أما العداة فقد أروك نفوسهم – الشاعر البحتري

أمّا العُدَاةُ، فَقَدْ أرَوْكَ نُفُوسَهُمْ،
فاقصِدْ بِسُوءِ ظُنُونِكَ الإخْوَانَا
تَنحاشُ نَفْسِي أنْ أذُلّ مَقَادَةً،
وَيَزِيدُ شَغْبي أنْ ألِينَ عِنَانَا
وأخِفُّ عَنْ كَتِفِ الصّدِيقِ نَزَاهَةً
مِنْ قَبلِ أنْ يَتَلَوّنَ الألْوَانَا
وأخٍ أرَابَ، فَلَمْ أجِدْ في أمْرِهِ
إلاّ التّمَاسُكَ عَنْهُ، والهِجْرَانَا
أغْبَبْتُهُ أنْ أسْتَمِيحَ لَهُ يَداً،
أوْ أنْ أُعَنّيَ فيَّ مِنْهُ لِسَانَا
وأرَاهُ لَمّا لَمْ أُطَالِبْ نَفْعَهُ
أنْشَا يَضُرُّ تَغَيُّباً وَعِيَانَا
مَا كَانَ مِنْ أمَلٍ وَمنكَ فقَد أتَى
يَسْرِي إليّ مُبَيَّناً تِبْيَانَا
لَوْ كَانَ مَا أدّى إلَيْكَ سِرَارُها
خَيْراً، لَكَانَ حَديثُها إعْلانا
إِنْ كَانَ ذَاكَ لِعُزْبَةِ البَعْثِ الَّذِي
جُمِّرْتَ فِيهِ فَدُونَكَ الصِّبْيَانَا
وَمِنَ العَجَائِبِ تُهْمَتي لَكَ، بعدَما
كُنتَ الصّفيّ لَدَيّ، والخُلْصَانَا
وَتَوَقُّعي مِنْكَ الإسَاءَةَ جَاهِداً،
والعَدْلُ أنْ أتَوَقَّعَ الإحْسَانَا
وَكَمَا يَسُرُّكَ لِينُ مَسّيَ رَاضِياً،
فَكذاكَ فاخْشَ خُشُونَتِي غَضْبَانَا