على أي أمر مشكل أتلوم – الشاعر البحتري
عَلى أيّ أمْرٍ مُشْكِلٍ أتَلَوّمُ،
أُقِيمُ، فأثْوِي، أمْ أهُمُّ، فأعزِمُ
وَلَوْ أنْصَفَتْني سرّ مَنْ رَاءَ لم أكنْ
إلى العِيسِ، مِن إيطانِها، أتَظَلّمُ
لَقَدْ خابَ فيها جاهِدٌ، وَهوَ ناطِقٌ،
وأُعْطيَ مِنْها وَادِعٌ، وَهوَ مُفحَمُ
ولَوْ وَصَلَتْني بالإِمَامِ ذَرِيعَةٌ،
دَرَى النّاسُ أيَّ الطّالبينَ يُحَكَّمُ
أُعَاتِبُ إخْوَاني، وَلَسْتُ ألُومُهُمْ
مُكَافَحَةً، إنّ اللّئِيمَ المُلَوَّمُ
وَقَدْ كُنتُ أرْجُو، والرّجَاءُ وَسيلَةٌ،
عَليَّ بنَ يَحْيَ، لِلَّتي هيَ أعظَمُ
مُشاكَلَةُ الآدابِ تَصرِفُ ناظِري
إلَيْهِ، وَوِدٌّ بَيْنَنَا مُتَقَدّمُ
وَهِزّتُهُ لِلْمَجْدِ، حَتّى كأنّما
تَثَنّى بِهِ الخَطّيُّ فيهِا المُقَوَّمُ
أبَا حَسَنٍ! ما كَانَ عَذلُكَ فيهمُ
لِواحِدَةٍ، إلاّ لأنّكَ تَفْهَمُ
وَمَا أنْتَ بالثّاني عِناناً عَنِ العُلاَ،
وَلاَ أنَا بالخِلّ الذي يَتَجَرّمُ
خَلاَ أنّ بَاباً رُبّما التَاثَ إذْنُهُ،
وَوَجهاً طَليقاً، رُبّما يَتَجَهَّمُ
وإنّي لَنِكْسٌ إنْ ثَقُلتُ عَلى الغِنَى،
وَكُنتُ خَفيفَ الشّخصِ إذْ أنا مُعدَمُ
سأحملُ نَفسِي عنكَ حَملَ مُجَامِلٍ،
وَأُكْرِمُها إنْ كانتِ النّفسُ تُكرَمُ
وأبْعَدُ حَتّى تَعرِضَ الأرْضُ بَيْنَنَا،
وَيُمسي التّلاقي وَهْوَ غَيبٌ مُرَجَّم
عَلَيْكَ السَّلاَمُ أَقْصَرَ الوصْلُ فانْطَوَى
وأَجْمَعَ تَوْدِيعاً أَخُوكَ المُسَلِّمُ
فإلاّ تُساعِدْني اللّيالي، فَرُبّما
تأخّرَ في الحَظّ الرّئيسُ المُقَدَّمُ
وَمَا مَنَعَ الفَتْحُ بنُ خَاقَانَ نَيْلَهُ،
وَلَكِنّها الأقْدارُ تُعْطِي وَتَحْرِمُ
سَحَابٌ خَطاني جودُهُ، وَهوَ مُسبَلٌ،
وَبَحْرٌ عَداني فَيْضُهُ، وَهوَ مُفعَمُ
وَبَدْرٌ أضَاءَ الأرْضَ شَرْقاً وَمَغْرِباً،
وَمَوْضِعُ رِجلي منهُ أسْوَدُ مُظْلِمُ
أأشْكُو نَداهُ بَعدَ ما وَسِعَ الوَرَى،
وَمَنْ ذا يَذُمُّ الغَيثَ، إلاّ مُذَمَّمُ