ما معنى الكمد
معنى الكمد
الكمد هو الحزن المكتوم.
يُقصد بالكمد الحزن الشديد المكتوم، أي الألم الذي يُصيب الإنسان عند فقدانه لما يُحب ويرغب، وبالنّظر إلى النّصوص القرآنية نجد أنّ كلمة “الحزن” قد جاءت بمختلف صيغها “42” مرة، لكن لم تأتي كلمة كمد في أي سورة بشكلها الصحيح إنّما حملت بعض الآيات معناها وهو كما ذكرنا “الحزن الشّديد المكتوم”.[1]
جديرًا بالذكر أنَّ كلمة “كمد” تختلف معناها تبعًا للتشكيل في اللغة العربيّة، وقد وردت في المعجم بعدّة تشكيلات غيّرت من معناها، على سبيل المثال:
- كَمَدَ بالفتح: المفعول منها مَكْمود فإذا قلنا “كمَد الشَّخصَ” ستعني وضع له كِمادًا مكان الألم ليرتاح.
- كمِدَ بكسر الميم: إذا قلنا “كمِد الرَّجلُ” ستعني حزِن حُزْنًا شديدًا، أو كتَم حُزْنَه في قلبه فتأتي بمعنى الحزن الشّديد المكتوم.
- كمدَ للشيء: إذا جاءت كلمة كمد مع الشيء ستعني تغيّر لونه، فإذا قلنا “كمد الثوب” تعني تغيّر لون الثوب وذهب صفاؤه.[2]
معنى يموت كمدا
يموت غيظًا.
الموت كمدًا هو الموت حزنًا وغيظًا، وهي نهاية وخاتمة أليمة تُختم بها حياة الشّخص، إذ جاءَ عن الإمام الشافعي قوله:
إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تَجِبهُ
فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ
فَإِن كَلَّمتَهُ فَرَّجتَ عَنهُ
وَإِن خَلَّيتَهُ كَمَداً يَموتُ
وأثبت من خلال تلك الأبيات أنَّ السكوت عن كلام السفيه خيرًا من الرد، فإنَّ إهماله وعدم الرد عليه يجعله يموت كمدًا أي يموت غيظًا وحقدًا وحزنًا، لكن مجاراته في الحديث تريحه وتفرج عنه، لذا فإن الشافعي كانت نصيحته هي عدم السماع للسفيه أو الرد عليه ومجاراته كي يموت غيظًا.[3]
كمد في القرآن
لم تأتي كلمة “كمد” صراحةً في القرآن الكريم، لكنها جاءت كمعنى للحزن المكتوم في بعض الآيات، كقول الله تعالىَ {وتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} إذ يوضّح الله جلّ وعلا كمّ الحزن الشديد الذي أصاب يعقوب حزنًا على يوسف بقوله {فَهُوَ كَظِيمٌ} أي مكظوم على الحزن بمعنى مملوء منه، مُمْسِك عليه لا يُبينه.
وَيوضّح ابن عَبَّاسٍ قول الله تعالىَ “فَهُوَ كَظِيمٌ” بقوله “فهو كَمِدٌ” والكمد هو الحزن المكتوم، فعندما يُقال “فُلَانٌ كَظِيمٌ وَكَاظِمٌ” يعني أنّه حَزِينٌ لَا يَشْكُو حُزْنَهُ، أي يكتم حزنه.[4]
معنى كمد الحساد
غم وغيط الحساد.
قال أبو الطّيب المتنبي والذي اشتهر بموهبته الشعريّة القوية في قصيدته “وما كمد الحساد شيء قصدته”، مجموعة أبيات مُختارة كالآتي:
بَلَغتُ بِسَيفِ الدَولَةِ النورِ رُتبَةً
أَثَرتُ بِها مابَينَ غَربٍ وَمَشرِقِ
إِذا شاءَ أَن يَلهو بِلِحيَةِ أَحمَقٍ
أَراهُ غُباري ثُمَّ قالَ لَهُ اِلحَقِ
وَما كَمَدُ الحُسّادِ شَيئاً قَصَدتُهُ
وَلَكِنَّهُ مَن يَزحَمِ البَحرَ يَغرَقِ
ومناسبة تلك القصيدة أنَّ سيف الدولة كان يُغري بالمتنبي الشعراء الآخرون، ويحثهم على مبارزته بالقصائد وأبيات الشّعر، نظرًا لأنّه كان يغتاظ من شدة عجب المتنبي بنفسه، فقال المتنبي أنَّ سيف الدولة لا يخفى عليه فضلي على من حوله من الشعراء، وأنّه إذا أراد أن يتلهى أو يتسلى بشاعر كان يريه من فضلي أدناه، ليطلب من الشاعر أن يقول مثلي وينافسني بل ويسخر منه مناديًا إياه بالأحمق.
ويقول المتنبي لمن يحسده أو يلومه، أنّه لم يقصد أن يغم الحساد، ولكنه بحر من الفضل ومن زاحمه فيه من الجهال يغرق فضليه، ومن تعرض للبحر وترك نفسه فيه غرق، فلا لومٍ حينها على البحر بل اللوم عليه.[5]
الألفاظ ذات الصلة بالحزن في القرآن الكريم
- الكمد.
- الأسى.
- الكآبة.
- الغم.
- الأسف.
- الحسرة.
- الهم.
- الكربة.
- البث.
- الوجد.
- الجزع.
يرتبط الحزن بالمشاعر السلبية التي يشعر بها الفرد، فإما أن يكون هو نفسه السبب في الحزن، أو ناتجًا عن سبب آخر لا دخل له فيه، فيُصاب قلبه بالحزن الشديد، وللحزن معانٍ كثيرة ومرادفات متعددة:
- الكمد: وهو الحزن الشديد المكتوم في قول الله تعالىَ {وتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} فهو كظيم أي فهو كمد بمعنى يكتم حزنه بداخله ويخفيه.
- الأسَى: وهو حزن شديد فيه من الجزع والذهول .. إذ قال الله تعالىَ {فلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
- الكآبة: تعني أثر الحزن الظاهر على وجه الشخص الحزين.
- الغم: وفيه ينقبض القلب لوقوع ضرر أو توقع حدوثه، إذ قال الله تعالىَ {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}.
- الأسف: والأسف شعور يجمع الحزن والغضب معًا، وذلك في قول الله عزّ وجل {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي}.
- الحسرة: وهي من أشدّ الدرجات في الندم على ما فات، وتظهر معناها في قول الله تعالىَ {لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ}.
- الهم: وهو الحزن الذي يسيطر على الإنسان ويهلكه.
- الكربة: أشد من الحزن والغم، وفيها يذوب القلب وتهلك النفس.
- البث: وهو من أشد مشاعر الحزن، وتم تسميته بالبث لصعوبة حمله فيقوم الشخص ببثه أى نشره، ويقول الله تعالىَ {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}.
- الوجد: يُقصد به الحب الذي يليه ويتبعه مشاعر الحزن.
- الجزع: مشاعر من الحزن تصرف الشخص عما هو بصدده، وهو أشد من الحزن نفسه، ويقول الله تعالىَ {سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ}.[1]