معنى الصاحب بالجنب
الصاحب بالجنب
هو الصاحب في السفر، أو الزوجة، أو الصديق والرفيق، وزميل العمل أو الدراسة.
ترى ما معنى الصاحب بالجنب؟ من هو الصاحب بالجنب الذي أمرنا الله سبحانه وتعالى بالإحسان إليه، فقد أمرنا بالإحسان إلى الوالدين، وذوي القربي، واليتامي، وغير ذلك ممن يجب الإحسان إليهم، وحتى وإن لم يرد نصًا صريحًا فيهم لكان واجباً علينا الإحسان إليهم، فإنه من عظمة القرآن الكريم أن يولي اهتماماً خاصاً لتلك الفئة، يقول سبحانه وتعالى:
(وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً).
قال علي وابن مسعود رضي الله عنهما وابن أبي ليلى رحمه الله أن الصاحب بالجنب يراد به الزوجة، وقيل المراد به (الصاحب في السفر)، وقيل (رفيقك الذي يرافقك)، أما القرطبي رحمه الله تعالى يرى أن الآية تتناول جميع المعاني بالعموم، فيكون زميلك في الدراسة هو الصاحب بالجنب، كذلك زملائك في العمل، وصاحبك في السفر، وأصدقائك، وزوجتك، وكل إنسان مر مروراً كريمًا في حياتك، مهما كانت مدة معرفتك به قصيرة، فقد وجب له الوفاء، والإحسان.[1][2]
ما معنى الجار ذِي الْقُرْبَى والجار الجنب وَالصَّاحِبِ بالجنب
معروف أن الجار هو الذي يسكن بالقرب من منزلك، فالقريب من المنزل هو (الجار)، يختلف قرب الجار حسب المسافة الفاصلة بينه وبين المنزل، أما (القريب الجار) فإما أن يكون قريبًا في النسب أو بعيدًا، فإن كان قريباً فهو الذي قيل فيه (ذي القربى).
وإن كان بعيداً فهو الذي قيل فيه: (والجار الجنب)، فالحروف التي كتبت منها كلمة (جنب)، الجيم والنون والباء، كلها تدل على البعد، والبعيد هنا ليس البعيد في المسافة، بل البعيد في النسب، أي أنه لا يجمع بينك وبينه ونسبًا، أو قرابة، وقد قيل أنه المقصود القريب، أو البعيد في السكن، ولكن المعنى الذي بيَّناه هو الأصح.
استدل أصحاب الرأي الثاني بأن الجار بقربه من الدار أو بعده عنها بحديث عائشة رضي الله عنها، أنها سألت رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: (إنَّ لي جارين، فإلى أيِّهما أُهْدِي؟ قال: (إلى أقربهما منكِ بابًا)، لذا يرى الشيخ بن باز أن (الجار ذي القربى) هو الجار القريب من المنزل، و(الجار الجنب) هو الجار البعيد عن المنزل.
أما الصاحب بالجنب فهو الذي يصاحبك، ويكون بجانبك، وقد اختُلف في كونه، فالبعض قال أنها الزوجة، والبعض قال أنه الصاحب في السفر، واللفظ قد يطلق ويراد به إحدى المعنيين، أو كلاهما، وعلى كلٍ، المرء مأمور بالإحسان لكلٍ منهما.[3][4]
واعبدوا الله وبالوالدين إحسانا
إليك تفسير قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا):
أولاً قوله تعالى: (واعبدوا الله): تعني الآية الأمر بتوحيده سبحانه وتعالى، وطاعته في أوامره، واجتناب نواهيه، ومعنى قوله تعالى: (ولا تشركوا به شيئاً): هو الأمر بعدم جعل ند مع الله، فلا تعبد مع الله إلهاً آخر، لأنه ذلك هو حق الله على العباد، فقد ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: (كنت رديف النبي صلَّ الله عليه وسلم، فقال: هل تدري يا معاذ ما حق الله على الناس؟، قال معاذ فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: (حقة عليهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، أتدري يا معاذ ما حق الناس على الله إذا فعلوا ذلك؟ قال قلت: الله ورسوله أعلم، قال صلَّ الله عليه وسلم: فإن حق الناس على الله ألا يعذبهم، قال قلت: يارسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: دعهم يعملون).
كانت أول وصية في الآية الكريمة هي قوله تعالى: (وبالوالدين إحسانا): هو أمر ببر الوالدين، والعطف عليهما، وقوله: (وبذي القربى): هو أمر بالإحسان للأقرباء، (واليتامي والمساكين): يجب على كل عبدٍ مؤمن أن يحسن إلى اليتامى والمساكين، فقد وردنا عن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: (مَنِ مَسَحَ رَأْسَ يَتِيمٍ لَمْ يَمْسَحْهُ إِلَّا لِلَّهِ كَانَ لَهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَمُرُّ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَاتٌ، وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبَعَيْهِ).
معنى الجار الجنب
هو الجار الذي يفصل بينك وبينه مسافة.
يأتي (الجار الجنب) على العكس من معنى (الجار ذي القربى)، فالجار ذي القربى هو الذي بينك وبينه قرابة من جيرانك، أما الجار الجنب هو الذي تفصل بينكما مسافة، ولا تجمع بينكما قرابة، فقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي؟ قال: إلى أقربهما منك باباً).
اهتم الإسلام بالجار، وأوصى به رب العباد في كتابه العزيز، وأوصى النبي صلَّ الله عليه وسلم بالإحسان إليه في عدة مواضع، قال صلَّ الله عليه وسلم: (لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق، وإذا طبخت مرقة فأكثر مائها، واغرف لجيرانك منها)، كما قال صلّ الله عليه وسلم ليشعرنا بأهمية الإحسان إلى الجار: (مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه).
تفسير الصاحب بالجنب
قيل أنه الرفيق في السفر، وهو رأي ابن عباس، وعكرمة وقتادة ومجاهد، أما علي عبد الله والنخعي فأيدوا الرأي القائل بأن المقصود بالصاحب بالجنب هو الزوجة، ويرى ابن جريج أن الصاحب بالجنب هو الذي يصحبك راجياً نفعاً من خلالك، وبعد ذلك جائت التوصية بالإحسان لابن السبيل، وقد رأى البعض أن ابن السبيل هو المسافر، لكن الأكثرون رجحوا كونه الضيف، وقد وردنا عن رسول الله صلَّ الله عليه وسلم أنه قال:
(مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَثْوِيَ أَيْ: أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ).
آية وبالوالدين إحسانا
تأمر الآية بالإحسان لـ : (الوالدين، والأقارب، والجيران، والأصدقاء، وزملاء العمل، والفقراء والمساكين، والمسافرين، والضيوف، وملك اليمين)، يمكنك أن تقول بأن القرآن الكريم لم يترك فئة من فئات المجتمع ولم يوصي باحترامها، والإحسان إليها، ولقد جمعت تلك الآية العديد من الفئات التي نتعامل معها بومباً، وفد نهاية الآية الكريمة يقول سبحانه وتعالى: (إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً)، والمختال هو المتكبر، الذي يتفاخر أمام الناس، قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم:
(بَيْنَمَا رَجُلٌ يَتَبَخْتَرُ فِي بُرْدَيْنِ وَقَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسُهُ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)، كما قال صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جرّ ثوبه خيلاء).[5]