مسوغات الابتداء بالنكرة

مسوغات الابتداء بالنكرة

  • تقدم الخبر على المبتدأ في حالة كونه ظرفاً، أو جار ومجرور، كما في قوله تعالى: (على أبصارهم غشاوة)، و:(لكلِ نبأٍ مستقر).
  • الاستفهام، أن يتقدم على النكرة استفهام، كما في قوله تعالى: (اإلهٌ مع الله)، فمسوِّغ الابتداء بنكرة هنا مجئ الهمزة في بدايتها.
  • عند تقدم النفي على النكرة، كما في قوله تعالى: (وما من إله إلا إله واحد).
  • عندما يدل لفظ النكرة على الدعاء كما في قوله تعالى: (سلام على نوح في العالمين)، وقوله تعلى: (ويل للمطففين).
  • إضافة النكرة مسوِّغ للابتداء بها، كما في قول: (عمل برٍ يزين)، أُضيفت النكرة (عمل) إلى (بر)، فجاز الابتداء بها.
  • يجوز الابتداء بالنكرة إذا كانت شرطاً، كما في قوله تعالى: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)، (من): اسم شرط جازم نكرة في محل رفع مبتدأ.
  • وقوع النكرة كجواب لسؤال استفهامي، إذا قلنا: من المخلص؟ يُجاب عليها بقول: (رجل)، فهنا ذكر المنكر كمبتدأ، وخبره محذوف تقديره: (نجح).
  • الدلالة على العموم تسوِّغ الابتداء بالنكرة، فإذا قلنا: (كلٌ يموت)، فالموت أمر عام سوف يمر به الجميع، لذا جاز الابتداء بالنكرة: (كل).
  • قصد التنويع، كما في قول الشاعر: (فأقبلت زحفا على الركبتين، فثوب لبست وثوب أجر)، ثوب نكرة تدل على التنويع فساغ الابتداء بها.
  • الوقوع بعد لولا، إذا وقعت النكرة بعد لولا جاز الابتداء بالنكرة.
  • فاء الجزاء عندما تأتي بعد النكرة تسوِّغ الابتداء بها، كما في قول العرب: (إن ذهب عير فعير في الرباط).
  • دخول لام الابتداء على النكرة كما في قول: (لرجل قائم).
  • جاز الابتداء بالنكرة في قول الفرزدق: (كم عمة لك ياجرير وخالة، فدعاء قد حلت على عشاري)، وذلك لوقوع النكرة بعد كم الخبرية.

جواز الابتداء بالنكرة

  • يجوز الابتداء بالنكرة إن كانت تفيد معنى التعجب، كما في قوله تعالى: (قتل الإنسان ما أكفره)، بُدئت الجملة بـ (ما) النكرة، لإفادتها التعجب.
  • التصغير، النكرة المصغرة إن أفادت معنى الوصف جاز الابتداء بها، مثل قول: (أسيد في الحديقة)، والمعنى الموصوف: (أسد صغير).
  • إذا خلفت النكرة الموصوف المحذوف، مثل قول: (مؤمنٌ خيرٌ من كافر)، حُذف الموصوف (رجل)، وبقي وصفه المنكر: (مؤمن).
  • يساغ الابتداء بالنكرة إن كان في معنى المحصور، مثل قول: (شئٌ جاء بك)، بدلاً من قول: (ما جاء بك إلا شئ).
  • وقوع واو الحال قبل المنكر يسوِّغ الابتداء به، كما في كلمة (نجم) في قول الشاعر: (سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا، ومحياك أخفى ضوءه كل شارق).
  • عطف النكرة على المعرفة يجوِّز الابتداء بها، مثل قول: (مصطفى ورجل قائمان).
  • أن تكون النكرة معطوفة على وصف، مثل قول: (جعفري ورجل في الدار)، عُطف النكرة (رجل)، على جعفري وهو وصف لموصوف محذوف.
  • يُعطف على النكرة موصوف فيسوِّغ الابتداء بها، كمل في قول: (رجل وزوجة صالحة في الدار)، عطف على رجل (النكرة) بموصوف (الزوجة).
  • الإبهام، أن تكون النكرة مبهمة، يقول امرئ القيس: (مرسعة بين أرساغه، به عسم ينبغي أرنبا)، جاز الابتداء بـ (مرسعة) لأنها مبهمة.

يجوز البدء بالنكرة في حالة

مجئ لفظ النكرة موصوفاً.

الأصل في الجملة الخبرية أن يأتي المبتدأ معرفاً، ولكن في بعض الحالات يجوز البدء بالنكرة، وضع النحيون شروطاً لمجئ النكرة مبتدءاً، ومن الحالات التي يجوز بها الابتداء بالنكرة: أن يكون النكرة موصوفاً، كما في قوله تعالى: (رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة)، كلمة (رسول) نكرة، وُصف بأنه (من الله)، وهو ما أجاز الابتداء بها، والخبر: (يلو صحفاً) جملة فعلية في محل خبر.

وفي قوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمن ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم)، كلمة (أمة) نكرة، وساغ الابتداء بها لأنها موصوفة بكلمة: (مؤمنة)، وكذلك في كلمة: (ولعبد)، جاز الابتداء بها رغم كونها نكرة، لأنها موصوفة بكلمة: (مؤمن)، وهكذا.

قصيدة مسوغات الابتداء بالنكرة

نظم العلامة تاج الدين ابن مكتوم القيسي أبياتاً، يخبر بها عن مسوغات الابتداء بالنكرة، فقال:

إذا ما جعلت الاسم مبتـدأ فقل، بتـعريـفه إلا مـواضع نـكّرا

بـها وهي إن عدّت ثلاثون بعـدها، ثلاثـتها فـاحفظ لكي تتـمـهّرا

ومـرجعها لاثـنين منها فـقـل: هما، خصوص وتعـميم أفـاد وأثّرا

فأولها الموصوف والوصف والذي، عـن النفي واستفهامه قد تأخرا

كذاك اسم الاستفهام والشرط والذي، أضيف وما قد عمّ أو جا منكّرا

كقولك دينار لدي لقائل، أعندك دينار فـكن متـبصّرا

كذا كـم لإخبار ومـا ليس قـابلا، لأل وكذا ما كان في الحصر قد جَرا

ومـا جا دعـاء أو غدا عاملا وما، له سوّغ الـتـّفصيل أن يـتـنكّرا

وما بعد واو الحال جاء وفـا الجزا، ولـولا وما كالـفعل أو جا مصـغّرا

ومــا إن يتـلو في جـواب الّذي نفى، وما كـان معـطوفًا عـلى ما تنكرا

وساغ ومخصوصًا غدا وجواب ذي، سـؤال بأمْ والـهمز فاخبر لتخبرا

ومـا قـدمت أخباره وهي جملة، وما نـحـو ما أسخاه في القرّ بالقرا

كذا ما ولي لام ابتداء وما غدا، عن الظّرف والمجرور أيضًا مؤخّرا

ومـا كان في معنى التعجب أو تلا، إذا لِفُجَاةٍ فـاحوها تـحـوِ جـوهرا.

الابتداء بالنكرة في الحديث النبوي

على الرغم من تقرير النجاة بأن البدء بالمعرفة أفضل، لأن النكرة مجهولة، ولا فائدة من الحكم على المجهول، إلا أنه ورد في القرآن والسنة النبوية، وفي كلام العرب ابتداءاً بالنكرة، وإليك بعض أحدايث النبي صلَّ الله عليه وسلم ابتدئها بالنكرة:

(لَغَدْوَةٌ في سبيل الله أو رَوْحَةٌ خيرٌ من الدّنيا وما فيها)، وُصفت النكرة بالجار والمجرور، كما أنها اتصلت بلام الابتداء، مما سوَّغ البدء بها.

(ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه، وآمن بمحمد صلَّ الله عليه وسلم فله أجران، والعبد المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه، ورجل كانت عنده أمة يطؤها، فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها، فله أجران)، ابتدأ الحديث بنكرة، والخبر جملة إسمية، ومسوِّغ الابتداء بالنكرة هنا أن النكرة جائت موصوة وصفاً تقديرياً أي: (محذوفاً من الكلام)، وتقديره: (ثلاثة رجال)، أو: (رجال ثلاثة).

حديث أبي هريرة عن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة، ولا يزكّيهم، ولهم عذاب أليم، رجلٌ كان له فضل ماء بالطريق فمنعه من ابن السبيل، ورجلٌ بايع إمامًا لا يُبايعه إلا لدنيا فإن أعطاه منها رضي وإنْ لم يعطه منها سخط، ورجلٌ أقام سلعته بعد العصر فقال: والله الذي لا إله غيره لقد أعطيت بها كذا وكذا فصدَّقه رجلٌ)، المبتدأ في هذا الحديث الشريف نكرة، والخبر جملة فعلية.

(ثلاثٌ مَن كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أنْ يكون الله ورسوله أَحَبّ إليه ممّا سواهما، وأنْ يُحبَّ المرء لا يُحبّه إلا لله، وأنْ يَكره أنْ يَعود في الكُفْر كما يكره أنْ يُقذفَ في النّار)، جاز الابتداء بالنكرة هنا لأن التنوين حل محل المضاف إليه، فكانت النكرة مبتدأ، والخبر جملة شرطية.[1][2][3]