ما جو خبت وإن نأت ظعنه – الشاعر البحتري
ما جَوُّ خَبْتٍ، وَإنْ نأتْ ظُعُنُهْ،
تارِكَنا، أو تَشُوقَنَا دِمَنُهْ
يَعُودُ للصَّبّ بَرْحُ لَوْعَتِهِ،
إنْ عاوَدَ الصَّبَّ في دَدٍ دَدَنُهْ
إِذَا اسْتَجَدَّتْ دَاراً تَعَلَّقَها
بالإْلْفِ حَتَّى كَأَنَّها وَطَنُهْ
تَالله ما إنْ يَني يُدلِّهُنَا
سرُورُ هذا الغَرَامِ، أوْ حَزَنُهْ
متى عَدِمتُ الجَوَى أُعَارِكُهْ،
مُعيدَ لحظٍ، مَكرورَةٍ فِتَنُهْ
يَفْتَنُّ فيهِ الهَوَى، إذا ثَقُلَتْ
مأكَمَتَاهُ، وَخَفّ مُحتَضَنُهْ
أبْقِ على القَلْبِ مِنْ تَتيّمِهِ،
وأيُّ مُسْتَغْلِقِيهِ يَرْتَهِنهُ
و َرُبّ صَابي نَفسٍ إلى سَكَنٍ،
يَسُوم إتْوَاءَ نَفْسِهِ سَكَنُهْ
يَغترُّ بالّدهرِ ذو الإضَاعةِ، وَالدّهـ
ـرُ عَدوٌّ، مَطلُولَةٌ إحَنُهْ
في زَمَنٍ رَنّقَتْ حَوَادِثُهْ،
أشْبَهُ شيءٍ بحَادِثٍ زَمَنُهْ
رَضِيتُ مِنْ سَيّءِ الزّمانِ بأنْ
يَعْشُرَهْ، غَيرُ زَائِدٍ حَسَنُهْ
يُحبَى الأتَاوَى من شُكرِنا مَلِكٌ،
مَعْقُودَةٌ في رِقَابِنَا مِنَنُهْ
تَصْنَعُ صَنْعَاؤه لَهُ شَرَفاً،
لمْ تَتَأخّرْ عَنْ مِثْلِهِ عَدَنُهْ
عَلَتْ يَدٌ لْلعلاَء مُفَضَّلَةٌ
كمَا تُعَلّى مِنْ عَارِضٍ مُزُنُهْ
إنْ هَزّه المَادِحُونَ سامَحَهُمْ
فَرْعٌ مِنَ النّبْعِ، طَيّعٌ فَنَنُهْ
تَكْرُمُ أَذْوَاؤُهُ إِذا جَعَلَتْ
تَحْظُرُهَا قُصْرَةُ لَهُ يَمَنُهْ
وِزَارَتَاهُ فيما نُشَاهِدُ أَو
نُوَاسُهُ في القَدِيمِ أَو يَزَنُهْ
سَاقَ أُمُورَ السّلطانِ يَسلُكُها
نَهجاً من الرُّشدِ، وَاضِحاً سَننُهْ
يَغبَى رِجالٌ عَنها، وَقد ضُرِبتْ
،مُحيطَةً مِنْ وَرَائِها، فِطَنُه
إنْ شَذّ عَنْ عَيْنِهِ مُغَيَّبُها،
كانَتْ وَفَاءً مِنْ عَيْنِهِ أُذُنُهْ
إنْ خاتَلَتْهُ الرّجالُ مِنْ خَمَرٍ،
فَسِرُّه المُسْتَشَارُ لا عَلَنُهْ
والسّيفُ في نَصْلِهِ خُشونَتُهُ،
لَيسَ التي يَستَعِيرُها سَفَنُهْ
نَذُمُّ عَجْزَ العُقُولِ عَنْ خَطَرٍ
نَكيلُه بالعُقُولِ أوْ نَزِنُهْ
يَشْرَهْ حِرْصاً، حتّى يَثُوبَ له
ذُخْرٌ، منَ المُغلِياتِ، يَخْتَزِنُهْ
لا يَتَأنّى العَدُوَّ يُمْهِلُهْ،
وَلاَ يُبَادي الصّديقَ يَمْتَهِنُهْ
أُذْكُرْ هَداكَ الإلَهُ أغْثَرَ لا
يُغْسَلُ بالبحرِ طامِياً دَرَنُهْ
إبنَ وَضِيعٍ منَ اليَهُودِ إذا استُنْـ
ـطِقَ لمْ يَرْتَفِعْ بهِ لَسَنُهْ
تَرَبّبَتْهُ قُرَى السّوَادِ، وَلمْ
تُبنَ عَلى أُمّهَاتِهِ مُدُنُهْ
ألْكَنُ مِنْ عُجمَةِ البلادِ، إذا
أرَادَ مِنْهُ يُقالُ قالَ: مِنُهْ
لِم يَضْرِبِ الهُرْمُزَانُ فيهِ ، ولا
مَارَمَّةٌ خَالُهُ ولا خَتَنُهْ
أَدَّى إِلَيْنَا خِنْزِيرَ مَزْبَلَةٍ
فَاحِشَةً إِنْ عَدَدْتُها أُبَنُهْ
إِذا الْتَقَى والشُّرُوطُ أَقْبَلَ قُبْلَ
الأَرْضِ حَتَّى يُصِيبَها ذَقَنُهْ
أُنْظُرْ إلى الأصْهبِ العَنَطْنَطِ مِن
مُعَلِّليهِ، فَعِنْدَهُ شَجَنُهْ
أفْرَطَ إدْلالُهُ، وَطَالَ عَلى
سُخْطِكَ من أفْنِ رأيهِ وَسَنُهْ
وَكَمْ جرِىءٍ على عِنادِكَ قَدْ
عَادَ هُزَالاً، في مَتنِهِ سِمَنُهْ
وَغْدٌ، يَعُدُّ الإِفْضَالَ يُمنَحُهْ
حِقْداً على المُفضِلينَ، يَضْطَغِنُهْ
لمْ يَعْبَ للنّعمَةِ الجَزَاءَ، وَلمْ
يَقدُرْ جَليلَ المَعْرُوفِ ما ثَمَنُهْ
يَسرِقُكَ الشُّكرَ، ثمّ أنتَ عَلى
سَيحِ دُجَيلٍ، والسَوسِ، تأتمِنُهْ
وَلمْ أجِدْ قَبْلَهُ قَصِيرَ يَدٍ،
فازَ بِمَالِ الأهْوَازِ يَحتَجِنُهْ
مَا رَابَ رَأيٌ، إلاّ جَعَلْتُكَ ميـ
ـزَاناً علَيهِ، في الحَزْمِ أمتَحِنُهْ
وَما اختِيارِيَ جاراً سَوَاكَ سَوى العَجـ
ـزِ، أجَنّتْ رَوِيّتي جُنَنُهْ
إنّ المُوَلّي عَنكُمُ، وَمُهْجَتُهُ
فيكُمْ، لَعَانٍ وَثيقَةٌ رُهُنُهْ
لَهُ إلَيْكُمْ نَفْسٌ مُشَرِّقَةٌ،
إنْ رَاحَ عَنكُمُ مُغَرِّباً بَدَنُهْ
والبُعْدُ، إنْ تاجرَ المَشُوقُ بهِ،
قَيْضٌ من القُرْبِ بَيّنٌ غَبَنُهْ