لا تجزين أبا عبيدة صالحا – الشاعر البحتري
لا تَجْزِيَنْ أبَا عُبَيدَةَ صَالحاً
عَنْ طُولِ وَقفَتِنَا بقِنَّسْرِينا
جزْنَا، وَما كانَ الجَوَازُ هوًى لَنا
تََعِبينَ مِنْ نَصَبِ السُّرَى، لَغِبِينَا
حَسَرَتْ من السّفَرِ البَعيدِ رِكابُنا،
فشَبعنَ من أَلَمِ الْوَجى وَرَوِينَا
وَسرَتْ كِلابُكَ بالنُّباحِ، كأنّمَا
يَطلُبْنَ ثَاراً قَدْ تَقَدّمَ فِينا
مُتَبَعِّثَاتٌ بالنُّباحِ وَرَاءَنَا،
حتّى طرَحْنا زَادَنا، فَرَضِينَا
بِتْنَا بِبَاشيَّا مِنَ اجْلِكَ لَيْلَةً
بَليَ المَطيُّ بِبُؤسِها، وَبَلِينَا
أطْعَمْتَنا الزَّقّومَ حِين أبَتَّنَا
في خانِها وَسَقَيْتَنا الغِسْلِينَا
لَوْلاكَ كانَ على الكَفيرِ مَمَرُّنَا،
والْيَثْرِبِيَّةِ، أوْ عَلى تَرْحِينَا
لا أعْلَمَنّكَ تَسْتَزِيرُ عِصَابَةً
مِنْ بَعْدِنا شَامِينَ، أوْ جَزَرِينَا
قد كنتَ تهوَى أن نزُورَكََ حِقبةً
كَلَفاً بنا، فَذَهَبتَ لَمّا جِينَا
لَوّلا نَصِيبي مِنْ إخائِكَ أنّهُ
عِلْقٌ غَدَوْتُ بهِ الغَداةَ ضَنينَا
لتَمَكّنَتْ مِنّا وَمِنْكَ قَطيعَةٌ،
نَغْذُو بَنِيك، بدَرّها، وَبَنِينَا