تغير أو حال عن عهده – الشاعر البحتري
تَغَيَّرَ، أوْ حَالَ عَنْ عَهْدِهِ،
وَأضْمَرَ عُذْراً، وَلمْ يُبْدِهِ
مَليءٌ بأنْ يَسْتَرِقّ القُلُوبَ،
عَلى هَزْلِهِ وَعَلى جِدّهِ
وَأنْ يُوجَدَ السّحْرُ في طَرْفِهِ،
وَأنْ يُجْتَنى الوَرْدُ مِنْ خَدّهِ
يَشُفُّ القُلوبَ وَإنْ أكذَبَ الـ
ـظّنُونَ، وَأخْلَفَ في وَعْدِهِ
بِمَا أشْبَهَ البَدْرَ مِنْ حُسْنِهِ،
وَما شَاكَلَ الغُصْنَ مِنْ قَدّهِ
سَقَى أرْضَهُ هَطْلانُ السّحَا
بِ، إذا التَهَبَ البرْقُ عن رَعدِهِ
لَعَمرِي، لقد كانَ هِجرَانُهُ،
على الصّبّ، أيْسَرَ مِنْ بعْدِهِ
وقد كنتُ أظْمَا إلى وصَلّهِ،
فقد صرت أظما إلى صده
فهل تعتق العين من دمعها
وهل يقصر القلب عن وجده
رَأيْنا خِلالَ إمَامِ الورَى
شَبَابِهَ مَا شدنَ مِنْ مَجْدِهِ
تَعَزّرَ بالله مُسْتَقْرِباً،
مَدَى الحقّ يَسرِي إلى قَصْدِهِ
رَأى الله كَيفَ نَدَى كَفّهِ،
فأسْنَى لَهُ القَسْمَ مِنْ عِنْدِهِ
سُكُونُ الرّعِيّةِ في ظِلّهِ،
وَعَيْشُ البَرِيّةِ في رِفْدِهِ
وَألْسِنَةُ النّاسِ مَجمُوعَةٌ
على شُكْرِهِ، وَعلى حَمْدِهِ
هُوَ الغَيثُ يَنْهَلُّ في صَوْبِهِ،
سِجالاً، وَيَعذُبُ في وِرْدِهِ
لَقَدْ عَلِقَتْ مِنْهُ آمَالُنَا
بحَبْلٍ غَرِيبِ النّدى، فَرْدِهِ
فَدامَ لَهُ المُلْكُ في خَفْضِهِ،
وتَمّ لَهُ العَيشُ في رَغْدِهِ
مُنَانَا وَحَاجَتُنا أنْ يَعِزّ،
وَأنْ يَمْنَعَ الله مِنْ فَقْدِهِ
تُعَالِجُ بالفَصْدِ مُسْتَأنِفاً
لعَافِيَةِ الله فَصْدِهِ
عِلاجٌ يُخَبّرُ، في وَقْتِهِ،
بعُقْبَى السّلامَةِ مِنْ بَعْدِهِ