ألا هل أتاها بالمغيب سلامي – الشاعر البحتري
ألا هَلْ أتَاهَا، بالمَغِيبِ، سَلاَمي،؟
وَهَلْ خَبَرَتْ وَجدي بها وَغَرَامي؟
وَهَلْ عَلِمَتْ أنّي ضَنِيتُ، وَأنّها
شِفَائيَ مِنْ دَاءِ الضّنَى، وَسَقَامي
وَمَهْزُوزَةٍ، هَزَّ القَضِيبِ، إذا مشتْ
تَثَنّتْ على دَلٍّ، وَحُسْنِ قَوَامِ
أحَلّتْ دَمي من غيرِ جُرْمٍ، وَحرّمتْ
بلا سَبَبٍ، يوْمَ اللّقَاءِ، كَلامي
فِداؤكِ مَا أبْقَيْتِ مِنّي، فإنّهُ
حُشَاشَةُ نَفْسٍ في نحُولِ عِظامي
صِلي مُغْرَماً قد وَاصلَ الشّوْقُ دَمْعَهُ
سِجاماً على الخَدّينِ، بَعدَ سِجامِ
فَلَيْسَ الّذي حَلّلْتِهِ بِمُحَلَّلٍ،
وَلَيْسَ الّذي حَرّمْتِهِ بِحَرَامِ
وإنّي لأبّاءٌ على كلّ لائِمٍ
عَلَيْكِ، وَعَصّاءٌ لكُلّ مَلامِ
وَكُنتُ، إذا حَدّثْتُ نَفْسِي بسَلوَةٍ،
خَلَعتُ عِذاري، أوْ فَضَضتُ لجامي
وَأسْبَلْتُ أثْوَابي لكُلّ عَظيمَةٍ،
وَشَمّرْتُ مِنْ أُخرَى لكُلّ غَرَام
هَلِ العَيْشُ إلاّ ماءَ كَرْمٍ مُصَفَّقٍ،
يُرَقْرِقُهُ، في الكأسِ، ماءُ غَمامِ
وَعُودُ بَنَانٍ، حينَ سَاعَدَ شَجْْوهُ
عَلَى نَغَمِ الألحَانِ نَايَ زُنَامِ
أبَى يَوْمُنَا بالزَّوّ، إلاّ تَحَسّناً
لَنَا بِسَمَاعٍ طَيّبٍ، وَمُدامِ
غَنِينَا عَلى قَصْرٍ يَسِيرُ بِفِتْيَةٍ
قُعُودٍ، عَلَى أرجَائِهِ، وَقِيَامِ
تَظَلُّ البُزاةُ البِيضُ تَخْطَفُ حَوْلَنا
جَآجىءَ طَيْرٍ في السّمَاءِ سَوَامِ
تَحَدَّرُ بالدُّراجِ من كُلّ شَاهِقٍ،
مُخَضَّبَةً أظْفَارُهُنّ، دَوَام
فَلَمْ أرَ كالقَاطُولِ يَحْمِلُ ماؤهُ
تَدَفُّقَ بَحْرٍ بالسّمَاحَةِ طَامِ
وَلاَ جَبَلاً كَالزَّوّ يُوقَفُ تَارَةً
وَيَنْقَادُ، إمّا قُدْتَهُ بِزِمَامِ
لَقَدْ جَمَعَ الله المَحَاسِنَ كُلّهَا
لأبْيَضَ مِنْ آلِ النّبيّ، هُمامِ
نَطيفُ بطَلْقِ الوَجْهِ، لا مُتَجَهِّمٍ
عَلَيْنَا، وَلا نَزْرِ العَطَاءِ جَهَامِ
يُحَبّبُهُ، عِنْدَ الرّعِيّةِ، أنّهُ
يُدافِعُ عَنْ أطْرَافِهَا وَيُحاَمي
وَأنّ لَهُ عَطْفاً عَلَيْهَا وَرأفةً،
وَفَضْلَ أيَادٍ، بالنَّوال، جِسَامِ
لقَد لجَأ الإسلامُ، من سَيفِ جَعفَرٍ،
إلى صَارِمٍ في النّائِبَاتِ حُسَام
يَسُدُّ بهِ الثّغرَ المَخُوفَ انْثِلاَمُهُ،
وإنْ رَامَهُ الأعْداءُ كُلَّ مَرَامِ
نُصَلّي، وإتْمامُ الصّلاةِ اعْتِقَادُنَا
بِأنّكَ عِندَ الله خَيْرُ إمَامِ
إلَيكَ، أمِينَ الله، مَالَتْ قُلُوبُنَا
بإخْلاصِ نُزّاعٍ إلَيكَ هُيَامِ
حَلَفتُ بمنْ أدعُوهُ رَبّاً، ومَنْ لَهُ
صَلاتي، وَنُسكي خالِصاً وَصِيامي
لَقَدْ حُطْتَ دينَ الله خَيرَ حِيَاطَةٍ،
وَقُمْتَ بِأمْرِ الله خيرَ قِيَامٍ