لامت على أنها في الدمع لم تلم – الشاعر البحتري
لامَتْ ، عَلَى أَنَّها في الدَّمْعِ لم تَلُمِ ،
لكِنْ عَلَى أَنَّ فَيْضَالدَّمْعِ لَمْ يَدُمِ
واسْتَشْعَرَتْ أَلماً لَمَّا رأَتْ أَلَمِي
من حادِثِ البَيْنِ أَنْسَانِي جَوَى الأَلَمِ
رَاحَتْ تُسِرُّ دُمُوعاً غَيْرَ مُعْلَنَةٍ ،
وَرُحْتُ أُعْلِنُ دَمْعاً غَيْرَ مُكْتَتَمِ
والبَيْنُ يَشْعَبُ صَدْعاً مِنْهُ مُلْتَئِماً ،
والغَيُّ يَصْدَعُ شَعْباً غيرَ مُلْتَئِمٍ
يَا مَعْهَداً لِلِّوَى أَبْقَى بِمُهْجَتِهِ
مَعاهِداً لِلْبِلى والأَدْمُعِ السُّجُمِ
مَا ضَرَّ قَوْمَكَ لو رَدَّتْ حُكُومَتُهُ
عَدْلَ الْقَضَاءِ كَمَا قَدْ جَارَ في الحُكُمِ
كَمْ لِلنَّوى والهَوَى فِي القَلْبِ مِنْ طَلَلٍ
لَمْ تُبْلِهِ سَوْرَةُ الأَيامِ والْقِدَمِ
يَا نِعْمَةَ اللهِ دُومِي في بَنِي جُشَمٍ
بِمالِكِ المَلِكِ المَحْمودِ مِنْ جُشَمِ
وأَنتِ يا تَغْلِبُ الغَلْبَاءُ فافْتَخِرِي
فقَدْ حَلَلْتِ عَلَى الهامَاتِ والقِمَمِ
إِنَّ الأَمِيرَ ابْنَ طَوْقٍ مالِكاً شَرَفٌ
كَسَاكِهِ اللهُ بَيْنَ العُرْبِ والعَجَمِ
سَيْفٌ ، إِمَامُ الهُدَى ما هَزَّ قائِمَةُ
إِلاَّأَقامَ بهِ مَنْ كانَ لم يَقْمِ
كَمْ مِنْ عَزِيزٍ طَوَى كَشْحاً عَلَى رَغَمٍ
أَزَلَّ أَخْمَصَهُ عَنْ مَوْطِىء القَدَمِ
سَائِلْ بأَيَّامِهِ عنهُ الأْلَى اجْتَرَمُوا
ماذا بِهِمْ صَنَعَتْ عَوَاقِبُ الجَرَمِ
لَمَّا طَغَوْا وبَغَوْا جَهْلاً عَبَا لَهُمْ
حَرْباً تُغِصُّهُمُ بالْبَارِدِ الشَّبِمِ
أَعْذَرْتَ بالسِّلْمِ حتى ظَنَّ جاهِلُهُنْ
أَنْ قَدْ لَهَوْتَ وقد أَغْضَيْتَ مِن ْصَمَمِ
حَتَّى إِذا ما الشِّقَاقُ المَحْضُ أَشْعَثَهُمْ
لَمَمْتَ بالسَّيْفِ مِنْهُمْ شَعْثَةَ اللِّمَمِ
جَرَّدْتَ فِيهِمْ حُسَاماً صَارِماً ذَكَراً
وعَزْمَةً كَشَبَاةِ الصَّارِمِ الخَذِمِ
سُدَّتْ وُجُوهُ فِجَاجِ الأَرْضِ دُونَهُمُ
حَتَّى كَأَنَّهُمُ فِي حَيْرَةِ الرَّدَمِ
باتُوا يَشُبُّونَ نارَ اٌلحَرْبِ بَيْنَهُمُ
فَأَصْبَحُوا بَيْنَ ظُفْرٍ لِلرَّدَى وفَمِ
شَفَيْتَ سُقْمَهُمُ لَمَّا لَقِتَهُمُ
بِسُقْمِ مَلْحَمَةٍ تَشْفِي مِنَ السَّقَمِ
أَرْسَلْتَ مِنْ عَارِضِ اٌلآجَالِ فَوْقَهُمُ
طَيْراً أَبَابِيلَ لَمْ تُنْسَبْ إِلى الرَّخَمِ
دَلَيْتَ دَلْوَ اٌلمَنَايَا فِي نُفُؤسِهُمُ
فَأَغْرَقَتْهَا إِلى اٌلأَكْرابِ واٌلْـوَذَمِ
حَطَّمْتَ مَنْكبَهُمْ لَمَّا حَلَلْتَ بِهِمْ
بِمَنْكِبٍ مِنْكَ أَضْحَى غَيْرَ مُنْحَطِمِ
غادَرْتَهُمْ بَيْنَ مَجْرُوحٍ ومُقْتَسَرٍ
عَانٍ ومُطَّرَحٍ لَحْماً عَلَى وَضَمِ
أَسْرَى وجَرْحَى وقَتْلَى فِي دِيَارِهِمُ
كأَنَّما لَبِسُوا قُمْصاً مِن اٌلأَدَمِ
أَوْرَثْتَهُمْ نََدَماً عَنْ غِبِّ ما فَعَلُوا
إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ فِيهِمْ مَوْضِعَ النَّدَمِ
ظَلَّتْ خُيُولُكَ يَوْمَ الرَّوْعِ صَائِمَةً
لكِنَّ سَيْفَكَ يَوْمَ الرَّوْعِ لم يَصُمِ
سَحَّتْ سَحَابُ المَنَايَا فَوْقَ هَامِهِمُ
صَوْباً مِنَ المَوْتِ دَانِي الوَدْقِ والدِّيَمِ
وَقَائِعٌ وَسَمَتْ أَنْفَ الشِّقَاقِ وقَدْ
عاشَ الشِّقاقُ زَماناً غيرَ مُؤْتَسَمِ
كَأَنَّمَا كَانَ فِي عِرْنِينِهِ شَمَمٌ
فَعَادَ أَجْدَعَ بَعْدَ الطُّولِ والشَّمَمِ
مِنْ رَاحَتْيكَ أَبا كُلْثُومٍ انْبَجَسَتْ
يَنَابعُ الجُودِ فِي الَّلأْوَاءِ والإِزَمِ
طَوْقٌ بَنَى لكَ بَيْتَ العِزِّ مُتَّصِلاً
مُطَاوِلَ السَّمْكِ والأَرْكَانِ والدِّعَمِ
مَا زَالَ يَأْثُرُ مُذْ أَلْقَى تَمَائِمَهُ
شَرَائعَ المَجْدِ عَنْ آبائِهِ القُدُمِ
نِيطَتْ حَمَائلُهُ مِنْهُ إِلى مَلِكٍ
بِحَبْلِ مُعْتَصِمٍ باللهِ مُعْتَصِمِ
لا يَسْتَرِيحُ مِنَ الأَلْفَاظِ مَنْطِقُهُ
إِلاَّ إِلى نَعَمٍ تَفْتَرُّ عَنْ نِعَمِ
حَامِي الذِّمَارِ ، عَزيزُ الْجَارِ ، ذُو كَرَمٍ
مَحْضُ الضَّرِيبَةِ ، مُوفِي العَهْدِ والذِّمَمِ
كَأَنَّمَا جَارُهُ مِنْ عِزِّ جَانِبِهِ
بَيْنَ السِّمَاكَيْنِ أَو في سَاحَةٍ الحَرَمِ
ومُعْتَفِيهِ مُحِلٌّ مِنْ صَنَائِعِهِ
لَكِنَّهُ مُحْرِمٌ مِنْ خَلَّةِ العَدَمِ
لَوْ أَنَّ في الدَّهْرِ مِنْهُ بَعْضَ شِيمتِهِ
لأَصْبَحَ الدَّهْرُ فِينَا طاهِرَ الشَّيَمِ
يَحْمِي حَرِيمَ العُلاَ والمَجْدِ كَاسِبُها
مَا لَمْ يَذُبَّ عَنِ الأَحْسَابِ والكَرَمِ
تَرَى بِعَزْمَتِهِ فِي كلِّ نَائِبَةٍ
بَدْراً يُضِيءُ ضِيَاءَ البَدْرِ في الظُّلَمِ
يَكَادُ عِنْدَ اعْتِزَامِ الأَمْرِ يَفْعَلُ ما
لَمْ يُرْعِفِ اللَّوْحُ مِنْهُ مَنْخِرَ القَلَمِ
لَمْ يُمْسِ إِلاَّ بِمَالٍ مِنْهُ مُقْتَسَمٍ
أَيْدِي سَبَا ، وبِعِرْضٍ غَيْرِ مُقْتَسَمِ
رَاضَ الزَّمَانَ ، وَرَاضَتْهُ نَوَائِبُهُ
فَمَا اسْتَكَانَ ، ولَمْ يُذْمَمْ ، ولم يُلَمِ
لَمْ يَلْقَ سَائلَهُ ، مُذْ كَانَ سَائِلُهُ ،
إِلاَّ بِوَجْهٍ أَغَرِّ الوَجْهِ مُبْتَسِمِ
أَبْقَى مَآثِرَ مَنْ مَجْدٍ وَمِنْ كَرَمٍ
عَفَّتْ مَآثِرَ مِنْ كَعْبٍ ومِنْ هَرِمِ