دعاء الرسول في الطائف
دعاء الرسول في الطائف
دعاء الرسول في الطائف: اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي سخطك، أو يحل علي غضبك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك. [1]
ذهاب الرسول إلى الطائف
خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لدعوة أهل الطائف. وقد كان ذهاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف في شوال سنة عشرة من البعثة. بعد وفاة عمه أبي طالب وزوجته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها. وقد أقام في الطائف عشرة أيام ولكن أهل الطائف لم يجيبوه وآذوه وأخرجوه.
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمل أن يكون حال الطائف أحسن من مكة. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمل أن يجد في أهل الطائف النصرة التي لم يجدها في أهل مكة. وقد خرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف على أقدامه ومعه زيد بن حارثة رضي الله عنه.
وقد بدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بسادات القوم في الطائف يدعوهم إلى الله ولكنهم ردوه ردًا قاسيًا. وقد مكث الرسول في الطائف عشرة أيام يدعو إلى الإسلام. ولكن سادات الطائف أغروا به عبيدهم وسفهائهم حتى أخرجوه وآذوه ورموه بالحجارة. حتى تلخط نعلاه بالدماء ولجأ لبستان لبني ربيعة ودعا دعاء الطائف. [2]
عودة الرسول من الطائف
في رحلة عودة الرسول صلى الله عليه وسلم من الطائف إلى مكة كان حزين لشدة ما لقي من أهل الطائف. فقد بعث الله إليه جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال، يستأذنه أن يطبق الأخشبين أي الجبلين على أهل مكة:
عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟
فقال: لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب،
فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم،
قال: فناداني ملك الجبال وسلم علي، ثم قال: يا محمد، إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا. [3]
سبب اختيار الرسول الذهاب إلى الطائف
اختيار الرسول الذهاب إلى الطائف ليس اختيار عشوائي بل اختيار مدروس. انت الطائف تتميز عن غيرها من مدن الجزيرة بأشياء مهمة جداً تُعتبر الطائف هي المدينة الثانية في الجزيرة العربية بعد مكة. والطائف فيها قبيلة ثقيف وهي من أقوى القبائل العربية.
وقد كانت المنافسة الدينية بين مكة والطائف كبيرة، فإذا كانت مكة فيها البيت الحرام وهُبل، فالطائف فيها اللات واللات هو من أشهر أصنام العرب. وبالإسلام تفقد الطائف هذه المنافسة الدينية. كما أن الطائف قريبة نسبياً من مكة. كانت الطائف مهمة بالنسبة لأهل مكة. [4]
من كان مع الرسول في الطائف
كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم في الطائف زيد بن حارثة. وقد كان زيد بن حارثة رضي الله عنه مع الرسول صلى الله عليه وسلم يحميه من كل اتجاه حتى أصيب بجرح في رأسه. هكذا حتى ألجؤوه صلى الله عليه وسلم إلى بستام لعتبة وشيبة ابني ربيعة على ثلاثة أميال من الطائف، فلما التجأ إليه رجعوا عنه.
وقد تركت لنا رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف كثير من العبر التي يجب أن نتعلم منها. فعلى الرغم من أن رحلة الطائف فيها أحداث مؤلمة من إلحاق الاذى بالرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنها تركت لنا دروس. فرسول الله صلى الله عليه وسلم واصل دعوته إلى الله بصبر وثبات، وحكمة ورحمة، فكانت النتيجة النصر من الله.
دروس من دعاء الرسول في الطائف
في دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم دليل على الصدق في هذه الدعوة المباركة. ودرس لنا يعلمنا الالتجاء إلى الله في وقت الصعاب. ففي دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في الطائف استمداد القوة من الله سبحانه، وفيه الاستعانة بالله عند شدة الأذى، وفيه الخوف من غضب الله وسخطه.
وكان في دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في الطائف استغاثة إلى الله سبحانه. وهذه الاستغاثة مستحبة. فالله سبحانه يبتلي العبد ليسمع تضرعه. وكلما طمع العبد في رحمة الله سبحانه ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضرورته قويت عبوديته له وحريته مماه سواه.
دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في الطائف أعقبه النتيجة. فبعد هذا الدعاء فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الدعوة من حيث لا يحتسب. فكانت بيعة العقبة الأولى ثم الثانية. كل هذه الدروس تعلمنا أهمية الالتجاء إلى الله ودعاء الله في كل الأوقات. [5]
دروس من ذهاب الرسول إلى الطائف
في ذهاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف بعد أن أعرض أهل مكة عنه دليلًا على حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على هداية الناس. وكذلك دليل على استمرار الرسول صلى الله عليه وسلم في الدعوة للإسلام. وإيجاد منفذ لدعوة الإسلام بعدما حاصر كفار قريش الدعوة في مكة.
ذهاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يحمل دروس في كيفية التعامل مع الآخرين بالأخلاق الحسنة. وهذا من خلق العفو والصفح الذي واجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم سادات ثقيف وسفهائها. فقد جاءه ملك الجبال يقول له يا محمد، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النبي: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ الله مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً. ولو شاء لأطبق عليهم الجبلين ولكنه صبر عليهم.
هناك عبرة في ذهاب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف. وما لاقاه من أذى من السفهاء في الطائف للدعاة الذين يتأسون بسيرته صلى الله عليه وسلم. فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لقي ما لقي من المشاق في سبيل إقامة هذا الدين، فمن باب أولى أن يلقى الدعاة مثل ذلك أو أشد. [2]