ما على الركب من وقوف الركاب – الشاعر البحتري

ما على الرّكبِ من وُقوفِ الرّكابِ،
في مَغاني الصّبَا وَرَسْمِ التّصَابي
أينَ أهلُ القِبابِ بالأجْرَعِ الفَرْ
دِ، تَولّوا، لا أينَ أهلُ القِبابِ
سَقَمٌ، دونَ أعينٍ ذاتِ سُقْمٍ،
وَعَذابٌ دونَ الثّنَايا العِذابِ
عرَّجوا، فالدّموعُ، إنْ أبكِ في الرُّبْـ
ـعِ، دُموعي، وَالاكتئابُ اكتئابي
وَكَمِثلِ الأحبابِ، لَوْ يَعلَمُ العا
ذِلُ، عندي مَنازِلُ الأحْبَابِ
فإذا ما السّحابُ كانَ رُكَاماً،
فسَقَى بالرّبابِ دارَ الرّبَابِ
وَإذا هَبّتِ الجَنُوبُ نَسيماً،
فَعَلَى رَسْمِ دارِها وَالجَنَابِ
عَيّرَتْني المَشيبَ، وَهْيَ بَدَتْهُ
في عِذارِي، بالصّدّ وَالإجتِنابِ
لا تُرِيهِ عَاراً فَمَا هُوَ بالشّيْـ
ـبِ، وَلَكِنّهُ جَلاءُ الشّبَابِ
وَبَيَاضُ البَازِيّ أصْدَقُ حُسْناً،
إنْ تأمّلْتِ، مِنْ سَوَادِ الغُرَابِ
عَذَلَتني، في قَوْمِها، وَاستَرَابَتْ
جيئَتي في سِوَاهُمُ، وَذَهَابي
وَرَأتْ عندَ غَيرِهمْ، مِن مَديحي،
مثلَ ما كانَ عندَهمْ مِنْ عِتابي
لَيسَ من غَضْبَةٍ عَلَيهِمْ، وَلكن
هُوَ نَجْمٌ يَعْلُو مَعَ الكُتّابِ
شِيعَةُ السّؤدَدِ الغَرِيبِ، وَإخْوَا
نُ التّصَافي، وأسرة الآدابِ
همْ أُولو المجدِ إن سألتَ، فإنْ كَا
ثَرْتَ كانُوا هُمُ أولي الألْبَابِ
وَمتى كُنتَ صَاحِباً لذَوي السّؤ
دَد يَوْماً فإنّهُمْ أصْحابي
وَكفَاني، إذا الحَوَادِثُ أظْلَمْـ
ـنَ، شِهَاباً بغُرّةِ ابنِ شِهَابِ
سَبَبٌ أوّلٌ عَلى جُودِ إسْمَا
عيلَ أغْنَى عَنْ سائِرِ الأسْبابِ
لاستَهَلّتْ سَمَاؤهُ، فَمُطِرنا
ذَهَباً في انْهِلالِ تلكَ الذّهَابِ
لا يَزُورُ الوفَاءَ غِبّاً، وَلا يَعْـ
ـشَقُ غَدرَ الفَعالِ عِشقَ الكَعابِ
مُستَعيدٌ، عَلى اختِلافِ اللّيَالي،
نَسَقاً مِنْ خَلائِقٍ أتْرَابِ
عادَ مِنْها لِمَا بَداهُ إلى أنْ
خِلْتَهُ يَسْتَمِلُّهَا مِنْ كِتَابِ
فَهوَ غَيثٌ، والغَيثُ مُحتَفِلُ الوَد
قِ، وَبحرٌ، والبَحْرُ طامي العُبابِ
شَمّرَ الذّيْلَ للمَحَامِدِ، حتّى
جَاءَ فيها مَجرُورَةَ الهُدّابِ
عَزَماتٌ يُضِئْنَ داجية الخُطـ
ـبِ، وَلَوْ كانَ من وَرَاءِ حِجابِ
يَتَوَقّدْنَ، وَالكَواكبُ مُطْفَـا
ة، وَيَقطَعنَ، وَالسّيوفُ نَوابِي
تَرَكَ الخَفْضَ للدّنيءِ، وَقَاسَى
صَعْبَةً العيش في المساعي الصعاب
سَامَ بالمَجدِ، فاشتراهُ، وَقد بَا
تَ عَلَيْهِ مُزَايِداً للسّحَابِ
وَاجدُ القَصْدِ، طرْفُهُ في ارْتِفاعٍ
مِنْ سُمُوٍّ، وكَفُّهُ في انصِبابِ
ثَرّةٌ مِنْ أنَامِلٍ ظلن يَجرِيـ
ـنَ على الخابطينَ جَرْيَ الشّعابِ
وَسَمِيٌّ لَهُ تَمَنّى مَعَاليـ
ـهِ، وَكَلْبٌ مشتقهُ منْ كِلابِ
وإذ الأنْفُسُ اخْتَلَفْنَ فَما يُغـ
ـني اتّفاقُ الأسْماءِ وَالألْقَابِ
يا أبا القاسِمِ! اقْتِسَامُ عَطَاءٍ
مَا نَرَاهُ، أمِ اقْتِسامُ نِهَابِ
خُذْ لِسَاني إلَيكَ، فالمِلْكُ للألْـ
ـسنِ في الحُكمِ عَدلُ مِلكِ الرّقابِ
صُنتَني عَنْ مَعاشرٍ لا يُسَمّى
أوّلُوهُمْ إلاّ غَداةَ سِبَابِ
مِنْ جِعَادِ الأكُفّ غَيرِ جِعادٍ،
وَغِضَابِ الوُجوهِ غيرِ غِضَابِ
خَطَرُوا خَطرَةَ الجَهامِ، وسَارُوا
في نَوَاحي الظّنونِ سَيرَ السّحاب
أخطأوا المَكرُماتِ، وَالتمَسَوا قا
رِعَةَ المَجدِ في غَداةِ ضَبَابِ