لماذا قال الله مودة ورحمة ولم يقل حب
لماذا قال الله مودة ورحمة ولم يقل حب
لأن المودة هي محبة خالصة مقرونة بإظهار الود، أما المحبة فهي شعور داخلي.
قال تعالى: (وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون)، جعل الله بين الزوجين مودةً ورحمة لأن العلاقة بينهما لا يمكن أن تقوم على المشاعر الكامنة في القلب وحدها، والشخص المحب يُكن لك الحب، ولكن قد لا يُظهره.
بينما يُظهر لك الشخص الودود حبه لك بأقواله وأفعاله، يتلمَّس أحوالك، ويتواصل معك بلا انقطاع، وهو ما يحتاجه الزوجين حتى تستمر الحياة بينهما، قد لا تصفو الحياة من كدر المشاكل، ولكن المودة والرحمة تذيب الخلافات، وتسيِّر مراكب الحب، والوصل، وبالرحمة يرحم كل منهما ضعف الآخر واحتياجه إليه.[1]
قال الله لتسكنوا إليها
قاصداً السكن الجسماني والقلبي.
يسكن الزوج إلى الزوج وتسكن إليه، فيلبي كل منهما احتياج الآخر، يأوي إليها ليقضي حاجته، ويحصِّل لذته، وتأوى هي إليه لتتقض شهوتها، ويأنس كلٌ منهما بالآخر ويميل إليه، يطمئن قلب كل منهما بوجود الآخر إلى جانبه، ولا ينفر أحدهما من وجود الآخر، فالسكون هنا جاء لظرف مكان، وظرف المكان يكون للأجسام، وينطبق هنا على القلوب.[2][3]
كيف يحقق الزوج مع زوجته المودة والرحمة
- يتفاهم مع زوجته، ويقسما الواجبات بينهما دون إرهاق بعضهما.
- أن يعاشر زوجته بالحسنى والمعروف.
- يعرف حق زوجته عليه كما يعرف واجباتها تجاهه، وأن يكون عارفاً بطبيعتها معرفة تامة ليحسن معاملتها.
- يراعي رقة مشاعرها، وضعفها، وسرعة تأثرها بالأمور.
- على الزوج أن يدير أسرته بالحسنى، ولكن بشخصية قوية صاحبة كلمة حتى لا تغرق السفينة التي يديرها.
- لا يعامل زوحته كالأمة التي عليها العمل بالنهار، وإمتاعه في الليل، بل عليه مراعاة مشاعرها قبل أن يطلب منها الإنصياع لأوامره.
- يستنفذ الزوج الابتسامات والمجاملات مع الناس، وزوجته أولى باهتمامه، وبكلامه الحسن، وعباراته اللطيفة، ونكاته المضحكة.
- غياب الزوج عن البيت لفترات طويلة وبلا سبباً ضرورياً يجعل العلاقة بين الزوجين فاترة، ويدخل الوحشة في قلوبهم.
- الصمت الطويل يقتل الحب، والود، وتتسع الهوة بين الزوجين يومياً بسببه، فليبدأ الزوج بالحديث، ويفتح الباب لزوجته لتخبره بما جرى في يومها.
- عدم ترك الخلافات تكبر، وتتسع دائرتها، فحل المشكلات أولاً بأول يزيد روابط الحب، ويمنع تراكم الخلافات التي تفضي إلى القطيعة.
- ومما يديم المودة بين الزوجين أن يغض الزوج بصره عن النساء، فدوام مشاهدته للتفاز، وإطلاق بصره في الشارع والعمل سبب زهده في زوجته.
- الإيمان بالله والعمل الصالح هو اللبنة الأساسية في بناء الحياة السعيدة، فحتى تحلو الحياة، وتتحقق المودة بينكما عليك بالتقرب إلى الله.
- الصبر والتغافل عن أخطاء الزوجة، واحترامها مهما كثرت المشاكل والخلافات.
- الرفق في حل المشكلات، يقول صلَّ الله عليه وسلم: (إذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ الرِّفْقَ).
- العمل بوصية الرسول والتي تحفظ عليك أهلك وزوجك وأحبابك، وهي: (لا تغضب)، فالغضب ليس بعده إلا الندم.
تحقيق المودة والرحمة في الأسرة
يجب على الرجل والمرأة السعي من أجل تحقيق المودة والرحمة، وتبدأ رحلة البحث عن علاقة طيبة مفعمة بالحب والمودة والرحمة قبل الزواج، فمن البداية يجب أن تختار المرأة رجلاً صالحاً يخاف الله، ويختار الرجل مرأة صالحة حسنة الخلق، وذات دين، يقول صلَّ الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد)، فإن الاختيارات الفاسدة هي سبب فساد الأسرة.
لن تتحقق المودة والرحمة إن لم يتذكر كلا الطرفان أن حسن الخلق، والعشرة بالمعروف أساس للزواج ولا بديل عنهما، يقول سبحانه وتعالى: (وعاشروهن بالمعروف)، وعلى جميع أطراف الأسرة أن يصبروا ويتحلوا بالأناة حتى تمر الخلافات الأسرية دون أن يتخلى أحد الأطراف عند المودة السائدة بين الجميع، فالتغافل والتفاهم هما الوسيلة الوحيدة للم شمل الأسر عند كل شقاق، أثر عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه قال في الأشج عبدالقيس: (إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة).
مما ينهي المودة والرحمة بين الزوجين، وبين الوالدين وأبنائهما هو التفرقة في المعاملة بين الأبناء، فإن الزوج يغضب لتفرقة أم ولده بينهم، وتغضب هي لتفرقته بين أبنائها، يقول صلَّ الله عليه وسلم:
(اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم)، فلا يفرق والد بين والديه إلا إن كان هناك ما يستلزم ذلك، مثل أن يكون أحد أبنائه مريضاً ويحتاج للمزيد من العناية، أو يكون طالباً ويحتاج المزيد من المصاريف من أجل إكمال تعليمه، أو يكون أحدهم فقيراً ويعينه أباه على غلاء المعيشة، فإن فُقدت المودة والرحمة ضاعت الأسرة، وفسدت، يُسن للوالد أن يسوي في العطية بين أبنائه سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً.[4][5]
طاعة المرأة لزوجها تديم المودة
من الواجبات على الزوجة طاعة زوجها، فلكي تستمر العشرة بالمعروف يجب أن تحترم الزوجة قائد بيتها، وتطيعه، وتحسن إليه كما يحسن إليها، يقول صلَّ الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأحسنت تبعلها لزوجها؛ قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ)، لاحظي أختي المسلمة أن ما يلزم لدخولك الجنة هو طاعة الله، ثم رسوله صلَّ الله عليه وسلم، ثم طاعتك لزوجك إلا في معصية الله سبحانه وتعالى، فإن شروط دخولك الجنة على الترتيب (الله، ثم رسوله صلَّ الله عليه وسلم، ثم زوجك).
فلا يجوز للمرأة أن تبتعد عن زوجها وتنفر منه خاصةً عندما يحاول التقرب منها من أجل قضاء شهوته، فإن لم يضع شهوته فيمن تحل له، فأين يذهب، فبنفورها منه تدفعه إلى فعل المحرمات، يقول صلَّ الله عليه وسلم:
(والذي نفسي بيده! ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها)، تخيلي أن تبؤي بغضب الله لرفضكِ زوجك، قد تحسبينه فعلاً عادياً، أو دلالاً زائداً، ولكنه مفسدة، فعندما ترفض الزوجة دعوة زوجها إلى الفراش، فإنها تدفعه لقبول دعوة أخريات له إلى فراشهن، وهو مما لا شك فيه فعلاً يستلزم غضب الله تعالى.
يقول صلَّ الله عليه وسلم: (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح)، فبدلاً من أن تسري المودة والرحمة بين الزوجين، وتعم المنزل، والأبناء، تتسبب المرأة في ضياع كل جميل بينها وبين زوجها بسبب عدم طاعتها لها، ونفورها منه، أختي المسلمة الرقيقة، إن الجنة في طاعة زوجك، جنة الدنيا والآخرة، فلا تفرطي في رضا الله سبحانه وتعالى عليكِ، أكرمي زوجك تكن لكِ الدنيا والآخرة.[6]