امثلة على التورية
امثلة على التورية
التورية هي أن يطلق لفظ له معنيان: معنى قريب، ومعنى بعيد، ويراد المعنى البعيد، وهي عبارة عن دال واحد له مدلولان، الأول مدلول قريب لا يلائم المقام لذلك يتم إلغاءه، والثاني بعيد يلائم المقام، فهو مقبول. امثلة على التورية في الشعر:
قال سراج الدين الوراق
وقفت بأطلال الأحبة سائلًا ودمعي يسقي ثم عهدًا ومدمعًا
ومن عجب أني أروي ديارهم وحظي منها حين أسألها الصدى
- التورية: في كلمة الصدى، والمعنى القريب منها هو الظمأ، وهو معنى غير مقصود، والمعنى البعيد المطلوب هو صدى الصوت
كأنّا للمجاورة اقتسمنا فقلبي جارهم والدمع جاري
- كلمة جاري تم استعمال التروية فيها، المعنى القريب غير المطلوب منها هو صاحب الدار. بينما المعنى البعيد المطلوب هو سائل ومنسكب
كم قطع الجود من لسان قلّد من نظمه النحورا
فها أنا شاعر سراج فاقطع لساني أزدك نورا
- لسان هي كلمة تتضمن تورية، المعنى القريب منها هي فتيل السراج. والمعنى البعيد المقصود وهو قطع لسان الشاعر، أي اسكات الشاعر بالعطايا عن الهجاء.
قال بدر الدين الذهبي:
رفقًا بخل ناصح أبليته صدًا وهجرًا
وافاك سائلُ دمعه فرددته في الحال نهرًا
- التورية في كلمة نهرا. والمعنى القريب هو الزجر والتوبيخ والدليل هو التمهيد بكلمة رددته. أما المعنى البعيد هو مجرى الماء العذب، وهو المعنى الذي أراده الشاعر.
وما الشعر إلا روضةٌ راق حسنها ولا سيما إن كان قد وقع الندى
- الندى هي تورية في هذا البيت، المعنى القريب غير المقصود هو الطل. والمعنى المقصود هو عطاء الممدوح
وبنيت عندي نخيل الوداد لأنك عندي دفنت النوى
- النوى له معنيان: معنى قريب غير مقصود وهو بذور النخلة والمفرد منها نواة، والتمهيد من كلمة دفنت. والمعنى البعيد هو الهجر والبين.
ومنه شعر القاضي عياض عندما أزهرت الأرض في شهر كانون:
كأن كانون أهدى من ملابسه لشهر تموز أنواعًا من الحلل
أو الغزالة من طول المدى خرفت فما تفرق بين الجدي والحمل
- التورية في الغزالة لم يشير فيها الشاعر الى الحيوان البري والمورى عنه هو الشمس بالإشراق والغروب. [2]
امثلة على التورية في القرآن
قوله تعالى في سورة الأنعام: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60)
- الجرح: المعنى المراد القريب هو الجرح المعروف وهو غير مراد. والمعنى البعيد هو ارتكاب الذنوب وهو المعنى المراد
قال تعالى في سورة يوسف: وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّى لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَآ أَن تُفَنِّدُونِ (94)
- إنك لفي ضلالك القديم: المعنى القريب هو أنه لا يزال بأوهامه بأن يعود يوسف إليه
- المراد هو أنه ما زال ضال في إيثاره يوسف على إخوته وهذه الغيره هي التي دفعتهم لإلقاء يوسف في الجب في المقام الأول.
في الحديث النبوي الشريف هناك الكثير من الأمثلة عن التورية مثل:
“عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم، وهو مردف أبا بكر، وابو بكر شيخ يعرف، ونبي الله عليه الصلاة والسلام شاب لا يُعرف. قال: فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: يا أبا بكر، من هذا الرجل الذي بين يديك؟ فيقول: هذا الرجل يهديني السبيل. فيحسب الحاسب أنه إنما يعني الطريق، وإنما يعني سبيل الخير”
- السبيل: المعنى القريب هو الطريق
- سبيل الخير هو المعنى البعيد المراد [3]
أنواع التورية وأمثلة عليها
- التورية المجردة
- المرّشحة
- المبيّنة
- المهيأة
التورية المجردة: لا يتم فيها ذكر اي لازم من لوازم المورّى به، وهو المعنى القريب. ولا يحتوي أيضًا على لوازم المورّى عنه، وهو المعنى البعيد.
من أمثلة التورية المجردة: قوله تعالى الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى
- المعنى القريب: هو الاستواء، والاستقرار في المكان، وهو غير مقصود
- الثاني وهو المعنى البعيد المقصود: يعني الاستيلاء والملك. والله سبحانه وتعالى منزه عن المعنى الأول
التورية المرّشحة: هذه الدرجة هي أقوى درجات الإيهام في التورية. لأن الكاتب يذكر ما يلائم المورّى به، وبالتالي يخفي المعنى المقصود
مثال عليها: قوله تعالى وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ الذاريات: ٤٧. وهنا تحتمل التورية في كلمة (بأيد) معنيان
- القريب: يعني اليد الحقيقية، وسبقت بما يلائم المورّى به وهو كلمة بنيناها وهي من لوازم اليد
- البعيد: قوة الخالق وعظمته وقدرته. والله عز وجل منزه عن المعنى الأول
ومن الأمثلة الأخرى قول الشاعر يحيى بن منصور
فلما نأت عنّا العشيرة كلّها أنخنا فحالفنا السيوف على الدّهر
فما أسلمتنا عند يوم كريهة ولا نحن أغضينا الجفون على وتر
- الجفون: المعنى القريب منها هو جفون العين الحقيقية وذكر الشاعر شيئَا من لوازمه وهو أغضينا لأن هذا من فعل العين
- غمد السيف هو المعنى البعيد المراد وهو المورّى عنه. والسيف إذا أغمد انطبق الجفن عليه
المبيّنة: وفي هذه الحالة يذكر ما يدل على المورّى عنه، فيكون من السهل كشف التورية. مثل قول البحتري.
ووراء تسديد الوشاح مليّة بالحسن تملح في القلوب وتعذب
- تملح: المعنى القريب هو الملوحة وهي عكس العذوبة وهو المعنى غير المراد
- الملاحة: تعني الحسن، وهو المعنى البعيد المراد، وذكر الشاعر ما يدل عليه وهو (ملية بالحسن)
المهيأة: تكون مهيأة بلفظ قبلها، أو بلفظ بعدها أو بلفظين. في قول الشاعر:
لولا التطيّر بالخلاف وأنّهم قالوا: مريض لا يعود مريضا
لقضيت نحبي في جنابك خدمة لأكون مندوبا قضى مفروضا
- مندوب: يعني الشخص المنتدب لحكم شرعي، المعنى القريب
- الميت الذي يندب: وهو المعنى البعيد
تمرينات على التورية
أصون أديم وجهي عن أناس لقاء الموت عندهم الأديب
وربّ الشعر عندهم بغيض ولو وافى به لهم حبيب
- حبيب: المعنى القريب المراد هو المحبوب، والتمهيد له بكلمة بغيض
- الاسم الحقيقي للشاعر العباسي المشهور بأبي تمام هو حبيب. والاسم الكامل له هو حبيب بن أوس
قال طبيب العيون، ابن دانيال
يا سائلي عن حرفتي في الورى واضيعتي فيهم وإفلاسي
ما حال من درهم إنفاقه يأخذه من أعين الناس
- يأخذه من أعين الناس: المعنى المورى به هو أخذ الدرهم كأجر لعلاج عيون الناس
- أخذ الدرهم من الناس مكرهين مرغمين هو المعنى البعيد. لأن أعين الناس تسافر خلف ما يدفعونه من دراهم لشفائها [1]