الصلاة والرزق .. علاقة قوية بينها
الصلاة والرزق
توجد علاقة قوية بين الصلاة والرزق ، وليس الرزق فحسب بل إن للصلاة علاقة بكل شيء يحدث لنا، فالصلاة هي الباب الذي يُبقي الإنسان متصلًا بربه، لذلك لا يجب علينا أن نغلق هذا الباب بسبب الكسل أو غيره من الأسباب التي تجعلنا نترك الصلاة، فالصلاة هي التي تجلب الرزق وهي التي تحفظ لنا صحتنا وتبعد عنا المرض وتقوي قلبنا بالإيمان، وتُذهب عنا الكسل، ولقد جاء في كتاب زاد المعاد نصًا ما يأتي:
(الصلاة مجلبة للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى، مطردة للأدواء، مقوية للقلب، مبيضة للوجه، مفرحة للنفس، مذهبة للكسل، منشطة للجوارح، ممدة للقوى، شارحة للصدر، مغذية للروح، منورة للقلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة، مبعدة من الشيطان، مقربة من الرحمن).
والمراد هنا أننا يجب أن نصلي لكن ليس بدافع انتظار الرزق فلقد قال الله تعالى في كتابه: ” وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ” من سورة طه، أي علينا الصلاة والمثابرة على إقامتها بأركانها وواجباتها وكل ما يخصها، وقوله (لا نسألك رزقًا نحن نرزقك) أي أن عليك الصلاة كي يأتيك الرزاق من حيث لا تحتسب، ولا تنشغل بأمر الدنيا والمعيشة تاركًا ورائك الصلاة.
علينا أن نعلم أنه ليس المقصود هنا التكاسل عن طلب الرزق أيضًا، لأننا نرزق عندما نسعى، وذلك لقوله تعالى في سورة النور: “رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ” أي أن هؤلاء الرجال كانوا يبيعون ويشترون، ولكن عندما يحين موعد الصلاة لا تلهيهم التجارة عنها، وهنا تكمن العلاقة بين الصلاة والعمل. [1]
هل الصلاة لها علاقة بالرزق
نعم.
جاءت العديد من النصوص القرآنية والنبوية التي توضح مدى ارتباط الصلاة والعبادة الخالصة لله تعالى برزقه لعبده، والمقصود هنا من الصلاة الفرض والنافلة حتى فكلها أسباب للرزق، وقال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الذاريات: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ).
ومن الأدلة على ارتباط الرزق بالصلاة ما يأتي:
- قول إبراهيم للناس أنه بنى البيت الحرام لإقامة الصلاة فيه ودعا لهم بالرزق، وذلك كما جاء في سورة إبراهيم: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.
- كما جاء أن السيدة مريم القانتة الصالحة كان يأتي لها رزقها في موضع صلاتها بدون تدخل بشر، وذلك لقوله تعالى في سورة آل عمران: (كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ). [2]
هل ترك الصلاة يقلل الرزق
نعم.
إن ترك الصلاة يمحي البركة من حياة الإنسان، حتى وإن وسع رزقه وكثر فهذا ليس دليل على وجود بركة به، فقد يجد أن رزقه الكثير لا يكفي أي شيء بسبب إنعدام البركة به/ لأن ترك الصلاة معصية كبيرة والمعاصي تأتي على صاحبها بالبلاء، ونستدل على ذلك بقوله تعالى في سورة الأعراف: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
صلاة الضحى والرزق
لا يمكن الجزم أن سعة الرزق مرتبطة أو غير مرتبطة بصلاة الضحى لأن فضل صلاة الضحى يكمن في التصدق على سائر أعضاء الجسد، وتعتبر هذه الصدقة تكفير للمعاصي والذنوب، ولقد جاء عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى) رواه مسلم.
لذلك اسعى بالصلاة وغيرها من العبادات وتيقن أن الله سيعطيك من حيث لا تحتسب سواء كان في الدنيا أو الآخرة. [3] [4]
ماذا افعل اذا كان رزقي قليل
مبادرة رب البيت بالصلاة هو وأهل بيته.
وذلك كما ورد من أفعال الصحابة والتابعين حين كان يصيبهم شدة أو ضيق في المال كانوا يلجأون للصلاة لقضاء حاجتهم، وإليك بعض أفعال الصحابة والتابعين في هذا الأمر:
- كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم : «الصلاة، الصلاة، ثم يتلو هذه الآية : “وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ “.
- كان الإمام الفقيه عروة بن الزبير رضى الله عنه إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من دنياهم ترفًا، والمقصود: نفائس الأموال التي يندر مثيلها عليهم، يعود لأهل بيته ويدخل فيقرأ قوله تعالى من سورة طه: ” وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ” إلى قوله : ” نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ ” ثم ينادي الصلاة الصلاة رحمكم الله، ويصلي هو وأهل بيته.
- كان الإمام الحجة بكر بن عبدالله المزني – رحمه الله تعالى – إذا أصاب أهله خصاصة قال : قوموا فصلوا، ثم يقول: بهذا أمر الله تعالى ورسوله، ويتلو هذه الآية : “وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ” [1]
أسباب سعة الرزق
- الاستغفار.
- صلة الرحم.
- كثرة التصدق.
- تقوى الله عزة وجل.
- الإكثار من الحج والعمرة.
- كثرة الدعاء.
تعتبر هذه الأمور الستة التي ورد ذكر أنها من أسباب سعة الرزق وقد جاءت مع الدليل سواء من السنة أو القرآن، وهي كما يأتي:
الاستغفار: جاء قوله تعالى في سورة نوح عن ربط الاستغفار بسعة الرزق في قوله: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).
صلة الرحم: وذلك لما جاء عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ).
كثرة الصدقة: فقد قال الله تعالى في سورة سبأ: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
تقوى الله عز وجل: فقد قال تعالى في سورة الطلاق: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
الإكثارُ من الحجِ والعمرة والمتابعةُ بينهما: لما روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ).
الدعاء: لما جاء عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ إِذَا صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ يُسَلِّمُ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا وَرِزْقًا طَيِّبًا وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا). [5]