شروط التوبة من الظلم
من شروط التوبة من الظلم
-
رد المظالم .
-
أداء الحقوق إلى أهلها .
-
طلب العفو والسماح .
يتوب الله على من تاب من عمله الغير صالح سواءًا كان ظالمًا لنفسه أو لغيره، ويبدِّل الله تعالى سيئاته حسنات طالما أنه صادقًا في توبته وينوي عدم تكرار فعلته، يقول تعالى في كتابه العزيز في الآية السبعين من سورة الفرقان : (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمً)، ولكن لا يغفر الله حق العباد حيث يجب على من تجرأ على ظلم غيره أن يُصلح ما أفسده بأن يقوم برد الحقوق إلى أهلها، أو يحرص على أن يسامحوه أو يتنازلوا عن حقوقهم إذا كان غير قادر على إعادتها.
قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم : (ا
لمفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثم طُرِح في النار)، فإن لم يؤدِ العبد حقوق الناس ويتقِ الله أُخذ من حسناته حتى تنفذ، ويُطرح من سيئاتهم حتى يؤدِ ما عليه، ويلقى مصيره الذي غالبًا ما يقوده إلى الهلاك في النار أعاذنا الله وإياكم.[1]
كيف يتخلص الظالم من دعوة المظلوم
يتخلص الظالم من دعوة المظلوم
بالدعاء، فلا يرد القضاء إلا الدعاء،
بعد أن يتوب الظالم عن ظلمه ويرد الحق إلى أهله.
يتخلص الظالم من إصابة دعوة المظلوم له برد المظالم والتوبة عن ظلم العباد وأداء حقوقهم، فعليك أخي المسلم أن تتقِ الله حتى لا تصيبك دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب، روى
البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلَّ الله عليه وسلم قال لمعاذ لما أرسله إلى اليمن: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب)، وإذا ظننت أن دعوته أصابتك بالفعل فلا يرد القضاء إلا الدعاء، يقول رسول الله صلَّ الله عليه وسلم : (لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر)، ولكن على الظالم التوبة من ظلمه، ورد الحقوق أولًا، وإن لم يكن للمظلوم حق يستطيع الظالم رده إليه فليعامله بالحسنى ويطلب منه السماح والغفران، فإن التوبة إلى الله دون مسامحة
المظلوم
لن ترفع عن الظالم إثمه، فإن الله تعالى هو العدل ولا يغفر حق عباده إلا إذا غفروا.[2]
حكم من ظلم إنسان
حكم من ظلم إنسان أنه
ارتكب كبيرة من أعظم وأقبح الكبائر.
يقول النبي صلَّ الله عليه وسلم : (اتَّقوا الظلم، فإنَّ الظلم ظُلمات يوم القيامة)، أي أن للظالم مصير مظلم بعد موته ينتظره لقاء ما قدَّم من ظلم الناس وأكل حقوقهم بالباطل، وقد يعجِّل الله العذاب للظالم أو يؤخره، وقد عجَّل سبحانه وتعالى العذاب للعديد من الأقوام السابقة من الظالمين كما ذكر تعالى في قوله : (
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
)، وقوله تعالى : (
فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ، أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ، وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ).
يقول تعالى في كتابه العزيز : (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ)، فلا تعتقد أنه مهما طال الزمان قد يفلت الظالم بظلمه، فإن جزاءه على الله سواءًا كان ذلك في الحياة الدنيا أو في الآخرة، يقول تعالى في كتابه : (
وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا)،
ويقول : (
وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ)، ومن أصدق من الله قيلا.[3][4]
شروط التوبة
- الإقلاع عن الذنب وعقد النية على عدم تكراره.
- الندم على ما مضى من الذنوب والآثام.
- رد الحقوق إذا كان الذنب يتعلق بحق العباد.
تكتمل التوبة باكتمال شروطها جميعًا، فلا تصح توبة
الظالم
إذا لم يرد الحقوق إلى أهلها ويطلب العفو والغفران من العبد الذي وقع الظلم بحقه، ولا تصح التوبة إذا لم يندم العبد على أفعاله الشنعاء، ويعقد العزم على عدم الرجوع إليها، وللظلم أنواع حيث يقول ابن القيم : (والظلم عند الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة له دواوين ثلاثة : ديوان لا يغفر الله منه شيئًا، وهو الشرك به فإن الله لا يغفر أن يُشْرَك به، وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئًا وهو ظلم العباد بعضهم بعضًا فإن الله تعالى يستوفيه كله، وديوان لا يعبأ الله به شيئًا وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عزَّ وجلَّ، فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محوًا، فإنه يُمحى بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، ونحو ذلك بخلاف ديوان الشرك فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد، وديوان المظالم لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها).
قصة تحقق دعوة المظلوم
وردت قصة عن عاقبة ظالم قد أخذ رزق غيره عنوة في كتاب (الزواجر عن اقتراف الكبائر) للهيثمي، وإليك القصة :
قال بعضهم : رأيت رجلًا مقطوع اليد من الكتف وهو ينادي من رآني فلا يظلمنَّ أحدًا، فتقدمت إليه وقلت له : يا أخي ما قصتك؟ فقال : يا أخي قصتي عجيبة وذلك أني كنت من أعوان الظلمة فرأيت يومًا صيادًا قد اصطاد سمكة كبيرة فأعجبتني فجئت إليه فقلت : أعطني هذه السمكة فقال : لا أعطيكها أنا آخذ بثمنها قوتًا لعيالي فضربته وأخذتها منه قهرًا ومضيت بها قال: فبينما أنا ماشٍ بها حاملها إذ عضت على إبهامي عضة قوية فلما جئت بها إلى بيتي وألقيتها من يدي ضربت علي إبهامي وآلمتني ألـمًا شديدًا حتى لم أنم من شدة الوجع وورمت يدي فلما أصبحت أتيت الطبيب وشكوت إليه الألم فقال : هذه بدو أكلة اقطعها وإلا تلفت يدك كلُّها فقطعت إبهامي ثم ضربت يدي،فلم أطق النوم ولا القرار من شدة الألم، فقيل لي : اقطع كفك فقطعتها وانتشر الألم إلى الساعد وآلمني ألما شديدًا ولم أطق النوم ولا القرار وجعلت أستغيث من شدة الألم، فقيل لي : اقطعها من المرفق، فانتشر الألم إلى العضد وضربت علي عضدي أشد من الألم، فقيل لي : اقطع يدك من كتفك وإلا سرى إلى جسدك كلِّه فقطعتها، فقال لي بعض الناس : ما سبب ألمك؟ فذكرت له قصة السمكة، فقال لي : لو كنت رجعت من أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة فاستحللت منه واسترضيته ولا قطعت يدك فاذهب الآن إليه واطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى بدنك، قال : فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته فوقعت على رجليه أقبلهما وأبكي، وقلت : يا سيدي سألتك بالله إلا ما عفوت عني، فقال لي : ومن أنت؟ فقلت: أنا الذي أخذت منك السمكة غصبًا، وذكرت له ما جرى وأريته يدي فبكى حين رآها ثم قال : يا أخي، قد حاللتك منها لما قد رأيت بك من هذا البلاء، فقلت له : بالله يا سيدي، هل كنت دعوت علي لما أخذتها منك؟ قال : نعم، قلت : اللهم هذا تقوَّى عليَّ بقوته على ضعفي وأخذ مني ما رزقتني ظلمًا فأرني فيه قدرتك، فقلت له : يا سيدي، قد أراك الله قدرته في وأنا تائب إلى الله عزَّ وجلَّ عما كنت عليه).[5]