من هو الشاعر الذي حمل رسالة قتله بيده
من هو الشاعر الذي حمل رسالة قتله بيده
هو طرفة بن العبد .
اسمه عمرو بن العبد بن سفيان من قبيلة بني سعد لبكر بن وائل، ولقبه طرفة، وأمه تسمى وردة من قبيلة ربيعة، وكان قوم طرفة بن العبد يتواجدون في شمال شرق منطقة بلاد العرب والتي هي الآن منطقة البحرين، وكانت له أخت شاعرة أيضًا تدعى الخرنق بنت بدر.
كان طرفة بن العبد شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، ولد في البادية في البحرين وتنقل في صحراء نجد، ولقد تعرض للظلم من أعمامه ولم يؤخذ ورثه من أبيه، وعاش حياة بائسة وهو صغير بجانب أمه، وقال الشعر منذ صغره، وكان شعره بين الهجاء والمديح.
هناك واقعة شهيرة عن طرفة بن العبد وهو صغير أنه كان يرعى إبلًا له ولأخيه الأكبر لكنه كان كثيرًا ما يلتهي عنها بسبب نظمه للشعر، فقال له أخوه: «لم لا تستريح بإبلك (ترجع بها في الليل إلى معاطنها)؟ -ترى أنها إن أخذت منك تردّها بشعرك هذا؟»، قال طرفة: فإني لا أخرج بها أبدا حتى تعلم ان شعري سيردها إن أخذت، فتركها (طرفة) فأخذها أناس من مضر، فادعى (طرفة) جوار عمرو وقابوس ابني المنذر الثالث ملك الحيرة، وكانا لا يزالان أميرين، وقال يخاطبهما: (عمرو بن هند، ما ترى رأي صرمة لها سبب ترعى به الماء والشجر، وكان لها جاران، قابوس منهما وعمرو، ولم استرعها الشمس والقمر) فقام الرجلان بإعطائه الإبل.
حياة طرفة بن العبد
أصبح طرفة بن العبد يتيمًا في سنً صغير، ولقد حاول أعمامه وضع أيديهم على ورثه لأنه كان صغير، ويقال أنهم أخذوه ويقال أنه ظل يهجوهم حتى أخذ حقه، ولقد ظل يسرف في أمواله على الملذات واللهو حتى زجره أهله، فافلس بعدها وذهب مستنجدًا بأهله لكنهم خذلوه، ولذلك انطلق يبحث عن الغنى بشكل سريع، لكن لم يحالفه حظه فعاد إلى أهله وأقتنع بالعمل لدى أهله فكان يرعى أغنام أخيه معبد.
ولقد قام طرفة بإنشاد معلقته وذكر فيها كلًا من قيس بن خالد وعمرو بن مرثد، ولقد قال فيهم كلام كله خير عن كثرة أموالهم وأولادهم، فقام عمرو بن مرثد بإعطاء طرفة الكثير من الأموال، والتي يظل يسرف فيها حتى عاد فقيرًا مرةً أخرى، فذهب إلى عمرو بن هند ملك الحيرة وقام بمدحهم حتى يتقرب منهما، ولكن في لحظة طيش قام بهجاء عمرو بن هند وأخوه قابوس ولما وصلهم ما قاله فيهم أمر الملك بقتل هذا الشاعر طويل اللسان.
قام عمرو بن هند بإرسال رسالة مع طرفة بن العبد إلى عامل البحرين وأخبره أنه يريد منه أن يكافئه ولم يخبره بمحتوى الرسالة الصحيحة، لذلك لم يكن يعلم طرفة بن العبد أنه الشاعر الذي حمل رسالة قتله بيده، فكان محتوى الرسالة أمر من عمرو بن هند لعامل البحرين بقتل طرفة.
لكن ظن طرفة أن شخص من قومه لن يغدر به هكذا ويقتله، ورفض الهروب عندما أعطاه عامل البحرين فرصة للهروب متأثرًا بغروره، ولم يصدق أن هذا محتوى الرسالة وظل يطلب من عامل البحرين أن يعطيه الجائزة التي أوصى بها عمرو بن هند، لكن عامل البحرين رفض تنفيذ هذا الحكم وقام بحبس طرفة، فقام عمرو بن هند بإرسال عامل آخر على البحرين وأمره بقتل عامل البحرين القديم وقتل طرفة أيضًا.
لكن عامل البحرين قام بقتل العامل الجديد وقام بقتل طرفة كما أمر الملك فقام بقطع يديه وقدميه ودفنه حيًا، ويقول الأصفهاني أن عامل البحرين هو المكعبر. [2]
شعر طرفة بن العبد في الفخر والحكمة
جاءت العديد من الروايات التاريخية عن أشعار طرفة بن العبد، لكن ما قد إثباته له هو أحد عشر شعرًا، وهناك العديد من الروايات التاريخية الأخرى التي تنسب له أشعار أخرى لكنها منقحة من قبل المؤرخين،، لكن معلقته الطويلة هي التي تم نسبها له، لا يوجد شك في صحة هذا النسب، ويقول فيها: (ولولا ثلاثٌ هنَّ من لذة الفتى، وجَدِّك، لم أحفل متى قام عُوَّدي، فمنهن سَبْقي العاذلات بشَربة، كميت متى ما تُعْل بالماء تُزْبِدِ، وكَرِّي إذا نادى المضاف مجنَّبًا، كسيد الغضا ذي الطخيَّة المتورِّد، وتقصير يوم الدَّجنِ الدجنُ معجِبٌ، ببَهْكَنةٍ تحت الطَّراف المعمَّد،ولم يجدوا له مخترعًا في غيرها إلا قليلًا.)
قال طرفة بن العبد طويلته هذه في حادثة الإبل التي ذكرناها، حيث قال لأخيه: (فإني لا أخرج فيها أبدًا، حتى تعلم أن شعري سيردُّها إن أخذت! فتركها وأخذها ناس من مضر.) [3]
ومن أشعار طرفة بن العبد في الفخر والحكمة القصيدة التالية:
فَكَيفَ يُرَجّي المَرءُ دَهراً مُخَلَّداً
وَأَعمالُهُ عَمّا قَليلٍ تُحاسِبُه
أَلَم تَرَ لُقمانَ بنَ عادٍ تَتابَعَت
عَلَيهِ النُسورُ ثُمَّ غابَت كَواكِبُه
وَلِلصَعبِ أَسبابٌ تَجُلُّ خُطوبُها
أَقامَ زَماناً ثُمَّ بانَت مَطالِبُه
إِذا الصَعبُ ذو القَرنَينِ أَرخى لِوائَهُ
إِلى مالِكٍ ساماهُ قامَت نَوادِبُه
يَسيرُ بِوَجهِ الحَتفِ وَالعَيشُ جَمعُهُ
وَتَمضي عَلى وَجهِ البِلادِ كَتائِبُه [4]
خصائص شعر طرفة بن العبد
- الفخر.
- المديح.
- الهجاء.
- الغزل.
كان يمتلك طرفة نهجًا مميزًا عن شعراء الجاهلية، فعلى الرغم من أنه مات صغيرًا لا يتعدى عمره ال25 عامًا، إلا أنه ترك ورائه إرث أدبي مميز، فقد كانت يتمتع بأسلوب قوي في الفخر، فكان في أشعار الفخر تشعر وأن ملك العرب يتكلم، وليس أي ملك بل ملك لديه قومٌ يطيعونه.
كما أن شعر الوصف لدى طرفة قويًا فقد وصف النوق وصف قوي، لكنه كان أهوج في شعر الهجاء والذي تسبب في مقتله على يد الملك عمرو بن هند، لكن شعر المدح خاصة طرفة لم يكن قويًا، ومن الأبياتٌ التي قالوا فيها قالوا إنها مدح لسعد بن مالك حين أُطرد فصار في غير قومه وقد ذكرهم فيها بقوله:(وليس امرؤ أفنى الشباب مجاورًا، سوى حيِّه إلا كآخرَ هالك). [3]
القصيدة التي قتلت طرفة بن العبد
قصيدة هجاء للملك عمرو بن هند .
على الرغم من أنها القصيدة التي تسببت في مقتله إلا أنها تعتبر من أفضل قصائد الهجاء في العصر الجاهلي، ويضعها بعض الشعراء والمؤرخين تحت معلقة عمرو بن كلثوم من حيث الجودة، ولقد كانت هذه القصيدة سببًا في شهرته واندلاع صيته، والسبب وراء كتابة طرفة لهذه القصيدة هو أنه كان يرى أن عمرو بن هند ملك شرير متقلب المزاج، يوم يحبك ويوم يكرهك، ولقد قام عمرو بدعوة طرفة بجانبه لما سمع عنه، لكن لم يتخيل أن يكون صريحًا عنه ويهجوه هو أيضًأ، وإليك بعض أبيات القصيدة التي تسببت في مقتله:
فَلَيتَ لَنا مَكانَ المَلكِ عَمروٍ
رَغوثاً حَولَ قُبَّتِنا تَخورُ
مِنَ الزَمِراتِ أَسبَلَ قادِماها
وَضَرَّتُها مُرَكَّنَةٌ دَرورُ
يُشارِكُنا لَنا رَخِلانِ فيها
وَتَعلوها الكِباشُ فَما تَنورُ [5]