هل من اسباب الهداية الدعاء

من اسباب الهداية الدعاء



نعم يمكن أن يكون الدعاء هو سبب الهداية .


يمكن أن يكون الدعاء هو سبب الهداية فقد دعا رسول الله صلَّ الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يهديه الله للإسلام وقد حدث بعدما كان كافرًا إذاً فالدعاء للمسلم بالهداية أولى وأقرب للإجابة فإن الله سبحانه وتعالى قريب مجيب، وإن دعوة المسلم لأخيه المسلم عن ظهر غيب دعوةً مستجابةً بإذن الله، ولكن عليك ألا تمل ولا تكل من الدعاء وإن تأخرت الإجابة يقول صلَّ الله عليه وسلم : (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول : دعوت فلم يستجب لي)، وهذا الحديث يهدينا لنفهم أن لاستجابة الدعاء شروط، يقول عبد البر في التمهيد : (في هذا الحديث دليل على خصوص قول الله عز وجل : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، وأن الآية ليست على عمومها، ألا ترى أن هذه السنة الثابتة خصت منها الداعي إذا عجل)، فيما معناه أن الداعي اللي يتعجل الإجابة ويمل من الدعاء لا تستجاب دعوته.


ينقل ابن حجر قول ابن بطال في معنى الحديث : (المعنى أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه، أو أنه أتى من الدعاء ما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء، وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء، وهو أنه يلزم الطلب ولا ييأس من الإجابة لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف : لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة، قال الداودي : يخشى على من خالف وقال قد دعوت فلم يستجب لي أن يحرم الإجابة وما قام مقامها من الادخار والتكفير).[1]

الدعاء بالهداية من السنة النبوية



(اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا).


يمكنك

الدعاء بالهداية

والتقوى لأي شخص تحبه أو لا تحبه وبأي صيغة تريد، وانظر كيف دعا النبي صلَّ الله عليه وسلم بالهداية لأحبائه وأعدائه، فقد روي في البخاري ومسلم ما ورد عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : (مَا حَجَبَنِي النَّبِيُّ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلا رَآنِي إِلا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي ، وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ إِنِّي لا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي وَقَالَ : ( اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا).


كانت أم أبي هريرة تكره النبي يقول أبي هريرة : (كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَدَعَوْتُهَا يَوْمًا فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الإِسْلامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ)، فَخَرَجْتُ مُسْتَبْشِرًا بِدَعْوَةِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا جِئْتُ فَصِرْتُ إِلَى الْبَابِ فَإِذَا هُوَ مُجَافٌ فَسَمِعَتْ أُمِّي خَشْفَ قَدَمَيَّ فَقَالَتْ : مَكَانَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ الْمَاءِ، قَالَ : فَاغْتَسَلَتْ وَلَبِسَتْ دِرْعَهَا وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَفَتَحَتْ الْبَابَ ثُمَّ قَالَتْ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ : فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُهُ وَأَنَا أَبْكِي مِنْ الْفَرَحِ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ قَدْ اسْتَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا)، وهكذا استجاب الله تعالى لدعاء نبيه صلَّ الله عليه وسلم لقلبٍ قاسٍ ومنكر للدين واستجاب سبحانه وتعالى، فلا تيأس من الدعاء ولا تمل.[2]

الهداية بيد الله تعالى


يهدِ الله من يشاء من عباده ويضل من يشاء، على العبد الثبات والصبر وسلوك الطري قالقويم والأخذ بالأسباب، يقول تعالى في كتابه العزيز :  (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)، ويقول تعالى : (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، فادع الله تعالى أن تكون من المهتدين، وصلِ الصلاة على وقتها حيث أن المسلم المقيم للصلاة يدعو ربه في كل صلاة بالهداية حين يقرأ فاتحة الكتاب فيقول : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)،

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بيان هذه المسألة

: (إذا كان الأمر راجعا إلى مشيئة الله تبارك وتعالى وأن الأمر كله بيده  فما طريق الإنسان إذن وما حيلة الإنسان إذا كان الله تعالى قد قَدَّر عليه أن يضل ولا يهتدي؟)، والحقيقة أن أسباب الضلال من العبد نفسه، انظر لقوله تعالى : (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ)، وقوله تعالى : (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ)، فالله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ولكنه عادل حكيم لا يظلم أحدًا بل هم من يظلمون أنفسهم.


يؤمن أهل السنة والجماعة أن الإنسان مريد لما يفعل، فهو يختار ويقرر ما يريد فعله، وإرادته خاضعة لإرادته سبحانه وتعالى فلا يقع ما يريد العبد إلا بمشيئة الله تعالى، ومشيئة الله تعالى تابعة لحكمته فيقدِّر سبحانه وتعالى الهداية لمن أرادها واختارها وسعى لها، ويقدر الضلال لمن أراده ويضيق صدره لذكر الله، فلا يتخيل أحدكم أنه غير متحكم في اختياراته وغير محاسب، فلا تعارض بين القضاء والقدر وتكليف الإنسان، يقول تعالى : (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، أي أن الذين يدخلون الجنة يدخلونها لأعمالهم الصالحة وإيمانهم، ويقول تعالى : (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ)، فالعذاب لمن اختار العصيان على الطاعة والكفر على الإيمان، يختار الإنسان مصيره حينما يختار أفعاله، فمن أراد الجنة عمل لها، ومن أراد النار سار على دربها، ومن أراد الهداية تقرب إلى الله بالقول والعمل، والله يهدي من أراد أن يهتدي بهديه.[3]

حكم الدعاء بالهداية للكافر



يجوز .


ثبت عن النبي صلَّ الله عليه وسلم أنه دعا بالهداية للكافرين، حيث دعا لأم أبو هريرة كما سبق وذكرنا وقد استجاب الله سبحانه وتعالى له وهدالها إلى الإسلام، و


دعا لدوس كماورد في الصحيحين : (اللهم اهد دوساً)، ودعا لثقيف كما في روى أحمد والترمذي في الحديث : (اللهم اهد ثقيفاً) وهما قبيلتان كافرتان، وقد روى أحمد والترمذي وورد في صحيح البخاري أن النبي صلَّ الله عليه وسلم كان يقول لليهود حينما كانوا يتعاطسون عنده : (يهديكم الله ويصلح بالكم)، بدلًا من (يرحمكم الله)، ويأخذنا ذلك للخوض في مسألة الدعاء بالرحمة والمغفرة لغير المسلمين وهو أمر غير جائز حيث يقول تعالى في كتابه : (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)، وقد تجنب الرسول صلَّ الله عليه وسلم الدعاء لهم بالرحمة كما سبق وأن ذكرنا.


يجوز الدعاء للكافر بالهداية، ولا يجوز الدعاء له بالرحمة والمغفرة، واختلف العلماء في جواز الدعاء له بالرزق والبركة في المال والولد، وهذا لا يعني كراهة الخير لأحد من خلق الله تعالى ولكن إذا قضى الله ورسوله أمرًا فليس لأحد الخيرة من أمره، ونحن نستمد شرائعنا من الكتاب والسنة والنبوية المطهرة.[4]