اعلى مراتب الدين بالترتيب

اعلى مراتب الدين

الإحسان هو اعلى مراتب الدين .

يعد الإحسان أعلى مراتب الدين، فالإسلام من أركان الدين، والإيمان هو الإسلام تفصيلًا، حيث يعبر عن إقامة أركان الإيمان الباطنة، أما الإحسان فهو الجمع بين ما ظهر من الدين، وما بطن، وقد ورد ذكر الإحسان في القرآن الكريم في مواضع عدة، فقد جاء مقترنًا باللإيمان، والتقوى، والجهاد، والإسلام، والعمل الصالح.

كما قال تعالى في كتابه العزيز: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحان جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين)، وقال تعالى: (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

أعلى مراتب الدين الإحسان

  • أولى درجاته مقام المشاهدة.
  • الثانية مقام الإخلاص.

أكد الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عدة مرات على حبه للمحسنين، فما هو الإحسان يا ترى؟! ليس هناك من هو أحق بالإجابة أكثر من سيدنا ورسولنا الكريم صلَّ الله عليه وسلم، وقد قال في مقام الإحسان: ( الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، كما أخبرنا رسول الكريم صلَّ الله عليه وسلم أن الإحسان على درجتين، أو مقامين وهما:

المشاهدة: المقاوم الأول على الأعلى بين المقامين، وهو ما يُطلق عليه: (مقام المشاهدة)، أن تعبد الله كأنك تراه، أي أن تضعه نصب عينيك، وفي حنايا قلبك، فيستنير قلبك، وتنفذ بصيرتك، فتستطيع استحضار قربه تعالى منك، وتعبده كأنك بين يديه، تراه وتسمعه، وتستشعر وجوده، وهو ما يورث قلبك خشيته تعالى وتعظيمه،

وردنا في حديث حارثة أن النبي صلَّ الله عليه وسلم قال له: (يا حارثة، كيف أصبحت؟ قال: أصبحت مؤمنا حقاً، قال : انظر ما تقول، فإن لكل قولٍ حقيقة، قال: يا رسول الله، عزفت نفسي عن الدنيا، فأسهرت ليلي وأظمأت نهاري، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزا، وكأني أنظر أهل الجنة في الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار في النار كيف يتعاوون فيها، قال: أبصرت فالزم، عبدٌ نور الله تعالى بصيرته).

الإخلاص: مقام الإخلاص يعني أن يستحضر العبد رؤية ربه له عند عمله أي عمل، فمنعه ذلك من الوقوع في المعاصي، أو الالتفات لغير الله تعالى، ومن خلال هذه الدرجة يصل العبد إلى درجة المشاهدة، فقد قال رسول الله: (فإن لم تكن تراه، فإنه يراك)، فإذا أدركت انه يراك، سوف تراه مع الوقت، فالإخلاص موصلًا إلى المشاهدة.

كما يقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)، ويقول تعالى ليعلم عباده أنه يراهم في كل حال، وكل وقت: (وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين).[1]

حديث جبريل عليه السلام يبين مراتب الدين الثلاثة

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلَّ الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام.

فقال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.

قال: فأخبرني عن الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أمارتها؟ قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ثم انطلق، فلبثت مليا، ثم قال لي: يا عمر، أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم).

فصَّل جبريل عليه السلام مراتب الدين الثلاثة في حديثه، وأوجز، فقد أرسله الله ليعلم الناس عن طريق رسول الله صلَّ الله عليه وسلم. [2]

عدد مراتب الدين ثلاث

  1. الأول: الإسلام.
  2. الثاني: الإيمان.
  3. الثالث: الإحسان، وهو أعلى المراتب الثلاثة.

إن الدين على ثلاثة مراتب، رزقنا الله وإياكم أعلاها، إليك مراتب الدين الثلاثة:

الإسلام: يطلق الإسلام ويراد به إحدى معنيين، إما أنه يراد به مجمل الدين (أصوله وفروعه)، لقوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، وقوله: (ورضيت لكم الإسلام دينا)، هنا يكون معناه الإستسلام لأوامر الله والإنقياد لها بالتوحيد والطاعة والبعد عن الشرك، المعنى الآخر: إذا اقترن ذكر الإسلام بالإيمان فهو يراد به الظاهر من الأعمال.

وقد ذكر الإسلام بهذا المعنى في قوله تعالى: (قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)، فقد نفى عنهم رب العالمين الإيمان وهو التصديق الباطني، لأنهم لو يعملوا إلا الأعمال الظاهرة وحسب، وأطلق علبها الإسلام.

الإيمان: هو التصديق، وهو على معنيان أيضًا، المعنى الأول أن يُطلق ويراد به الدين ككل، كما في قوله تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)، والمعنى الآخر هو الاعتقاد القلبي، فقد ورنا عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان)، فالإسلام هنا بمعنى أعمال الجوارح الظاهرة للعيان، ولكن الإيمان هو ما خفي في القلب، ولا يبقى بعد الموت إلا اعتقاد القلب الراسخ والصحيح.

الإحسان: معنى الإحسان في اللغة هو إتقان العمل، وإجادته، والإخلاص فيه، يُطلق الإحسان فيراد به الدين مطلقًا كما في الإسلام، والإيمان، ولكن معناه الخاص هو أن يحسن الظاهر، والباطن، وأن يعبد العبد ربه كأنه يراه، فإن لم يكن يرى ربه، فليعلم أنه سبحانه وتعالى يراه، والمحسن قد وصل إلى أعلى مراتب الدين، وهو في دجات عليا، ومنزلة عظيمة.[3]

أركان مراتب الدين

  • الأولى: الإسلام.
  • الثانية: الإيمان.
  • الثالثة: الإحسان.

إليك أركان كل مرتبة من مراتب الدين الثلاثة:

الإسلام: أركان الإسلام خمسة أركان هم:

  • شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.
  • إقام الصلاة.
  • إيتاء الزكاة.
  • صوم رمضان.
  • حج البيت.
  • كل الأعمال المشروعة في الدين الإسلامي.

الإيمان: للإيمان ستة أركان، أقم أركان الإسلام، وانتقل إلى الإيمان فطبق أركانه، فلا إسلام بلا إيمان، ولا إيمان دون إسلام، وأركان الإيان هي أن تؤمن بـ:

  • بالله.
  • ملائكته.
  • رسله.
  • اليوم الآخر.
  • القدر خيره وشره.

الإحسان: ليس للإحسان إلا ركن واحد، وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك، أي أن ركن الإحسان استشعار مراقبة الله، حتى تصل إلى عبادته كأنه تراه أمامك فتخشاه، وتعبده حق عبادته.

يجب على كل مسلم أن يقيم أركان إسلامه، وإيمانه، فيجمع بين الأعمال الظهرة، والباطنة، فيصبح مسلمًا مؤمنًا، ويجتهد في عبادته، واستشعار مراقبة ربه حتى يصل إلى مرتبة الإحسان، فيكون مسلمًا مؤمنًا محسنًا، وهي ورب الكعبة سعادة الدارين.[4]