معنى الصمت في حرم الجمال جمال

الصمت في حرم الجمال جمال

الصمت في حرم الجمال جمال، بيت شهير من ضمن أبيات قصيدة “إلى تلميذة” وهي إحدىَ روائع الشّاعر الكبير “نزار قباني” إذ قالَ “الصمت في حرمِ الجمال جمال” كعبارة بليغة تكشف مدى الجمال الذي يعجز لسانهِ عن وصفهِ، حيثُ يكون الصمت في تلك الحالة هو الأفضل والأجمل لعدم التعطُّل عن متعة هذا الجمال، بل يكفي الاستمتاع به بالحواس الأخرىَ دون أي حديث أو كلام.

فكانت أبرز المعاني التي استوقفت البعض قول الشّاعر “الصمت في حرمِ الجمال جمال” وقوله “إني أحبِّك ِ من خِلال كآبتي وَجها كوجه ِالله ليس يُطالُ” تعبيرًا منه بتلك الكلمات عن سمو الحب والجمال وعدم نهائيته، ليُحدث بتلك القصيدة انقلابًا في مفهوم الغزل العربيّ.[1]

قصيدة الصمت في حرم الجمال جمال

قل لي – ولو كذباً – كلاماً ناعماً ** قد كادً يقتلني بك التمثال
مازلت في فن المحبة .. طفلةً ** بيني وبينك أبحر وجبال
لم تستطيعي بعد أن تتفهمي ** أن الرجال جميعهم أطفال
إني لأرفض أن أكون مهرجاً قزماً ** على كلماته يحتال
فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً ** فالصمت في حرم الجمال جمال
كلماتنا في الحب تقتل حبنا ** إن الحروف تموت حين تقال..
قصص الهوى قد أفسدتك فكلها ** غيبوبة .. وخرافةٌ .. وخيال
الحب ليس روايةً شرقيةً ** بختامها يتزوج الأبطال
لكنه الإبحار دون سفينةٍ ** وشعورنا أن الوصول محال
هو أن تظل على الأصابع رعشةٌ ** وعلى الشفاه المطبقات سؤال
هو جدول الأحزان في أعماقنا ** تنمو كروم حوله .. وغلال..
هو هذه الأزمات تسحقنا معاً ** فنموت نحن .. وتزهر الآمال
هو أن نثور لأي شيءٍ تافهٍ ** هو يأسنا .. هو شكنا القتال
هو هذه الكف التي تغتالنا ** ونقبل الكف التي تغتال
لا تجرحي التمثال في إحساسه ** فلكم بكى في صمته .. تمثال
قد يطلع الحجر الصغير براعماً ** وتسيل منه جداولٌ وظلال
إني أحبك من خلال كآبتي ** وجهاً كوجه الله ليس يطال
حسبي وحسبك أن تظلي دائماً ** سراً يمزقني .. وليس يقال .. [2]

شرح قصيدة قل لي ولو كذباً

تُعد قصيدة “إلى تلميذة” واحدة من القصائد المُتبعة النمط الغزليّ، فهي أفضل قصائد نزار قباني” الغزليّة وأكثرها شهرة، تحدث الشاعر فيها عن المرأة كاشفًا العواطف المشحونة، والبوح بالحب في وقتٍ كانت فيه التقاليد المجتمعيّة معقدة، فلم يكن هناك اعترافًا بهذا الحب الصريح، ولم يكن مسموحًا به، لذا لُقبَ “نزار قباني” بشاعر المرأة والجمال.

تناولت قصيدة قل لي ولو كذباً إعجاب فتاة بشاعرنا الجليل والذي لم يكن مباليًا بها، مما أثار دهشتها لتسأله “قل لي كلامًا ناعمًا ولو كذبا ” ليرد عليها الشّاعر بكمٍّ هائل من المعاني والمشاعر والعواطف.

فإذ بها عطشةً للحب تُترجم ما شعرت به من مشاعر نبيلة كغيرها من فتيات جيلها، وتنسج خيوط الحب البريء بعيدًا عن قساوة التقاليد، ليكن لها الشاعر ناصحًا مُطمسًا لحقيقة اندفاعه نحوها.

ويأخذ الشّاعر بعدها سلسة طويلة من تعريفات الحب، ووصف مفهومه بشكلٍ عميق عند الفتاة وتوسع إدراكها له، فصمته أمامها ما هو إلا بوح واعتراف بحبها، والتعبير عن الحب في تلك الحالة لم يكن إحياءً له وإنّما قتل وتحييد عنه.

فقصص الحب والعشق التي سمعت بها الفتاة ليست سوىَ خيال سطحي، لكنَ الحب عند الشّاعر ليس طقسًا شرقيًا ينتهي بالنهاية المعهودة، بل رأى الحب كملامسة للمُستحيل، وثورة انفعال وشك ووصولاً لأمر مُحال.

لذا نجد أنّ نزار قباني كشف عن موقف من الجمال تمثّل فيه الصمت، معبرًا من خلاله عن حقيقة قضية الهوىَ والعلاقة بين الرجل والمرأة ومفهومهما عن تلك القضية، حيثُ التباين في الرأي، والمفهوم، والموقف.

كما تنوّعت العواطف في القصيدة وكانت طاغية وجارفة للغاية، وظهرت تلك العواطف في مدىَ براءة الفتاة التي ترغب في سماع بعضًا من كلمات الحب والهوىَ، لتحرك مشاعرها البريئة وتُثيرها، لكنها مازالت طفلة صغيرة لا تستطيع تحمُّل عاطفة الشّاعر المتفجرة، والذي جاوزَ تجربة الحب ومعاناتها حتى حدود النّضج.

لذا أخذتنا الأبيات بين عاطفةٍ صادقة واندفاعٍ جارف، بين الصمت عن الحب والجمال والبوح به، بين حقيقة المشاعر وما يوجد في وجدان الإنسان الناضج المُحب من شكٍ وانفعال، لذا ظهرت مشاعر الشّاعر باختلاط من اليأس والأمل والبكاء الصامت، حيثُ عاطفة الحب لديه التي لا يجوز له بالكشف عنها قائلاً “أن تظلي دائماً سراً يمزقني .. وليس يقال”.[1]

معلومات عن نزار قباني

نزار قباني واحد من شعراء سوريا المُعاصرين، إذ وُلِدَ لأسرة دمشقية عريقة عام 1923 م، وكان جده “أبو خليل القباني” رائد المسرح العربيّ، اشتهر نزار قباني بشاعر المرأة والحب لتناوله نمط الغزل التقليدي، لكن أخرجته قصيدة “يا ست الدنيا يا بيروت” من شاعر الحب إلى معترك السّياسة، حيثُ أحدثت تلك القصيدة حرب 1967 م لذا؛ أطلق عليها العرب اسم “النكسة”.[3]

قصائد نزار قباني

قصيدة أريد ان أعيش: 

ساعديني على الخروج حياً.. من متاهات الشفتين المكتنزتين.. والشعر الأسود
إن معركتي معك ليست متكافئه .. فأنا لست سوى سمكةٍ صغيره
تسبح في حوض من النحاس السائل .. ساعديني على التقاط أنفاسي
فإن نبضي لم يعد طبيعياً .. ووقتي صار مرهوناً بمزاجية نهديك
فإذا ناما نمت.. وإذا استيقظا استيقظت
ساعديني على التفريق بين بدايات أصابعي .. ونهايات عمودك الفقري
ساعديني على السفر من خريطة جسدك .. فإنني أريد أن أعيش…

قصيدة أحبك جدًا: 

أحبك جداً وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل
وأعرف أنك ست النساء .. وليس لدي بديـل
وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى .. ومات الكلام الجميل
لست النساء ماذا نقول أحبك جدا…
أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى .. وأنت بمنفى
وبيني وبينك ريحٌ وغيمٌ وبرقٌ ورعدٌ وثلجٌ ونـار
وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ .. وأعرف أن الوصول إليك انتحـار
ويسعدني أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية
ولو خيروني لكررت حبك للمرة الثانية
يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر .. أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك جداً وأعرف أني أسافر في بحر عينيك دون يقين
وأترك عقلي ورائي وأركض أركض .. أركض خلف جنونـي
أيا امرأة تمسك القلب بين يديها .. سألتك بالله لا تتركيني
لا تتركيني فماذا أكون أنا إذا لم تكوني .. أحبك جداً وجداً وجداً
وأرفض من نــار حبك أن أستقيلا .. وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا…
وما همني إن خرجت من الحب حيا .. وما همني إن خرجت قتيلا [3]