باريس مرجعيتنا

باريس

باريس تصر على بقاء الحصان اللبناني. تعود جذور هذا الفحل إلى أيام حماية فرنسا للطبقة اللبنانية من الاحتلال العثماني.

– يؤكد المبشرون والمدارس والجامعات على هذه الحقيقة. ترسخت هذه الجذور بشكل متزايد مع الانتداب الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولى.

بعد استقلال لبنان وسقوط الانتداب ، بقيت باريس حاضرة في القانون اللبناني وأسس الدستور وآليات الحكم.

وجد توازنًا ليبقى مستقرًا مع الخيول اللبنانية التي تطمع بها وتتحدث لغتها بدلاً من قاف. حتى أن البعض تفاخر بأن “قبعة جده معلقة على برج إيفل” … وأقام معادلاته في السياسة والثقافة على أساس الدروس الخصوصية المستمرة ، مما منحه ميزة على المشاركين الآخرين في وطنه والانتماء إلى

لبناني قدموا هوياتهم.

لكن كل شيء يأتي من التاريخ.وما مضى هو ماضي. تغير دور فرنسا مع الأحداث التي جعلت من لبنان “شرق سويسرا” “قلعة المقاومة”. صحيح أن الفرنسيين ما زالت لهم مصالح في لبنان .. لكن “القبعة” التي تأتي من الولاء للناطقين بالفرنسية لم تعد معيارًا.

وبعد اتفاق الطائف مدوا جسور ودهم باتجاه الرئيس المغدور رفيق الحريري، ورعوا المشاريع النهضوية التي حملها ليعيد إحياء بلاده وشاركوا فيها. ولنا في مؤتمرات “باريس I وII وIII ” نموذجٌ ودليلٌ.

لكن ماذا بعد الاغتيال وبعد تطورات ألحقت لبنان بمحور سلخه بالكامل ليس فقط عن الرؤية الحريرية، وانما عن انتمائه العربي وعن الشرعية الدولية، ليحوِّله ساحة مستباحة وصندوق بريد؟؟

وإلى أين توجه الاهتمام الفرنسي؟؟

يمكن القول إن هذا الاهتمام بقي موجودا، وإن غير واضح المعالم تغلب عليه دبلوماسية اللياقات وفق كتاب “الإتيكيت” الفرنسي الذائع الصيت، وبحرص على توازن مدروس ودقيق بين القوى اللبنانية المتناقضة والمنقسمة عموديا بين المحاور الإقليمية كما بين المحاور الدولية في اصطفافات تعمق

الشرخ وتولِّد الأزمات إلى حد استعصاء الحلول من دون تدخلات خارجية حاسمة.

لكن بعد جريمة تفجير مرفأ بيروت، التي كان يفترض أن تفجر بدورها استمرار تحكم هذه القوى بالحياة السياسية اللبنانية، يمكن القول إن الدور الفرنسي بات أوضح.

وحضور الرئيس إيمانويل ماكرون إلى بيروت مرات ومرات لتعويم هذه القوى أعطى مفاعيله.تتبلور هذه الآثار أكثر فأكثر في هذه المرحلة مع الانهيار الكامل للاقتصاد اللبناني وانهيار الدولة بإدارتها ومؤسساتها ، الأمر الذي يؤدي إلى عدم القدرة على إيجاد توافق بين القوى المتصارعة على السلطة وعدم قدرتها على انتخاب الرئيس الذي أعاد النظام إلى الحياة السياسية من خلال تشكيل حكومة جديدة عام

بمسؤولية تنفيذية.

، وأصبح دور فرنسا محط اهتمام متزايد ، بدءًا من تحول الشانزليزيه إلى طاولة اجتماعات لمناقشة كيفية حل المشكلة اللبنانية وإنقاذها ، ثم فيما يتعلق بالتطور الذي حدث بعد المملكة العربية السعودية و وافقت إيران على الضمانة الصينية لفتح موقع جديد في المنطقة ، والذي يعد بمزايا عديدة لطائرة La

. يجب أن ينعكس ذلك في دول المنطقة ، بما في ذلك لبنان.

لكن هل يعني الاهتمام الفرنسي مقرونا بالاتفاق التاريخي بين السعودية وإيران أن خلاص لبنان آتٍ لا ريب فيه؟؟التسرع في الاستنتاجات قد يؤدي إلى صدمة سلبية، لا سيما في ضوء ما لم يسفر عنه اجتماع باريس الأخير، فهو أظهر أن طريق الخلاص لا يزال مسدودا، لتبقى التباينات هي السائدة مع تناقض في الرؤية بين رئيس يتمتع بمواصفات تضمنتها ورقة المبادرة الخليجية التي تنص على التزام لبنان مسارالإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي، واعتماد سياسة النأي بالنفس، واحترام سيادة الدول العربية والخليجية ووقف التدخل السياسي والإعلامي والعسكري في أي من هذه الدول، واحترام قرارات الجامعة العربية والالتزام بالشرعيتين العربية والدولية، واتخاذ إجراءات جدية وموثوقة لضبطالمعابر الحدودية اللبنانية، ومنع تهريب المخدرات واعتماد سياسة أمنية واضحة وحاسمة توقف استهداف دول الخليج أمنيا وإعلاميا.. وما إلى ذلك من شروط كفيلة بإنقاذ لبنان.. ووضعه على سكة الأمان..أم هل يفضل مستقر باريسي ترقية رئيس تنفيذي تنحصر مواصفاته في إدارة أزمة دون إزالة صواعق؟