَدْ خَابَ جاهِلٌ، وَتَعَنّى
مِن تَمَنّي الحصِيفِ، عندَ التَمَنّي،
أنْ يكونَ الخِيَارُ فيمَا تَمَنّى
رَدّ ملْكَ العِرَاقِ عَفْوَاً إلَيْهَا،
فَرَسَا في رِبَاعِهَا، واطْمَأنّا
كم مُعَزًّى عَنهُ، وَقد سارَ عنها،
عَادَ في عَوْدِهِ إلَيْهِ مُهَنّا
يُرْذَلُ البَحرُ في بُحُورِ بَني الفَـ
ـيّاضِ إذْ جِشْنَ بالنّوَالِ، ففِضْنَا
وَاسِطُوا سُؤدَدٍ، فلَيسَ يُنَادَوْ
نَ إلى المَجْدِ مِنْ هُنَاكَ وَهُنّا
نَزَلْوا رَبْوَةَ العِرَاقِ ارْتِيَاداً،
أيُّ أرْضٍ أشَفُّ ذِكْراً، وأسنَى
بَينَ دَيْرِ العَاقُولِ مُرْتَبَعٌ يُشْـ
ـرِفُ مُحْتَلُّهُ إلى دَيْرِ قُنَّى
حَيثُ باتَ الزّيتونُ من فَوْقِهِ النّخْـ
ـلُ، عَلَيهِ وُرْقُ الحَمامِ تَغَنّى
ما المَساعي، إلاّ المَكَارِمُ تُرْتَا
دُ، وإلاّ مَصَانِعُ المَجدِ تُبْنَى
والكَرِيمُ النّامي لأصْلٍ كَرِيمٍ
حَسنٌ في العُيُونِ، يَزْدادُ حُسْنا