ألبيت مبني على أركانه – الشاعر البحتري
ألبَيْتُ مَبْنيٌّ على أرْكَانِهِ،
وَالطِّرْفُ جارٍ في امتِدادِ عِنانِهِ
يا عاذِلَ الحَسنِ بنِ وَهبٍ في اللُّهى
مِنْ نَيْلِهِ، وَالغَمرِ مِنْ إحسانِهِ
إنْ كانَ شأنُكَ ما أرَاهُ، فإنّهُ
عاصٍ عَليكَ، وآخِذٌ في شانِهِ
لَنْ تَسبُقَ الرّيحُ الشَّمالُ إذا طغتْ
في الجَرْيِِ، ما لم تَجرِ في ميدانِهِ
وَبِأيّما آبَائِهِ لا يَكْتَسِي
مَجْداً، يَفُوتُ الرَّوْضَ في ألْوانِهِ
أبِوَهْبِهِ، وَسَعيدِهِ، أوْ قَيْسِهِ،
وَحُصَيْنِهِ، أَمْْ عَمرِهِ، وَقَنانِهِ
لا المَجدُ بَينَهُمُ غَرِيبٌ زَائرٌ،
بَلْ في محَلّتِهِ، وَفي أوْطَانِهِ
يا صَيْقَلَ الشّعْرِ المُقَلَّدِ في الَّذِي
يُختارُ مِنْ قَلْعِيّهِ، ويَمَانِهِ
اسمَعْهُ مِنْ قَوّالِهِ تَزْدَدْ بِهِ
عُجْباً، وطِيبُ الوَرْْدِ في أغصَانِهِ
أحسَنْتُ فيهِ مُبَرِّزاً، فجَفَوْتَني،
وَتُبِرُّ أقْوَاماً على استِحسَانِهِ
هَلْ تُضْغِيَنْ لأخٍ يَقُولُ بحالِهِ
مُتَعَتِّباً، إذْ لمْ يَقُلْ بلِسَانِهِ ؟
نَزَلَتْ بَعقْوَتِهِ الخُطُوبُ طَوَارِقاً
فَتخَوّنَتْهُ، وَأنتَ مِنْ اخوانِهِ
ما كان غَرْواً أنْ يَضِيعَ ذِمامُهُ،
لَوْ لم تَكُنْ في عَصرِهِ وَزَمانِهِ
هَذا وَأنتَ الحُجّةُ البَيْضََاءُ في
اكْرَامِهِ مِنْ وَافِدٍ، وَهَوَانِهِ
وَمتى رآكَ النّاسُ تَحرِمُهُ اقتَدَوا
بكَ غَيرَ مُرْتابينَ في حِرْمَانِهِ
فتَكُونُ أولَ مانِعٍ مِن نَفسِهِ
ما أمّلَ العافي، وَمِنْ جِيرَانِهِ
وَالأرْضُ تَبذلُ في الرّبيعِ نَبَاتَها،
وَكذَاكَ بَذْلُ الحُرّ في سُلطانِهِ
وَالعُرْفُ بُنيانٌ، فمَنْ يَعدُ الرُّبَى
يُشرِفْ، وَيَعْفُ السّيلُ من بُنيانِهِ
واعَلمْ بأنّ الغَيثَ لَيسَ بنافِعٍ
للنّاسِ، ما لمْ يأتِ في إبّانِهِ