الاشتباه في معرفة الأحكام الشرعية أمر نسبي
الاشتباه في معرفة الأحكام الشرعية أمر نسبي
نعم، الاشتباه في الأحكام الشرعية أمر نسبي وهذا ليس في الأحكام الشرعية ككل بل إن هناك أحكامًا شرعية واضحة بالقرآن والسنة فالحلال بين والحرام بين ولكن بينهما أمور مشتبهات يختلف فيها الحكم الشرعي ويختلف العلماء والفقهاء في استخدام الأدلة لتحليلها أو تحريمها أو بيان جوازها أو كراهيتها.
هذه الأحكام المشتبه بها هي الأحكام التي لم يأت فيها نص صريح من القرآن والسنة يوضح ماهيتها، لذلك ينصح دائمًا باتقاء الشبهات وتجنبها وذلك تخوفًا من الوقوع في الحرام حيث من المحتمل أن يكون حكم هذه الأشياء حرامًا وقد أفتى بعض العلماء بكراهيتها والعكس صحيح.
يمكن تعريف المشتبهات بأنها الأمور التي التبست على العلماء أو الأمور التي لم يتعين حكمها ولم يُقطع فيه مثل الكثير من الأحكام الشرعية المعروفة، والمشتبهات هي أمور مشكوك في أمرها، ومن العلماء من قال أن هذا غير صحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل إلى الرفيق الأعلى ولم يترك شيئًا غير واضح لأنه تركنا على المحجة البيضاء.
هذا صحيح فالأحكام المختلف فيها ظهر الاختلاف فيها بعد موت رسول الله وانتشار الإسلام والاختلاط بالكثير من الأمم الأخرى، كما أن هناك أحكامًا كانت أوضح من أحكام في عهد رسول الله ولم يتبين عدم وضوح الأشياء الأخرى إلا بعد انتقاله وهذا ما جعل الشبهات تأخذ حيّزًا أكبر واهتم بها الناس بشكلٍ كبير.[1]
ما هي الأحكام الشرعية
الأحكام التي يُعنى بها الفقه ويجب الالتزام بها من المكلفين.
الأحكام الشرعية هي الأحكام التي يُعنى بها علم الفقه من خلال تفسيرها وتوضيح علتها من خلال الرجوع إلى القرآن والسنة، فالأحكام الشرعية في الإسلام هي الأحكام المستنبطة من القرآن والسنة لأنهما المصدران الرئيسيان للتشريع في الإسلام، والأحكام الشرعية يجب الالتزام بها من قبل المكلفين أي لا بد أن تتوفر شروط معينة في الشخص المسلم حتى يصبح مكلفًا ومن ثم يلتزم بهذه الأحكام.
الأحكام الرئيسية التكليفية في الإسلام خمسة منها ما يلزم الإنسان المسلم بأداء أفعال معينة، ومنها ما يبيح له بعض الأفعال فلا يثاب لفعله ولا لتركه بل هو فضيلة يمكن أداؤها ويمكن تركها، ومنها الذي يحرم عليه ارتكاب أفعال وكبائر لا يسامح فيها، وذلك إلى آخر هذه الأقسام والتي يجب على كل مسلم أن يكون عارفًا بها حتى لا يقع في المحظور أو أي شيء سيء.[2]
الأحكام الخمسة في الاسلام
- الواجب.
- الحرام.
- المباح.
- المندوب.
- المكروه.
في الإسلام تنقسم الأحكام الشرعية إلى قسمين وهما الأحكام التكليفية والأحكام والوضعية، والأحكام التكليفية هي التي يندرج تحتها الأحكام الخمسة في الإسلام والتي يجب السير عليها من قبل كل إنسان مسلم مكلف وهي:
الواجب: الواجب في اللغة يعني الفرض واللازم وفي الشرع يعني ما أمر الشرع به، والذي يتعين على كل مكلف في الإسلام أداؤه مثل الكثير من الفروض كالصلوات والزكاة، وهذا الواجب يثاب من أتى به ويعاقب من تركه، وهناك أنواع كثيرة من الواجب أو الفرض مثل الواجب المعين والمبهم والمطلق.
الحرام: في اللغة، الحرام يعني الممنوع وفي الشرع هي الأشياء التي نهى الشرع عنها من قبيل الإلزام مثل عدم فعل الكبائر، وهذه الأفعال إذا فعلها الإنسان عوقب عليها لأنها في هذه الحالة تسمى معصية، وإذا تركها أثابه الله على هذا لأنه تركها امتثالًا لأمر التحريم.
المباح: هي الأفعال التي خُيّر الإنسان المسلم في فعلها، فهي ليست على وجه الإلزام بل ترجع إلى المسلم وتقديره فلا يتعلق بها لا أمر ولا نهي مثل الأفعال الكثيرة المباحة لدينا كالأكل والشرب في أي وقت ليس فيه أمر بالصيام، وهذه الأفعال هي الأفعال الجائزة فلا يتعلق بها ثوابًا أو عقابًا.
المندوب: هو الفعل الذي أمر به الشرع لأن هذه الأفعال أجرها عظيم، ولكن لم يأمر بها على وجه إلزام أحد بفعلها بل أمر بها لزيادة الحسنات مثل السنن بعد الصلوات فهي من الطاعات ذات الأجر العظيم ولكن لا يُعاقب من يتركها لأنها من الأشياء المستحبة التي يتقرب بها المسلم إلى الله.
المكروه: النهي ولكن ليس من قبيل الإلزام، وهو مثل المندوب ولكن في حيز النهي حيث ينهي الشرع عن أداء فعل ما فيثاب من يفعله ولا يعاقب من يتركه، ومن الأشياء المكروهة في الشرع النوم قبل العشاء وأكل البصل والذهاب بعد أكله إلى الصلاة.[2]
ما الفرق بين الحكم الوضعي والحكم التكليفي
- الحكم الوضعي.
- الحكم التكليفي.
كما ذكرنا أن الأحكام الشرعية في الإسلام تنقسم إلى قسمين وهما الأحكام الوضعية والأحكام التكليفية، لذلك توجد فروق واضحة بين القسمين:
الحكم الوضعي: الأحكام الوضعية هي الأحكام التي تتعلق بشكل كبير بالآخرين، وهي أمر الشرع بجعل بعض الأشياء سببًا لأشياء معينة أو شرطًا لها وقد تكون مانعة لها أيضًا، والحكم الوضعي يختلف عن التكليفي في أنه ليس مقصودًا لذاته بل مقصودًا لغيره لأنه في كل الأحوال يرتبط بشيء آخر، كما أنه ليس حكرًا على المكلف بل يجب على غير المكلفين أيضًا.
الحكم التكليفي: الأحكام التكليفية هي الأحكام التي يستطيع العبد القيام بها على وجه التعبد وهي الأفعال التي تكون مقصودة لذاتها وذلك من خلال الطلب أو النهي أو التخيير، وهي الأحكام المتعلقة بالمكلفين فقط فلا يؤمر بها الصبي أو أي شخص لا تتوفر فيه شروط التكليف مثل الصبي.[3]
ما هي شروط التكليف
- الإسلام.
- العقل.
- البلوغ.
- بلوغ العلم الشرعي.
- الاستطاعة.
الأحكام الشرعية كلها تحتاج إلى مجهود بدني ونفسي حتى يستطيع الإنسان القيام بها على أكمل وجه، لذلك التكليف أو حتى يصير الشخص مكلفًا ويعني أن يكون الشخص مسؤولًا وملتزمًا تجاه هذه الأحكام، لا بد أن تتوفر به مجموعة من الصفات وهي:
الإسلام: حتى يكون الإنسان مكلفًا ومأمورًا بالأحكام الشرعية للمكلفين لا بد أن يكون مسلمًا أولًا، وهذا إجماع العلماء لأن الكافر لا يقبل منه عمل ولا يثاب على فعل شيء ولا يثاب على ترك فعل حرام، وذلك لأن الكافر مكلفًا بالإسلام أي لا بد أن يكون مسلمًا أولًا وهذا هو الأصل والفروع تأتي بعد الأصل.
العقل: العقل هو أساس التكليف فلن يكون مدركًا للحكم أو تفصيلاته إلا شخصًا عاقلًا ومدركًا، وواعيًا لما يحدث حوله، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “رُفع القلم عن ثلاث: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق”، لذلك كان العقل هو الأصل.
البلوغ: البلوغ هو الذي يفرق الصبي عن الإنسان المكلف، فالصبي ليس مأمورًا بشيء ولكنه يؤجر ويثاب على فعل الخيرات وعلى ترك المحرمات امتثالًا، ولكن عند البلوغ يبدأ الحساب والعقاب، فيعاقب على فعل المحرمات ويثاب على فعل الواجب وتكتب هذه الأشياء في صحيفته.
بلوغ العلم الشرعي: لا يعاقب المكلف على فعلٍ ما إلا إذا بلغه أن هذا الفعل يُعاقب عليه لأنه من المحرمات، فالله لا يعذب أحدًا إلا إذا عرف حتى يقيم الحجة عليه ويحدث هذا بإرسال الرسل والكتب.
الاستطاعة: لا يعاقب على فعل شيء إذا كان الشخص عاجزًا أو مضطرًا، فالاستطاعة شرط أساسي في الفعل والترك وذلك لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم”.[4]