حكم الانتظار للتأكد من الطهر .. وكم المدة ؟
حكم الانتظار للتأكد من الطهر
واجب .
حرّم الشرع الإسلامي الحنيف الصلاة والصيام وباقي العبادات التي تُشترط فيها الطهارة على المرأة ما لم تتأكد من الطهر بعد الحيض وتغتسل منه، وهنالك علامتان للطهر يمكن أن تراهما المرأة الحائض فتتأكد من طهرها وتوجب عليها الغسل من أجل استباحة العبادة كالصلاة والصيام والطواف وغيرها، وهاتان العلامتان هما الجفاف والقصّة البيضاء.
فأما الجفاف فهو توقف دم الحيض عن النزول، فتضع المرأة قطنة بيضاء في فرجها فتخرج بيضاء نظيفة خالية من أي دمٍ أو أيّ علاماتٍ على استمرار الحيض كالصفرة والكدرة والإفرازات البنيّة وغيرها، والقصّة البيضاء فهي نوعٌ من الإفرازات التي تخرج من الفرج بعد انقطاع الطمث، وهي في الغالب العلامة الصحيحة للطهر.
يجب على المرأة المسلمة متى ما رأت إحدى علامتي الطهر أن تغتسل من الحيض وتتطهر منها، ليكون باستطاعتها أداء عباداتها المفروضة في وقتها الصحيح ومن أهمها الصلاة والصيام والطواف في الحج والعمرة، لكنها ما لم تر إحدى هاتين العلامتين تُحرم عليها الصلاة وباقي العبادات الأخرى.[1]
مدة انتظار الطهر من الحيض
يوم أو نصف اليوم .
فالمتفق عليه عند أهل العلم هو أنّ للطهر من الحيض علامتين اثنتين هما الجفوف أو القصة البيضاء، وهنالك نوعان من النساء أولهما أنّ بعض النساء اعتادت الطهر عند رؤية الجفاف، فتغتسل في هذا الوقت ولا تنتظر رؤية القصة البيضاء أو غيرها، وأما النوع الآخر فهنّ النساء اللاتي اعتدن التطهر من الحيض عند رؤية القصة البيضاء وليس الجفاف.
فإنّ شكّت المرأة بطهرها من الحيض، فيجوز لها انتظار مدّةٍ من الزمن من أجل التأكد من الطهر عقب الحيض والاغتسال منها لأداء العبادات المفروضة، وهذه المدة تبلغ يومًا أو نصف اليوم، لكنّ الأحوط والأفضل هو عدم الانتظار، بل هي تغتسل وتصلي وتصوم فإن رأت دمًا عادت حائضًا ما دامت في فترة الحيض المعتادة لم تتعدّاها.
فهذه المسألة قد اختلف فيها أهل العلم فمنهم من يقول بأنّ للمرأة المسلمة أن تنتظر يومًا أو نصف اليوم حتى تتأكد من طهرها، ومنهم من يقول بأنه لا يحل لها تأجيل الاغتسال في حال انقطع دم الحيض، وعليها بالمسارعة للاغتسال والبعد عن الانتظار والتأجيل والتأخير، فإن عاد الدم عادت حائضةً ضمن زمن الإمكان.[2]
حكم الانتظار للتأكد من الطهر ابن باز
لم ترد عن ابن باز رحمه الله أي فتوى في هذه المسألة.
فقد أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى بمعظم ما يتعلق بالحيض والنفاس، لكن مسألة مدة الانتظار عند الشك في الطهر لم يتطرق إليها، وإنما تحدث الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى عن مسألة علامة الطهر، وذكر حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، حيث رُوي عنها فقيل: “كنَّ نساءٌ يبعثنَ إلى عائشةَ بالدَّرجةِ فيها الكُرسُفَ فيه الصُّفرةُ فتقولُ لا تعجلنَ حتَّى ترينَ القصَّةَ البيضاءَ”.
وأما الغالب عند أهل العلم في مدة الانتظار للتأكد من الطهر عقب الحيض فهي الانتظار نصف يومٍ أو يومٌ كامل، تتأكد فيه المرأة من ظهور علامة الطهر من الحيض، لتغتسل وتتطهر وتعود لأداء عباداتها التي أمرها بها الله تعالى وفرضها عليها، فالدم يمكن أن ينقطع ويعود خلال الحيض، لذا لا بدّ من التأكد من الطهر قبل الاغتسال.[3]
حكم الانتظار للتأكد من الطهر ابن عثيمين
يجب على المرأة أن تتأكد من طهرها قبل أن تغتسل وتقوم بالعبادات.
فيُحرم على المرأة المسلمة الصلاة أو الصيام أو الطواف بدون طهارةٍ من الحدثين الأكبر والأصغر، والحيض يعدّ حدثًا أكبر، ولا بدّ للمرأة من التطهر منه بعد رؤية علامة الطهر والتي هي إما الجفاف وإما نزول القصة البيضاء، فإن انقطع الدم عنها لمدة نصف يومٍ أو يومٍ كامل فهذا علامةٌ للطهر ولو لم ترَ القصة البيضاء، فيجب عليها الاغتسال والتطهر.
فإن انتظرت المرأة مدةً لا تتعدّ اليوم الواحد للتأكد من طهرها فلا حرج عليها بذلك، لكن لا بدّ لها من قضاء من فاتها من الصلوات في مدة الانتظار إن طهرت، وأمّا إن تركت الانتظار واغتسلت وصلت بعد انقطاع الدم فذلك أحسن وأضل وأحوط لها لئلا يضيع عليها شيءٌ من صلاتها وعبادتها إطلاقًا.[4]
هل تغتسل بعد الجفوف أو تأخره إلى القصة البيضاء
يجوز للمرأة الاغتسال من الحيض بعد الجفوف أو بعد القصة البيضاء.
حيث أنّ الكثير من النساء اعتدن على الاغتسال بعد الجفوف أو الجفاف والذي هو علامةٌ من علامات طهر المرأة بعد الحيض، حيث تقوم المرأة بوضع قطنةٍ نظيفةٍ في موضع خروج الدم، فإن خرجت القطنة نظيفةً خاليةً من آثار الدم وغيرها، فإنها تغتسل وتتطهر وتقوم فتصلي وتصوم وتطوف وتؤدي عباداتها على أكمل وجه.
كما أنّ الكثير من النساء المسلمات أيضًا اعتدن الاغتسال والتطهر من الحيض بعد نزول القصة البيضاء والتي هي ماءُ أبيض يخرج من الفرج عقب الحيض ليكون علامةً على الطهر وانتهاء فترة الحيض وانقطاع الدم، فإن رأتها المرأة سارعت للاغتسال والتطهر من الحيض لأداء العبادات المختلفة.
وقال أهل العلم أنّ من اعتادت التطهر بعد رؤية الجفاف، فعليها التطهر عند انقطاع الدم ورؤية الجفاف وألا تقوم بتأخير الغسل حتى ظهور القصة البيضاء، كذلك من اعتادت التطهر بعد القصة البيضاء فإنها تؤخر الغسل إلى حين رؤيتها ولا حرج عليها في ذلك ولا إثم بإذن الله جل وعلا.[5]
الشك في الطهر من الحيض
من شكّت من النساء المسلمات بانتهاء وقت حيضها وطهرها، فالواجب هو الرجوع إلى الأصل وهو بقاء الحيض وليس انقطاعه والطهر منه، ولا يلزم من شكّت في وقت الطهر من الحيض أن تقضي ما فاتها من صلواتٍ في وقت الشك، لأنّ الأصل هو أنها حائض وليست طاهرةً منه.
قال ابن أبي زيد القيرواني في الفقه المالكي: “وإذا رأت علامة الطهر غدوة وشكت هل انقطع حيضها قبل الفجر أو بعده؟ فلا يلزمها قضاء صلاة الليل حتى تتحقق أنه انقطع قبل الفجر” والمرأة لا تغتسل من الحيض إلا إذا رأت إحدى علامتي الطهر وهي إما جفاف الموضع من الدم وتبعاته، رؤية القصة البيضاء.
من رأت إحد علامتي الطهر فلا بدّ لها من الاغتسال والتطهر لأداء العبادات واجتناب ضياعها، كما ولا بدّ لها من عدم التهاون في مسألة الحيض والطهر والاغتسال، لأنّ أهم العبادات متوقفةً على الطهر والاغتسال بعد انتهاء فترة الحيض، لا يجوز للمرأة أن تتهاون في صلاتها إطلاقًا.