نفسي الفداء لمن أوده – الشاعر البحتري
نَفْسِي الفِداءُ لِمَنْ أوَدُّهْ،
وَإنِ استَحالَ، وَساءَ عَهدُهْ
مُتَفاوِتُ الحُسْنَيْنِ يَثْـ
ـقُلُ رِدْفُهُ، وَيَخِفُّ قَدّهْ
كَمَلَتْ مَحَاسِنُهُ لَنَا،
لَوْلا تَجَنّبُهُ وَصَدّهْ
خَدٌّ يُعَضُّ، لحُمْرَةٍ،
تُفّاحُهُ، وَيُشَمُّ وَرْدُهْ
وَفُتُورُ طَرْفٍ قَدْ يَجُدُّ
على المُتَيَّمِ ما يَجُدّهْ
ما للمُحِبّ مِنَ الهَوَى
إلاّ صَبَابَتُهُ، وَوَجْدُهْ
لِيَدُمْ لَنَا المُعْتَزُّ،
فَهْوَ إمَامُنَا المَرْجُوُّ رِفْدُهْ
مُتَدَفّقٌ بِعَطَائِهِ،
كالنِّيلِ لَمّا جاشَ مَدّهْ
لا العَذْلُ يَرْدَعُهُ، وَلا التّعنيـ
ـفُ عَنْ كَرَمٍ يَصُدّهْ
وَزَرُ الهُدَى، وَمَغاثُهُ الـ
ـأدْنَى، وَمَفْزَعُهُ وَرِدّهْ
يَنْفي الهُوَيْنَا حَزْمُهُ،
وَيَحُوطُ دِينَ الله جِدّهْ
جَيْشٌ يُجَهّزُهُ لأرْ
ضِ الكُفْرِ أوْ ثَغْرٍ يَسُدّهْ
لَقِيَتْ عَظيمَ الرّومِ مِنْـ
ـكَ عَزِيمَةٌ، فانفَضّ جُندُهْ
وَتَطَاوَحَتْهُ كَتَائِبٌ
عُجُلٌ تُسائِلُ أينَ قَصْدُهْ
فانْصَاعَ يَطلب ظِلَّهُ،
وَالخَيْلُ غادِيَةٌ تَكُدّهْ
فَتْحٌ أتَاكَ بِأعْظَمِ الـ
ـبَرَكاتِ بُشْرَاهُ وَوَفْدُهْ
كَثُرَ الذي نِلْنَاهُ مِنْ
نُعْمَاكَ، حتى ما نَحسُدّهْ
وَلَنَا بِعَبْدِ الله بَحْـ
ـرٌ مُعْرِضٌ للنّاسِ وِرْدُهْ
ثَاني الخَليفَةِ في النّدَى،
وَشَبيهُهُ كَرَماً، وَنِدّهْ
أيْدٌ، شَديدٌ لَوْ يُصَا
رِعُ يَذْبُلاً أنْشَا يَهُدّهْ
وَعَزِيمَةٌ يُمْضِي بِهَا
فَصْلَ الخطاب، فَما يَرُدّهْ
كالسّيْفِ يَكسِرُ مَتْنُهُ
قَصَرَ العِدَى، وَيُبيرُ جِدّهْ
إنْ أطْلُبِ الأمَلَ البَعيـ
ـدَ لَدَيْهِ يَدْنُ عَلَيّ بُعْدُهْ
وَلَقَدْ تَضَمّنَ لي النّجَا
حَ غَرِيبُ جُودِ الكَفّ فَرْدُهْ
وَعَلِقْتُ وَعْدَ مُنَاجِزٍ،
لا يَصْحَبُ التّسْوِيفَ وَعْدُهْ
فَلَئِنْ أنَالَ بِطَوْلِهِ
مَا ذخْرُهُ بَاقٍ، وَحَمْدُهْ
فَلَقَدْ تَوَلاّني أبُو
هُ بِأكْثَرِ النُّعْمَى، وَجَدّهْ