قصة مقولة لست بالخب ولا الخب يخدعني
لست بالخب ولا الخب يخدعني
لست بالخب ولا الخب يخدعني مقولة منسوبة للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي مقولة مخلدة في التاريخ لما تحتوي في ذاتها من حكمة إدارية. قصة مقولة لست بالخب ولا الخب يخدعني كثيرًا ما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لست بالخب ولا الخب يخدعني. هذه المقولة هي عبارة عن تصور طبيعة نبوغه وذكائه رضي الله عنه. فهو ليس ذكاءً عدوانيًا ولا ذكاءً مراوغًا بل هور ذكاء تفوق يتفجر من شخصية متفوقة ومن أجل مصلحة متفوقة. وهذا ما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مشيدًا بالفطنة الخارقة للفاروق رضي الله عنه: (إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه). [1]
من القائل لست بالخِبِّ ولا الخب يخدعني
الفاروق
عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو صاحب مقولة لست بالخب ولا الخب يخدعني. وقد سُئل المغيرة بن شعبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال (كان والله أفضل من أن يَخدع وأعقل من أن يُخدع) وهو وصف مناسب للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه. والخب هو الرجل الخداع المخادع الغادر والمعنى المقصود من المقولة السابقة للفاروق رضي الله عنه أنه ليس بالماكر المخادع وحاشاه عن ذلك ولكن لا يمكن للماكر المخادع أن يخدعه. فلا يجب أن يكون المؤمن مخادعًا غادرًا كما لا يسمح بأن يُغدر به حتى لا يكون المؤمن في صف المغفلين والساذجين.
وقد لخصت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فطنة وحذاقة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قولها: (كان واللهِ أَحْوَذِيّاً نَسِيجَ وَحْدِه قد أعدّ للأمور أقرانها). ولقد أفاء الله على عمر بن الخطاب رضي الله عنه الكثير من الحكمة والفطنة. يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا. وكان عبد الله بن مسعود يقول (كان عمر أعلمنا بكتاب الله وأفقهنا في دين الله) وكان أصحابه يتحدثون بأنه ذهب وحده بتسعة أعشار العلم. وهذا الأمر لا يخفى في أي تصرف من تصرفاته أو كلمة من كلماته. ولكن عمر رضي الله عنه كان يرى أنه لم يعط نعمة الذكاء إلا ليبصر الحق وليتجنب الباطل. [1] [2]
معنى لست بالخب ولا الخب يخدعني
الخب هو الشخص المخادع الماكر الغادر وهذه المقولة المنسوبة للفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه تبين جانب من جوانب شخصية الفاروق رضي الله عنه الذي كان كثيرًا ما يقول هذه المقولة. والمعنى لست بالمخادع الماكر الغادر وحاشاه عن ذلك رضي الله عنه ولا يمكن أن يُخدع بالمخادع الماكر الغادر. وفي قول لابن القيم في كتاب الروح (وكان عمرُ أعقلَ من أن يُخدَع، وأورعَ من أن يَخْدَع). وقال المغيرة بن شعبة: (ما رأيتُ أحدًا أحزَمَ من عمر، كان والله له فضلٌ يَمنعه أن يَجزع، وعقلٌ يَمنعه أن يخدع). وهكذا يجب أن يكون المؤمن فلا يكون مخادعًا غادرًا ماكرًا ولا يسمح لغيره أن يغدر به أو يمكر به. [3]
قصة مقولة لست بالخب ولا الخب يخدعني
من شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم للفاروق
عمر بن الخطاب
رضي الله عنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لو كان بعد محدثون لكان عمر) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لا أدري مقامي فيكن فاقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر). وهذه المقولة السابقة تبين جانب من جوانب شخصية الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأن له فقه عظيم بطبائع الناس.
وقصة مقولة لست بالخب ولا الخب يخدعني ليست مقتصرة على موقف واحد ولكن هي سمة من سمات الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول (أحبكم إلينا قبل أن نراكم أحسنكم سيرة، فإذا تكلمتم فأبينكم منطقًا، فإذا اختبرناكم فأحسنكم فعلًا) فالمظاهر العابرة لا تكفي عند امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أجل تكوين رأي عن الآخرين. ومثل ذلك الموقف التالي:
يسمع واحدًا يُطري آخر ويمتدحه قائلًا، إنه رجل صدق
فيسأله عمر: هل سافرت معه يومًا؟
يقول الرجل: لا
فيسأله عمر: هل كانت بينكما خصومة يومًا؟
يقول الرجل: لا
فيسأله عمر: هل ائتمنته يومًا على شيء؟
يقول الرجل: لا
فيقول عمر: إذن لا علم لك به. لعلك رأيته يرفع رأسه في المسجد ويخفضه.
وهذا القول من أمير المؤمنين ليس تهوينًا لشأن العبادة أو لشأن الصلاة ولكن هي إحاطًة بأسرار النفس البشرية ومعرفة بدواخل النفس الخفية. [1]
لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين) وهذا الحديث الشريف يحمل معنى قريب من قول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وهذا الحديث الشريف يعلمنا كيف يجب أن يكون المؤمن حيث يجب على المؤمن أن يدرك ما يدور حوله من أحداث لا يَستخف بها من جهة ولا يسمح أن يُستخف به أيضًا.
وقصة الحديث الشريف هي درس لكل المؤمنين حول أسير من أسرى قريش يوم بدر توسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بفقره وبعياله حتى استطاع أن يحصل على عطف رسول الله صلى الله عليه وسلم للإفراج عنه دون فدية ولكن بشرط أن يتعهد ألا يعود لقتال المسلمين مرة أخرى. ولكن هذا المشرك لم يلتزم بوعده وعهده للنبي صلى الله عليه وسلم بل عاد للحرب ضد المسلمين يوم أحد.
ولكنه وقع أسيرًا في يد المسلمين مرة أخرى. وعندما جاؤوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يكرر مشهد الخداع مرة أخرى. فقال: يا رسول الله أقلني أي سامحني واعفُ عني فرد عليه صلى الله عليه وسلم قائلاً: (لا والله، لا تمسح عارضيك بمكة -يقصد لحيته على جانبي الوجه- وتقول: خدعتُ محمداً مرتين.. اضرب عنقه يا زبير) وهكذا لقي جزاؤه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين). [2]
فوائد من مقولة لست بالخب ولا الخب يخدعني
على المؤمن التفريق بين سلامة الصدر وبين البلاهة والغفلة والسذاجة. يقول ابن القيم (والفرق بين سَلَامة القلب والـبَلَه والتَّغَفُّل: أنَّ سَلَامة القلب تكون من عدم إرادة الشرِّ بعد معرفته، فيَسْلَم قلبه من إرادته وقصده، لا من معرفته والعلم به، وهذا بخلاف الـبَلَه والغَفْلة، فإنَّها جهل وقلَّة معرفة، وهذا لا يُحْمد؛ إذ هو نقص، وإنَّما يَحْمد النَّاس من هو كذلك؛ لسَلَامتهم منه، والكمال أن يكون القلب عارفًا بتفاصيل الشَّرِّ، سليمًا من إرادته). يجب أن يكون المؤمن ليس من الغباء بحيث يخدعه الخب وليس من الخبث والمكر بحيث يَخدع. أي لا يَخدع ولا يُخدع. [4]