ردي على المشتاق بعض رقاده – الشاعر البحتري
رُدّي، على المُشتاقِ، بَعضَ رُقادِهِ،
أوْ فاشرِكيهِ في اتّصَالِ سُهَادِهِ
أسْهَرْتِهِ، حَتّى إذا هَجَرَ الكَرَى،
خَلّيْتِ عَنهُ، وَنُمْتِ عَن إسعَادِهِ
وقَسَا فُؤَادُكِ أنْ يَلينَ لِلَوْعَةٍ،
بَاتَتْ تَقَلْقَلُ في صَمِيمِ فؤَادِهِ
وَلَقَدْ عَزَزْتِ، فَهَانَ طوعاُ للهَوَى،
وَجَنَبْتِهِ، فرَأيتِ ذُلَّ قِيَادِهِ
مَنْ مُنْصِفي مِنْ ظَالِمٍ مَلّكْتُهُ
وُدّي، وَلَم أمْلِكْ عيشر وَدادِهِ
إنْ كُنتُ أعرف غَيرَ سَالِفِ حبهِ،
فَبُليتُ، بَعدَ صُدُودِهِ، بِبِعَادِهِ
قَدْ قُلتُ للغَيمِ الرُّكَامِ، وَلَجّ في
إبْرَاقِهِ، وألَحّ في إرْعَادِهِ
لا تَعْرِضَنّ لِجَعْفَرٍ، مُتَشَبّهاً
بَنَدَى يَدَيهِ، فَلستَ مِنْ أنْدَادِهِ
الله شَرّفَهُ، وأعلَى ذِكْرَهُ،
وَرَآهُ غيث عِبَادِهِ، وَبِلادِهِ
مَلِكٌ حَكَى الخُلَفَاءَ مِن آبَائِهِ،
وَتَقَيّلَ العُظَمَاءَ مِنْ أجْدَادِهِ
إنْ قَلّ شُكْرُ الأبْعَدِينَ، فإنّهُ
وَهّابُ عِظْمِ طَرِيفِهِ، وَتِلاَدِهِ
يَزْدادُ إبْقَاءً عَلى أعْدَائِهِ
أبَداً، وإفضَالاً عَلى حُسّادِهِ
أمَرَ العَطَاءَ، فَفَاضَ مِنْ جَمّاتِهِ،
وَنَهَى الصّفيحَ، فَقَرّ في أغْمادِهِ
يا كالىءَ الإسْلاَمِ في غَفَلاتِهِ،
وَمُقيمَ نَهْجَيْ حَجّهِ وَجِهَادِهِ
تَهْنيكَ في المُعْتَزّ بُشرَى بَيّنَتْ
فِينَا فَضِيلَةَ هَدْيِهِ،، وَرَشَادِهِ
قَدْ أدرَكَ الحِلْمَ الذي أبدَى لَنَا
عَنْ حِلْمِهِ، وَوَقَارِهِ، وَسَدَادِهِ
وَمُبَارَكٌ مِيلادُ مُلْكِكَ، مُخبِر
بِقَرِيبِ عَهْدٍ كَانَ مِنْ مِيلادِهِ
تَمّتْ لَكَ النّعماءُ فيهِ، مُمَتَّعاً
بِعُلُوّ هِمّتِهِ، وَوَرْيِ زِنَادِهِ
وَبَقيتَ حَتّى تَسْتَضِيءَ بِرَأيِهِ،
وَتَرَى الكُهُولَ الشِّيبَ مِنْ أوْلادِهِ