ما اثر اكتشاف النفط في نهضة المملكة العربية السعودية
اثر اكتشاف النفط في نهضة المملكة العربية السعودية
يعتبر اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية له اثر كبير في تطور ونهضة المملكة، ويعتبر النفط والغاز الطبيعي من أهم مصادر الطاقة، حيث:
- يوفّر النفط الوقود لوسائل النقل المختلفة؛ كالسيّارات والشاحنات، والطائرات.
- يوفّر الطاقة الكهربائيّة.
- يستخدم في الطهي.
- يستعمل في تدفئة المنازل.
- ويستخدم في تسخين المياه.[1]
لذلك يعتبر من أهم خيرات وكنوز الأرض.
كانت قصة اكتشاف النفط في المملكة العربية السعودية قد بدأت في الرابع من صفر من العام 1352 هـ، الموافق 29 مايو 1933. وذلك حين وقّع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود اتفاقية الامتياز بالتنقيب عن النفط مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا (سوكال)، حيث بعد اكتشاف النفط في الدولة المجاورة؛ البحرين، جعل ذلك الآمال تزداد بوجود مخزون من الذهب الأسود في المملكة العربية السعودية. إنّ لهذا التوقيع؛ الذي كان في عام 1933، آثار عديدة على السعودية، حيث أدى ذلك لازدياد توافد الجيولوجيين في 23 سبتمبر عام 1933، والنزول عند قرية (الجبيل) الساحلية، حيث يُظهر ذلك مدى القوة والعزيمة التي كان يتمتع بها موحّد هذا الكيان “الملك عبد العزيز” رحمه الله. وبمجرد وصولهم، هرعوا للاطّلاع على “جبل البرّي”، الذي يقع جنوب (الجبيل) على بعد (11) كيلومتر، وذلك برحلة استمرت في نفس اليوم امتطاءً الإبل وركوبهم السيارة. وبعد أسبوع، بدأوا في عمل فحص جيولوجي لتلال جبل الظهران الواقع جنوباً، لكن هذه الفحوص لم تظهر بأي نتائج خلال السنتين التي جرت فيها الفحوص وعمليات التنقيب. وبعد سنتين، صدر قرار ببدء العمل على حفر بئر الدمام رقم (1)؛ وذلك في 30 أبريل عام 1935. حيث بعد سبعة أشهر تقريباً تم العثور على كمية كبيرة من الغاز وأيضاً بعض البشائر للزيت؛ وذلك حينما وصل عمق الحفر إلى الـ 700 متر، حيث كانت هذه الفترة صعبة وكان الأمل ضعيفاً ولكن موجود. وبعد هذه الموجودات القليلة توقف التدفق بسبب عطل في المعدّات وتم سدّ البئر بالإسمنت. وعلى الرغم من ذلك، تمكّن الفريق من الوصول إلى تحفيز المزيد من الإنتاج في بئر الدمام رقم (2)، والتي كانت ناجحة بشكل أفضل. يعتبر هذا الحدث نقطة تحوّل هامة في تاريخ الصناعة النفطية في المملكة العربية السعودية.[3]
وبدأ العمل على حفرها في الوقت الذي أُغلقت فيه أول بئر، وذلك في 8 فبراير عام 1936. وما إن كان يوم 11 مايو قد جاء من نفس العام، إلّا وقد كان الحفر قد وصل إلى عمق 633 متراً. وبعدها في شهر يونيو تم اختبار البئر لتعطي نتائج رائعة ومبشّرة بأن تدفق الزيت كان بمعدّل 335 برميلاً في اليوم. ثمّ بعد أسبوع، كان قد بلغ إنتاج الزيت المتدفق حوالي الـ 3840 برميلاً يومياً؛ وذلك إثر المعالجة بالحمض.[3]
وهذا ما أعطى الأمل والتشجيع لحفر آبار الدمام (3-4-5-6) وحفّزهم لتكملة حفر الآبار بغض النظر عن النتائج وانتظارها، مما أعطى دفعة قوية للعمل وحماس كبير، حيث لم ينتظروا أن يكون الإنتاج بكميات كبيرة ولم ينتظروا أيضاً أن يتعرّفوا على حجم الحقل المُكتشف. وهذه من أهم أسباب هذا النجاح الذي حققّ تقدّم باهر في ثورة البلاد. ثمّ في شهر يوليو، صدر قرار بإعداد بئر الدمام رقم (7)؛ الذي سمُّي “بئر الخير” لتكون بئر اختبار عميقة. وأدّت زيادة العمل وحجمه إلى زيادة كل من:
- عدد الرجال.
- والعتاد.
- والمواد.[3]
وذلك لدرجة أن وصل فيها عدد العاملين للحد الأقصى ولم يعد بالإمكان استيعاب المزيد من الأعداد. ولكن لم يكن ذلك طويلاً، حيث بدأت هذه الآبار بعد فترة بالتراجع، وكانت بعضها جافّة وبعضها الآخر رطبة لتكون معطيةً للماء أكثر من الزيت، وخابت آمال الكثيرين في هذه النتائج لينعكس عليهم ذلك بالإحباط. ولكن سرعان ما تبدّل هذه الحال وتحسّن، لتتحوّل هذه الآبار بعد أمتار عميقة أكثر إلى مصادر جيدة وكبيرة للزيت. حيث ما كان يتطلّب ذلك إلّا قليلاً من الصبر فقط. وسرعان ما تبدّلت الأحوال، حيث في الأسبوع الأول من مارس 1938، حققت بئر الدمام رقم (7) الآمال، حيث كان ذلك عند مسافة 1440 متراً، وزادت الإنتاجات وتوالت البشائر بعدها، حيث أنتجت في الرابع من مارس 1938، 1585 برميلاً في اليوم وسرعان ما ارتفع هذا الرقم إلى 3690 برميلاً في السابع من مارس، ليكون بعد عدّة أيام وصل إلى 3810 براميل. ولم تخيّب هاتان البئران آمال الباحثين عن النفط، فقد أعطتَا نتائجَ طيبة، وعم الفرح والسرور أرجاء مخيم العمل في الدمام، ليُتوّج بعدها عصر جديد.[1]
في عام 1939، كانت السعودية قد أصدرت أول شحنة نفطية، ليصبح بعدها من أهم إنجازات المملكة العربية السعودية هو سيطرتها بالكامل على شركة أرامكو؛ التي كانت قد تأسست على يد شركة (ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا) وكان مسيطراً عليها أربع شركات أمريكية، وذلك على يد عبد الله السليمان عام 1980. حيث أصبحت بذلك السعودية مسيطرةً على أكبر شركة منتجة ومصدّرة للنفط في العالم، ليكون ذلك إنجازاً لا يعلى عليه، وحققت الاستقلاليّة في ذلك. ومع بداية الخمسينات؛ أحرزت شركة أرامكو إنجازاً كبيراً، حيث قامت بإنشاء خط أنابيب عبر البلاد العربية والمعروف باسم “التلابلاين”، الذي يربط المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية بالبحر الأبيض المتوسط، وذلك بغرض تقليل الوقت والتكلفة المرتبطة بتصدير النفط إلى أوروبا. وقد ساهم هذا الإنجاز بشكل كبير في تحسين صناعة النفط في المملكة العربية السعودية.[1]
حقول النفط في السعودية
تضم السعودية عدة حقول تعتبر الأولى في العالم، حيث كما ذكرنا حققت السعودية إنجازات كبيرة على هذا الصعيد، وجعلت سلطات هذا البلاد منها الأولى والأكثر استقلالية في العالم، حيث أصبحت الأولى في:
- التصدير.
- الإنتاج.
- والاستقلالية.[2]
وسنتعرّف الآن على أبرز حقول النفط في المملكة العربية السعوديّة، حيث تعدّ هذه الآبار هي كنوز المملكة وتعمل جاهدةً لتطويرها وتحسينها والمحافظة عليها. ومن أهم هذه الحقول سنذكر خمسة، حيث تعدّ هذه هي الأكثر إنتاجاً والأفضل:
- حقل الغوار.
- حقل السفانية.
- حقل خريص.
- حقل الشيبة.
- حقل بقيق.[2]
وسنتطرّق الآن عن كل واحد منهم ببعض المعلومات ونوافيكم ببعض الصفات عنها، حيث لكل منهم أهمية خاصة ومختلفة.
أوّلهم:
حقل الغوار
حقل الغوار هو حقل نفطي كبير يقع في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وهو أحد أكبر حقول النفط في العالم. تم اكتشاف الحقل عام 1948م، ويغطي مساحة 256 كيلومتر مربع. بدأ إنتاج النفط من الحقل في عام 1951، ويبلغ إنتاجه اليومي 5 ملايين برميل. يُقدر إجمالي حجم الاحتياطيات الموجودة في الحقل بحوالي 120 مليار برميل، ويحتوي حقل الغوار على خامات نفطية ذات جودة عالية، ما جعله محط أنظار شركات النفط والغاز حول العالم. تعتبر العوائد المالية التي يحققها حقل الغوار من النفط أحد المصادر الرئيسية للاقتصاد السعودي.[2]
حقل السفانية
حقل السفانية هو أحد أكبر حقول النفط في المملكة العربية السعودية، ويُعد أكبر حقل نفط بحري في العالم. تم اكتشاف الحقل في عام 1951م، ويغطي مساحة تبلغ 750 كيلومتر مربع، ويبعد عن شركة أرامكو الظهران مسافة 265 كيلومتر. بدأ الإنتاج من الحقل في عام 1957م، ويصل إنتاجه اليومي إلى ما يقارب 1.2 مليون برميل. يعتمد الاقتصاد السعودي بشكل كبير على الإنتاج النفطي، ويمثل حقل السفانية جزءًا من هذا الإنتاج النفطي. وشكّل استهلاك أوروبا الغربية حوالي 22% من إجمالي الطاقة في ذلك العام.[2]
حقل خريص
حقل خريص هو حقل نفط مهم في المملكة العربية السعودية، حيث يتم إنتاج ما يصل إلى 1.2 مليون برميل من النفط يوميًا. وقد تأسس الحقل في عام 1957، وتوقف الإنتاج فيه لبعض الوقت بسبب انخفاض الإنتاجية، ولكن تم إعادة تشغيله بعد ذلك بفضل زيادة الاستهلاك العالمي. يقع حقل خريص في منطقة الأحساء بالمملكة العربية السعودية، ويغطي مساحة تقدر بحوالي 1200 كيلومتر مربع. وتقدر الاحتياطيات النفطية في الحقل بحوالي 27 بليون برميل، مما يجعله واحدًا من أكبر حقول النفط في المملكة.[2]
حقل الشيبة
حقل الشيبة هو حقل نفطي يقع في المملكة العربية السعودية على بعد حوالي 40 كيلومترًا شمال صحراء الربع الخالي. وقد بدأ العمل في الحقل والإنتاج منه في عام 1998، وتقدر الاحتياطيات النفطية في الحقل بحوالي 15 بليون برميل من الزيت الخام و25 تريليون متر مكعب من الغاز. وتقع منطقة حقل الشيبة ضمن منطقة النزاع الإماراتي السعودي، حيث تزعم الإمارات أن لديها حقوق تاريخية في أراضي الحقل. ومع ذلك، فإن المملكة العربية السعودية تقوم بإدارة الحقل والإنتاج منه.[2]
حقل بقيق
حقل بقيق هو ثاني أكبر حقل لإنتاج النفط في المنطقة الشرقية بالسعودية، حيث يبعد عن مدينة الدمام بمسافة تبلغ 75 كيلومتر مربع. تم اكتشاف هذا الحقل النفطي في عام 1940، ويصل إنتاجه إلى أكثر من سبعة ملايين برميل من الزيت الخام و210 ملايين قدم مكعبة من الغاز و200 ألف برميل من الغاز الطبيعي. تمت معالجة 70% من إنتاج شركة أرامكو في هذا الحقل. يوجد في المنطقة معملان: معمل لمعالجة الغاز الطبيعي ومعمل لمعالجة الزيت الخام، بالإضافة إلى معمل توليد الطاقة الكهربائية ومصنع لتحلية المياه وإنتاج البخار ومعامل ضغط وتنقية الهواء ومعمل لضخ الزيت.[2]
يعتبر استخراج النفط من الحقل عملية معقدة وصعبة نظراً لموقعه البحري العميق، وتتطلب العملية استخدام تقنيات وأساليب حديثة ومتطورة لتحقيق أفضل النتائج. تحتوي هذه الحقول على احتياطيات هائلة من النفط، وتعتبر موردًا هامًا للاقتصاد السعودي وللعالم بأسره. وتلعب شركة أرامكو السعودية دورًا رئيسيًا في تشغيل وإدارة الحقول.