أرجم في ليلى الظنون وإنما – الشاعر البحتري
أُرَجِّمُ في لَيْلَى الظُّنُونَ، وَإِنَّمَا
أُخَاتِلُ في وَجْدِي بِهَا مَنْ أُخَاتِلُهْ
وَقَدْ زَعَمتْ أَنِّي تَغَيَّرتُ بَعْدَهَا
وَلَمْ تَدْرِ مَا خَطْبُ الْهَوَى وَبَلاَبِلُهُ
لَقَدْ وَفَّقَ اللهُ المُوَفَّقَ لِلَّذِي
أَتَاهُ، وأَعْطَى الشَّامَ مَا كَانَ يامُلُهْ
أَضَافَ إِلى سِيمَا الطَّوِيلِ أُمُورنَا،
وسِيمَا الرِّضَا فِي كُلِّ أَمْرٍ يُحَاوِلُهْ
هُوَ المَرْءُ مَأْمُولٌ لَنَا العَدْلُ والنَّدَى
لَدَيْهِ، ومأْمُونٌ لَدَيْنَا غَوَائِلُهْ
فأَهْلاً وسَهْلاً بالإِمامِ، وقادِمٍ
أَتَتْ بالسُّرُورِ كُتْبُهُ وَرَسَائلُهْ
وأُقْسِمُ حَقًّا أَنَّ أَيْمَنَ طالِعٍ
عَلَيْنَا مِنَ الشَّرقِ اللِّوَاءُ وَحَامِلُهْ
وقَدْ تَمَّ صُنْعُ اللهِ لِلمَعْشَرِ الأُلَى
تَوَلاَّهُمُ الغَمْرُ المُؤمَّلُ نائلُهْ
مَتَى يَسْكُنُوا يُمْطِرْ عَلَيْهمْ سَحَابُهُ
وإِنْ يَشْغبُوا تُشْهَرْ عَلَيْهِمْ منَاصِلُهْ
وِلاَيَةُ عَدْلٍ يسْتَبِدُّ بِفَضْلِهَا
وحُسْنِ نَثَاهَا مُقْسِطُ الحُكْمِ فاصِلُهْ
يَنَالُ بها باغِي السَّلاَمةِ حُكْمَهُ
ويَهْلِكُ فِيهَا ناكِبُ الرَّأْسِ مائلُهْ
فكَمْ قَدْ مَدَدْنَا مِنْ رَجَاءٍ إِلى أَبي
عَليٍّ فَلَقَّتْنْا النَّجاحَ مَخَايلُهْ
لَهُ مَذْهَبٌ في المَكْرُماتِ تَشَابَهَتْ
أَواخِرُهُ في سُؤْدُدٍ وأَوَائلُهْ
قَرِيبُ مَنَالِ الرّفْدِ يَبْعُدُ مَجْدُهُ
عَلى مَنْ يُجارِي مَجْدَهُ ويُساجِلُهْ
وقَائِدُ جَيْشٍ مَا تَنَحَّلَ قُدْرَةً
على القرنِ بَيْنَ العَسْكَرَيْنِ يُنَازِلُهْ
طَلُوبٌ لأَعْلَى الأَمْر حَتَّى يَنَالَهُ
إِذا قُيِّضَتْ لِلأَدْنِيَاءِ أَسَافِلُهْ
بعيِدٌ مِنَ الفَحْشاءِ لَمْ تَدْنُ ريبةٌ
إِلَيْهِ، ولم يُوجَدْ نَظيرٌ يُعادِلُهْ
نَقِيُّ الثِّيابِ مِنْ تُقىً وَتَنَزُّهٍ،
صَحَيحُ العَفافِ ،وافِرُ الحِاْمِ،وكَمِلُهْ
أَميرٌ يكونُ الجَدُّ مِنْهُ سَجِيَّةً
إِذا ضَيَّعَ التَّدبيرَ في الرَّأْيِ هازِلُهْ
وَلَيْسَ كَمَسْبُوتِ الضُّحى مِنْ خُمَارِهِ
إِذا راحَ كَانَتْ للمُدامِ أَصَائِلُهْ
جُزِيتَ عَنِ الإِسلام خَيْراً ،ولا يُضِعْ
لََك اللهُ في الإِسْلامِ مَا أَنتَ فاعِلُهْ
فكَمْ فِتْنَةٍ أَخْرَجْتَنَا مِنْ ظَلاَمِها
وخَطْبِ تَجَلَّى عَنْ حُسَامِكَ هائِلُهْ
وَطَاغِيةٍ حَاكَمْتَ بالسَّيْفِ مُصْلَتاً
إِلى أَنْ وَهَى مِنْ دُونِ حَقِّكِ باطِلُهْ
كَمَا انْهَزَمَ المَغْرُورُ مِنْ مَرْجِ دابِقٍ
وخَيْلُكَ في جَنْبْيْ قُوَيْقَ تُحاولُهْ
تَاَوَّبَ مِنْ حَمُّصَ أَبْوابَ بالِسٍ
مَسِيراَ بِفَرطِ الذُّعْرِ تُطْوَى مَرَاحِلُهْ
يُقَوِّسُ مِنْ حَدِّ الأَسِنَّةِ ظَهْرَهُ
وقَدْ بُلَّ مِنْهَا مَنْكِبَاهُ وَكَاهِلُهْ
يُحِيطُ عَلَيْهِ جانِبَ النَّقْعِ مُوعِثاً
لِكَيْ تَتَغَطَّى في العجَاجِ مَقَاتِلُهْ
إِذا مَرَّ بالشَّجْرَاءِ جَانبَ قَصدَها
يَرى أَنَّهَا أَرساَلُ خَيْلٍ تُقَاتِلُهْ
أَتَى سَادِراً بالبَغْيِ مُستَْحْقِباً لَهُ
وحاوَلَ نَصْرَ اللهِ ،واللهُ خاذِلُهْ
فَأَوْلَى لَهُ أَلاَّ غَدَا السَّيْفُ مُدْرِكاً
ضَرِيبَتَهُ،وَأَعْلَقَ العَيْرَ حَابِلُهْ
لِيَهْنِكَ أَنْ أَمْسَى بِدَارِ خَزَايةٍ
وَأَنْ بَاتَ مَشْغُولاً وخَوْفُكَ شَاغِلُهْ
وَأَنَّكَ مَنْ تأَْبَى المَوالي الَّذي أَبى
ويُعْطُونَ عِنْدَ الجِدَّ مَا أَنْتَ باذِلُهْ
وَمَا زِلْتُمُ بالمُلْكِ حَتَّى تمكَّنَتْ
قَوَاعِدُهُ العُظْمَى ،وقَرَّتْ زَلاَزِلُه
رَأَيْتَ المُرِيبَ مُخْفِياً مِنْكَ شَخْصَهُ
عَلَى حَالَةِ يَشْتَدُّ فِيهَا تَضَاؤُلُهْ
فَلاَ يُتْلَفَنْ حَقِّي،وَقَدْ نَطَقَتْ بِهِ
شَوَاهِدُهُ ، وأَوْضَحَتْهُ دَلاَئلُهْ