نصيب عينيك من سح وتسجام – الشاعر البحتري
نَصِيبُ عَيْنَيْكَ مِنْ سَحٍّ وتَسْجَامِ
وَحَظُّ قَلْبِكَ مِنْ بَثٍّ وتَهْيَامِ
أَشْجَى وَأْرْمَى بِوْجْدٍ مُنْصِبٍ وهَوًى
مُبْرِّحِ الخَبْلِ في شَاجِي وفِي رَاِمي
جَارِيَتَا رَبْرَبٍ حُوٍّ مَحَاجِرُهُ ،
وَظَبْيَتَا عُقُلٍ عُفْرٍ وآرَامِ
مِنْ بَاعِثَاتِ هَوٍى تَجْرِي مَزَاهِرُهَا
عَلَى المُدَامِ ولا تَجْرِي عَلى الذَّامِ
مَصْبٌوبَتَانِ إِلى سُخْطِي ومَعْتَبَتي
وصَبَّتانِ بِتَكْلِيفِي وإِغْرَامِي
أَلِلشَّبِيبَةِ لمَّا كانَ آخِرُها
خَاْفِي ، وللشَّيْبِ لمَّا كَانَ قُدّامي
هَلِ الشَّبَابُ مُلِمٌّ بِي فَرَاجِعَةٌ
اَيَّامُهُ لِيَ في أَعْقَابِ أَيَّامِي ؟
لَوْ أَنَّهُ نَائِلٌ غَمْرٌ يُجادُ بهِ
لَقَدْ تَطَلَّبْتُهُ عِنْدَ ابْنِ بِسْطَامِ
كافِي كُلَّ نَآدٍ لا اَقومُ لَهَا
إِلاَّ بِعَارِفَةٍ مِنْهُ وإِنْعَامِ
وناصِرٌ ثَرْوَتي حَتَّى يُقلِّبَها
أْخْرَى اللَّيالي عَلَى عُسْرِي وإِعْدِامِي
جَرَى الْعِراقُ بسَجْلٍ مِنْ سَحَائبهِ
كُنا نُؤَمِّلُ أَنْ نُسْقاهُ بالشَّامِ
مُسْتَصْحِباً قَصَباً مِنْهُ قَناً سُلُبٌ
صُمُّ الكُعُوبِ ، ومِنهُ جَوْفُ أَقْلاَمِ
زَعِيمُ حِزبَيْنِ مِن كُتَّابِ أَنْدِيَةٍ
ومِنْ فَوَارِسِ إِسْراجٍ وإِلجَامِ
مِنْ هَؤُلاَءِ لَهُ حَزْمٌ وتَجْرِبَةٌ ،
وَهَؤُلاءِ شَذَا كَرٍّ وإِقدَامِ
لَمْ يُبْقِ خُلْداً غَدَاةَ المَخْلَدِيَّةِ إِذْ
يَشْفِي حَزَازَتِ أَوْتَارٍ وأَوْغَامِ
فِي طَخْيَةٍ مِنْ سَوَادِ الْحَرْبِ مُظْلِمَةٍ
تَهْمِي سَمَاوَتُها ضَرْباً عَلَى الْهامِ
صَمْصَامَةُ الرَّأْي ، صَمْصَامُ الجَنَانِ ثَنَى
تِلْكَ الصُّفوفَ بِماضِي الحَدِّ صَمْصَامِ
وَإِنْ تأَخَّرَ ما رُمْنَا تَقَدُّمَهُ
فَعَنْ حُظوظٍ أَزَلَّتْنا وأَقسَامِ
إِذا الرِّجالُ تَعَالَوا بَيْعَ مَكْرُمَةٍ
أَرْبَى عَلَى مُشْتَرٍ مِنْهُمْ ومُسْتَامْ
أَو عَدَّدُوا صَالِحَ الأَيَّامِ كاثَرَ
أُحْدَانَ الْفُذُوذِ الَّتِي عَدُّوا بأَتْوَامِ
كَأَنَّهُ مُسْتَمِدٌّ مِنْ كُنُوزِ عُلاً
لِمَعْشَرٍ أَو مُبَاحٌ مَجْدَ أَقوَامِ
تَرْقَى رِيَاشُ جَنَاحَيْهِ إِذا نهَضَتْ
بهِ قَوَادِمُ أَخوَالٍ وأَعْمَامِ
كأَنَّما أَنجُمُ الأُفُقَيْنِ تَرْفدُهُ
مِنْ مُسْتَقِيلٍّ بهِ في الفَخرِ أَو سَامِ
أَسْقَى الْغَمَامُ عَلَى الجِسْرَيْنِ مَنزِلَهُ
لِوَاضِحٍ في ضِياءِ البِشْرِ بَسّامِ
جارٌ لِدِجْلة يَجْرِي مِنْ نَدَى يَدِهِ
تَيَّارُ بَحْرٍ عَلَى تَيَّارِهَا طامِ
لم يَصْطَحِبْ في طَرِيقٍ والْبَخَيلُ ، ولم
يُولَدُ وجِبْسٌ من الأَقَوامِ في عَامِ
مَوَارِدٌ مِنْ نداهُ غيْرُ وانِيَةٍ
في الغُزْرِ تُلْحِقُ أَصْرَاماً بأَصْرَامِ
تَصْفُو خبطَتْها كلُّ طارِقَةٍ
وتَغتَدِي جَمَّةً من غَيْرِ إِجْمَامِ
مَا لِي أَرَى الْقَوْم لا يَخْشَوْنَ عادِيَتِي
وقَدْ أَشَادَ بِها صُبْحِي وإِظْلاَمِي
يَتْلُو عُقُوقِي عُقُوقٌ الْوَالِدَيْنِ وإِنْ
عَزَّا ، ويُكْرِمُ عِرْضَ الحُرِّ إِكْرَامِي
أَمّا العُدَاةُ فَقَدْ آلُوا إِلى صُغُرٍ
وَهُمْ طَرَائِدُ تَسْيِيرِي وإِحْكَامِي
في كُلِّ جَوٍّ سَنَا نارٍ تُرَى عَجَباً
أَو مِشْقَصٌ فِي رَمِيٍّ مِنْهُمُ دامِ
وَلَوْ هُدُوا لِصَوَابِ الرَّأْيِ أَقْنَعَهم
مِنْ وَابلي فِي غَدَاةِ الشَّرِّ إِرْهَامِي
لا تَخْلُوَنَّ أَبَا العبَّاسِ مِنْ نِعَمٍ
مَوْصُولَةٍ أَبَدَ الدُّنْيَا وإِنْعَامِ
تَشَاهَرَ النَّاسُ إِغْذَاذِي إِلَيْكَ ومَنْ
أَلْفَيْتُهُ مِنْ ذَوِي وُدِّي وأَرْحَامِي
وَإِنْ هَزَزْتُك لِلْجَدْوَى فَقَبْلُ رَأَي
هَزَّ الحُسَامِ كَمِيُّ الفَيْلَقِ الحَامِي