معنى استطراد بالأمثلة
معنى استطراد
معنى استطراد في اللغة: هو من اطّرد الشيء أي: تبع بعضه بعضًا، إذا تتابع ثم عاد وانعطف، أما معني الاستطراد اصطلاحًا: هو الانتقال من معنى إلى معنى آخر متصل به.
الاستطراد هو أحد فنون علم البديع الذي هو من علوم اللغة، ومعني استطراد في اللغة أي معناه في لسان العرب وما تعارف عليه العرب من معنى هذه الكلمة، أما عن معناه في الاصطلاح أي: ما اتفق على تعريفه مجموعة من أهل العلم الواحد أو أهل التخصص الواحد وهنا أهل التخصص هم البلاغيين.
أي: لم يُقصد في بادئ الكلام أن يتوصل للمعنى الثاني ولكن جاء في سياق الكلام فاستطرد قائلًا كذا ثم عاد لأصل الكلام مرة أخرى، مثل: حضر زيد إلى المجلس، لقد كان مريضًا وبعد حضوره فعل كذا وكذا.
وقد عرف أحمد الهاشمي الاستطراد قائلًا: “هو خروج المتكلم من الغرض الذي هو فيه إلى غرضٍ آخر لمناسبة بينهما، ثم يرجع، فيَنتقل إلى إتمام الكلام الأول”، وقد عرفه البعض بأنه “حسن الخروج”، وعرفه الجاحظ بأنه: “هو الانتقال من موضوع إلى آخر لكي لا يمّل القارئ أو السامع” وتجدر الإشارة بأن بالطبع مؤلفات الجاحظ مليئة بالاستطراد. [1]
امثلة استطراد
وإنا لقوم لا نرى القتل سُبةً إذا ما رأته عامــر وسلول
يُقرّب حــب الموت آجــالنا وتكرهــه آجالهـم فتطـــول
وما مات منا سيدٌ حتف أنفه ولا طُلّ منا حيث كان قتيل
الشاعر هنا يمدح قومه بحبهم للحرب والموت وشجاعتهم وجرأتهم وبسالتهم، فمدح قومه قائلًا إنهم لا يروا في القتل عيب مثل قوم عامر وسلول وهذا استطراد فهو يمدح قومه ثم يهجو في عامر وسلول ويرجع ثانيةً لمدح قومه ثم يستطرد عائدًا لهجائهم مجددًا.
إِن كنت كَاذِبَة الَّذِي حَدَّثتنِي فنجوت منجى الْحَارِث بن هِشَام
ترك الْأَحِبَّة أَن يُقَاتل دونهم وَنَجَا بِرَأْس طمرة ولجام
جَرداءَ تَمزَعُ في الغُبارِ كَأَنَّها سِرحانُ غابٍ في ظِلالِ غَمامِ
استطرد الشاعر هنا بعد الغزل في محبوبته فهجى الحارث بن هشام ثم عاد لغزل محبوبته ثانيةً عند جرداء تمزع.
فأقسم لو أصبحت في عزّ مالك وقدرته أغنى بما رمت مطلبي
فتى شقيت أمواله بنواله كما شقيت قيس بأرماح تغلب
هنا استطرد الشاعر بأن مشقته وتعبه يُشبه شقاء قيس من رماح قبيلة تغلب.
وسابح هطل التِّعداءِ هتانِ على الجِراء أمينٍ غيرِ خوانِ
أظمى الفصوص ولم تظمأ قوائمه فخلِ عينيك في ظمآن ريّانِ
فلو تراه مُشيحًا والحصى زِيَمٌ بين السنابكِ من مثنى ووُحدانِ
أيقنت -إن لم تَثَبَّتْ- أنّ حافره من صخرٍ تدمرُ أو من وجه عثمان
والاستطراد هنا جاء على هيئة وصف للفرس بينما هو يهجو شخص يُدعى عثمان. [1] [2]
الاستطراد في الشعر الجاهلي
كان العرب في أيام الجاهلية ضلعين في اللغة العربية وفنونها وبلاغتها وفصاحتها، والشعر الجاهلي هو أكبر دليل على ذلك والمعلقات، وهذا يأخذنا إلى فن الاستطراد، متى بدأ ومن أول شاعر أدخله في الشعر؟
أول من ابتدع وابتدأ الاستطراد في الشعر هو الشاعر الجاهلي “السموأل بن عاديا” في تلك الأبيات:
وإنا لقوم لا نرى القتل سُبةً إذا ما رأته عامــر وسلول
يُقرّب حــب الموت آجــالنا وتكرهــه آجالهـم فتطـــول
وما مات منا سيدٌ حتف أنفه ولا طُلّ منا حيث كان قتيل. [1]
الاستطراد في القران الكريم
كما ذكرنا أن الاستطراد هو فن من علم البديع الذي تختص به اللغة العربية وحدها، والقران جاء معجزًا متحديًا للعرب خاصة لأنهم كانوا مختصين في اللغة فتحداهم القران أن يأتوا بمثل هذا القران وهم فصحاء العرب، ومن أمثلة الاستطراد التي جاءت في القران الكريم:
(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْه…..) فهنا استطرد من حكاية وصية لقمان لابنه لوصيته سبحانه وتعالى إلى عباده للمناسبة بينهم، ثم رجع إلى وصية لقمان (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَل…..)،
وكما جاء في سورة الشعراء عندما دعا سيدنا إبراهيم ربه قائلًا (ولا تخزني يوم يبعثون) واستطرد في وصف يوم القيامة (يوم لا ينفع مالًا ولا بنون) إلى آخر الآيات ثم عاد مرة أخرى لذكر الأنبياء والأمم.
ومن الأمثلة القرآنية الأخرى قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) قال الطاهر بن عاشور في تفسيره: أن (كذلك نحي الموتى) معترضة وسط الآية وهو استطراد يُفيد الموعظة والاستدلال على ما يعتبرونه بعيدًا وهو يوم الميعاد.
كما جاء في الآية: (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ)
وقد فسرها الطاهر بن عاشور كذلك قائلًا: أن المقصود من التشبيه الاستطراد بذم قوم ثمود لأنهج كانوا أشد جرأة على رسولهم، فعندما جاء المقام في ذكر القصص والأمم السابقة الهالكة أُعيد ذكر قوم ثمود على أنهم كانوا أكثر جرأة وكفرًا.
وجاء الاستطراد في الآية: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا – وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَك……) وهنا قوله سبحانه عز وجل (وقران الفجر) هو استطراد لطيف لأنه خرج من ذكر الليل إلى قران الفجر ثم عاد إلى الليل مرة أخرى. [3]
الفرق بين الاستطراد والاستدراك
الاستطراد هو الانتقال من معنى إلى آخر متصل به لمناسبته ثم العودة مرة أخرى للمعنى الأصلي، والاستدراك هو استدراك أمر تريد رفع التوهم عنه.
والاستدراك هو رفع ما قد يتوهم ثبوته وله أحرف منها: لكن ولكنّ وعلى، كما جاء في الآية: (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا)، وهنا استدراك بأنه يؤمن بالله سبحانه وتعالى. [4]
الفرق بين الاستطراد والاسترسال
الاستطراد يعني الانتقال من معنى لمعنى ولكن متصل به لمناسبته وسط الكلام، لكن الاسترسال هو الاستمرار في الحديث.
والاسترسال يأتي عندما يستمر الكلام عن موضوع ما لمدة طويلة نسبيًا فاسترسل في حديثه أي استمر لفترة زمنية في الحديث عن موضوع واحد، والاسترسال هو الاتساع في الحديث والاستمرار بعكس الاستطراد هو يستطرد لحداث معنى معين ذا صلة ثم يعود للموضوع الأصلي كما كان. [5]