اعتنى بها المسلمون لانها المصدر الاول لغذاء الانسان

اعتنى بها المسلمون لانها المصدر الاول لغذاء الانسان:

الزراعة.

اعتنى المسلمون بالزراعة لأنها المصدر الاول لغذاء الانسان، فلا حياة بدون زراعة، فهي من المهن الضرورية من أجل بقاء البشرية، لذا ترى كم اهتم القرآن الكريم بذكرها، يقول سبحانه وتعالى: (وَآيَةٌ لَّهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ، وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ، لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ)، فهي نعمة تستحق الشكر، ويقول تعالى:

(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)، فإن إخراج النبات من الأرض نعمة، وسقياه نعمة، وكل ما في الأمر من تفاصيل هو آية من آيات الله.

يسعى المسلمون، وينقبون في الأرض من أجل إخراج خيرها، وهم بذلك مأمورون، فيقول سبحانه وتعالى في ذلك: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)، أي أن المسلم مأمور بالزراعة، وترى ذلك في قول النبي صلَّ الله عليه وسلم:

(إنْ قامت السَّاعة وفي يد أحدكم فسيلة، فاستطاع ألا تقومَ حتَّى يغرسها، فليغرسها؛ فله بذلك أجر)، لم يهتم المسلمون بأمر الزراعة فقط من أجل الأكل، ولكن الزراعة في حد ذاتها من الأمور المحمودة، والتي يجازى عليها العبد، يقول صلَّ الله عليه وسلم: (ما من مسلم يزرع زرعًا أو يغرس غرسًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة؛ إلاَّ كان له به صدقة).

اعتنى المسلمون بالزراعة لأنها المصدر الاول لغذاء الانسان

اهتم المسلمون الأوائل، والصحابة رضوان الله عليهم بأمر الزراعة، بالرغم من انشغالهم بأمورٍ أعظم، إلا أنهم لم يهملوا هذا الجانب أبداً، ولم يتركوا هذا المهنة الجليلة، فقد كان عثمان ابن عفان رضي الله عنه مصراً على امتهان الزراعة حتى بعد بلوغه الكبر، وكذلك أبي الدرداء، الذي قيل له: أتغرس وأنت شيخ، ولا تطلعم إلا بعد عشرين سنة؟ فقال: لا عليَّ بعد أن يكون الأجر لي، فقد كانوا يفكرون فيما سيحصدون من الأجر قبل تفكيرهم فيما سيحصدون من الطعام.

كان طلحة بين عبيدالله الأول في مدينته الذي زرع القمح، فقد استطاع أن يغني المدينة عن استيراد القمح، أي أنه غطا احتياج المدينة بالكامل من القمح، أما أبو هريرة فإنه عندما سُئل عن المرؤة فإنه أجب أنها: (تقوى الله وإصلاح الضيعة)، كانوا يعلمون ما للزراعة من مكانة في الدين والدنيا، أما اليوم فلا ترى شاباً يفكر في الغرس، والإنتاج، ولا يعرف أحداً قيمة أن تكتفي البلاد بما لديها، وألا يكون لدولة أخرى سلطة على الأمة بما تصدره لها من غذاء.

اهتمام أمراء المسلمين بالزراعة

بعد انتشار الإسلام، واتساع الدولة الإسلامية، واستقرار الأمور، عمل الأمراء على تيسير تمليك الأراضي من أجل زراعته، وإعمار الأرض، وذلك لما ورد عنه صلَّ الله عليه وسلم: (من أحيا أرضاً ميتة فهي له)، كانوا حكاماً حكماء يدركون قيمة إعمار الأرض، وتوسيع الرقعة الزراعية، والعلاقة الطردية بين زيادة منسوب المزروعات وزيادة موارد الدولة، فالزروع تساوي الخِراج، وهو المصدر الأول لبيت المال.

أصلح أمراء المسلمين وسائل الري، وقاموا ببناء السدود، وشق الكثير من الأنهار، والقنوات، حتى أن مدينة البصرة على سبيل المثال كان بها ألف نهر، ويُطلق على كل نهر اسم صاحبه، أو اسم الجهة التي يصب فيها، كما أقاموا الجسور، والقناطر، والسكور، واحتاج كل ذلك أموالاً طائلة من أجل تحقيقه، وعمالة، ومجهود كبير جدًأ

يًذكر أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان يريد استكمال نهر السعد في الأنبار، والذي كان قد حُفر من قبل عى أيدي رجال سعد ابن الوقاص بأمر من تجار المدينة، ولكنهم انتهوا إلى جبل لم يتمكنوا من شقه، حتى جاء الحجاج فقال لرجاله: (انظروا إلى قيمة ما يأكل الرَّجل من الحفَّارين في اليوم، فإنْ كان وزنه مثل ما يقلع، فلا تمتنعوا عن الحفر)، وبالفعل لم يتركوا الأمر حتى تم.

كان لهم سياسة حكيمة في تحسين الزراعة، والنهوض بها، ومن المثير للإعجاب أنهم قاموا بإنشاء شبكة قنوات ومجري فوق الأرض، وتحتها بطرقة محكمة، حتى أن أحد المهندسين الأوروبيين قد علَّق بإعجاب على عملهم في العراق قائلاً: (إنَّ عمل الخلفاء في ري الفرات يشبه أعمال الري في مصر والولايات المتحدة الآن).

من إنجازات الحكام المسلمين في ذلك الوقت في مجال الزراعة أنهم جففوا المستنقعات، وأزالوا الأملاح التي قد تفسد المزارع، وقشطوا الطبقة الملحية التي تكون على وجه الأرض من أجل تحويلها إلى سباخ>

كما زرعوا نباتات مقاومة للملح، كالحبوب والشعير، علاوةً على دراستهم لكل أنواع التربة، وزراعتهم النبات المناسب لكل تربة، وحاربوا بوار الأراضي الزراعية، حتى أنهم استصلحوا الأجزاء الجافة من السفوح والجبال، وعمدوا إلى إنشاء الطرق، والجسور لمنه فضيان الأنهار، وقد كان القادرة يشرفون على تلك الأعمال بأنفسهم.

بالإضافة لاهتمامهم بمعرفة الكثير عن الأمور التي لها تأثير على الزراعة، مثل الملاحة، وطرق تسريع نمو النباتات، وطبيعة الأراضي، وتكوين التربة، وأهمية الرياح والأمطار، وأنواع السماء المناسبة لكل نبات، وتطعيم الأشجار من أجل الحصول على أصناف جديدة من الثمار، وغيرها من الأمور التي نهضت بالزراعة على أيدي المسلمين.

أهمية الفلاح المسلم

حظى الفلاح المسلم بأهمية، واحترام كبيرين، قال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: (اتقوا الله في الفلاحين، لا تقتلوهم إلا أن ينصبوا لكم الحرب)، وقال عنهم علي ابن أبي طالب: ( لا تضربن رجلاً سوطًا في جباية درهم، ولا تبيعن لهم رزقًا، ولا كسوة شتاء، ولا صيف، ولا دابة، ولا تقيمن رجلاً في طلب درهم، فقال عبدالملك: يا أمير المؤمنين، إذًا أرجع إليك كما ذهبت من عندك، فقال: وإن رجعت كما ذهبت، ويحك! إنَّما أمرنا أن نأخذ منهم العفو).

رفع الخليفة المهدي محمد بن مسلم عن الفلاحين العذاب حينما ماطلوا في دفع الخراج، على الرغم من خطأهم، إلا أنه لم يرضَ لهم العذاب، كما أن الكثير من الأمراء كانوا يسلفونهم حتى يستطعيون الإنفاق على الزراعة، تشجيعًا لهم، وتقديراً لجهودهم، كما أنهم كانوا يأمرون الجنود بعدم التعرض للفلاحين حتى وإن لم يكونوا مسلمين، حتى أنه أُثر عن الأمراء في ذلك العصر مقولة: (أحسنوا إلى المزارعين، فإنَّكم لم تزالوا سمانًا ما سمنوا).

كان للفلاح تحت ظل الإسلام كرامة، يعمل راضياً، ويكسب من وراء عمله، وليس كما كان في بعض الدول الأخرى يعد ضمن الملك، يباع ويشترى تبعاً للأرض التي يعمل بها كما كان عند الروم، وإن تلك الكرامة هي ما جعلت الفلاح يبدع ويجتهد، مما جعلهم ينتجون ما يزيد على مائة نوع من أنواع الخضروات، والفاكهة، والحبوب، وغير ذلك من المزروعات، علاوةً على عنايتهم بتربية الماشية، ووضعهم القوانين المنظمة لعملية الزراعة.

كتب شكيب أرسلان يقول: (فإنَّ هؤلاء القوم لم يحلوا في مكان إلا طبقوا الأراضي بالعمل، وشقوا تحتها الجنان)، وبالفعل قد كان العالم الإسلامي أخضراً، لا يقع بصرك فيه إلا على اللون الأخضر في الأرض، والأزرق في السماء.

التطور الزراعي عند المسلمين

توقف المسلمون عن استيراد الغذاء من الخارج، وهو ما يسمى بالاكتفاء الذاتي، كما أنهم وضعوا مؤلفاتً علمية في خواص التربة، وتراكيب السماد، فقد أصبحت الزراعة على أيديهم علماً له قوانين وأصول، وقواعد، حتى ظهرت بعض المصنفات التي تعج بالمعلومات القيمة التي استنتجها الفلاح المسلم من خلال العمل، والملاحظة، والتجربة.

من المعلومات العظيمة، والمفيدة في مجال الزراعة التي أضافها المسلمون إلى العالم:

  • كيفية استخراج المياه.
  • حفر الآبار.
  • زيادة ماء البئر.
  • استخراج المياه من أعماق الأرض (على مسافات بعيدة).
  • تغير طعم المياه واختلاف خصائصها.
  • التلقيح، والغرس.
  • أنواع النباتات والسماء المناسب لكل نبات.
  • عمل البياردر، وخزن الحنطة.
  • تقسيم الأراضي، ومعرفة أنواعها.
  • قلع النباتات الضارة من الأرض.

بالإضافة للكتب التي ألفوها في أسماء، وأنواع الأشجار، مثل:

  • كتاب (الشجر) لابن خالويه.
  • (الفلاحة والعمارة) من تأليف السميساطي أبي الحسن.
  • مؤلف علي بن محمد بن سعد: (الفلاحة).

وغيرها من المؤلفات التي تركها المسلمون للعالم، وتُرجمت للغات أخرى، وهكذا جمع المسلمون بين خير الدنيا، وثواب الآخرة.[1][2][3]