هل النجاة في الآخرة تكون بسبب الإخلاص لله تعالى
النجاة في الآخرة تكون بسبب الإخلاص لله تعالى
الإخلاص لله تعالى سبباً في النجاة في الآخرة .
يجب ان يكون المسلم على علم بأن الاخلاص عزيز للغاية في تحقيقه، ويلزمه بذل الكثير من الجهد بجانب مجاهدة الفرد قبل وبعد وخلال العمل، ولكن يجب أن ينتبه كل مسلم إلى أمر هام وهو إخلاص العمل لوجه الله وحده، فمن سمات المخلصين انهم يعملون الله وجميع اقوالهم الذين يتلفظون بها لله، ويجب ان تكون جميع عطاياهم وذكاتهم الذين يخرجوها للمساكين والفقراء لكي يبتغوا فضلا من الله ولا ينتظرون مقابل أو خدمة من أولئك الناس إذا ابتعدوا عن شئ محرم فيكون السبب أنهم يمتثلون لقول الله وكذلك الحب والبغض [1] .
من أهم الأمور أنهم يبتعدون عن النفاق فالمعاملة الظاهرة الصادرة عنهم والباطنة أيضا جميعها لوجه الله العلي العظيم، لا ينتظرون إلا ثواب الله وليس شكر من الناس أو جزاء من جنس العمل أو لكي يتقربوا منهم مبتغين الجاه، ولا ينتظرون أيضا أن يقوم الناس بمدحهم بين جميع الأفراد، فالمسلم المخلص يعلم ان لا احد يتمكن من إلحاق ضرر به او نفعا سوء الله القادر علي كل شيء، ويجب ان يكون كل مسلم علي علم بأن المسلم الحق ما يصدر عنه قول او فعل إلا لله، فمن فعل شئ وأراد به شئ اخر من الناس فسينزله الله منازلهم فهو لا يعلم من هو الله، اما من يعرف الله فسوف يخلص له كل شئ يصدر عنه، لذلك يجب علينا ان ندعي الله بأن يرزقنا الإخلاص في جميع أمور دُنيانا وأن يباعد بيننا وبين الكبر والرياء، وقال رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة وأذكي السلام ” من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة ” .
قال عز وجل في سورة النساء (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو مُحسن)، عندما تمت الإشارة إلى الإخلاص الذي تم تصنيفه على أنه من أشرف الأشياء، تم التعبير عنه بالإشارة إلى الوجه الذي يُصنف علي أنه أشرف وأفضل الأعضاء، والمقصود من الوجه هو الجهة التي يقصدها إليها الإنسان عن طريق وجهه، وتعني كلمة لله ان كل ما يصدر عن الإنسان من قول وفعل وسكنة وحركة إلا لله وابتغاء مرضاته، فهو الله جل جلاله لا مثيل له .
كما قال الله تعالى في سورة الزمر (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين)، ونُقل عن الطبري في التفسير الخاص به أن الله عز وجل قال لنبيه ورسوله محمد (إنا أنزلنا إليك يا محمد الكتاب)، والمقصود بالكتاب هو القرآن الشريف (بالحق) ويقصد به بالعدل، فقال تعالى “أنزلنا إليك هذا القرآن يأمر بالحق والعدل، ومن ذلك الحق والعدل أن تعبد الله مخلصًا له الدين، لأن الدين له لا للأوثان التي لا تملك ضرًا ولا نفعًا”. وقال في سورة البينة (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) .
(مخلصين له الدين ) تم تصنيف إخلاص الدين في هذه الحالة إلى أنه يُخرج على عدد من الوجوه بلغ الاثنين، والمراد بالأول أن يتم إخلاص الدين لله وحده ويكون صفي أي لا يقوم بإشراك أحد آخر فيه.
أما عن المراد الثاني فيقصد به الدين الخالص المستمر والدائم دون انقطاع، فقال تعالى في سورة فصلت “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ(٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ(٣١)”. والمراد بربنا الله هو أن نوحد الله ثم نستقيم على الطاعات و التوحيد وأداء الفرائض والامتثال بأفعال الله، ويجب ان يخلص الفرد الدين لوجه الله ويظل متداوم على فعله إلى أن يموت، والمسلم الصالح هو الذي يستقيم في كلا من أفعاله وأقواله، ومثلما يفعل في العلانية يفعل في السر، فهم خير الناس وستكون الملائكة معهم وبجوارهم دائما .
فلا قلق عليهم فهم لن يحزنوا ولن يخافوا، وثواب هؤلاء الناس الجنة، فهم سوف يستقيمون على طريق الحق ويتقربون إلى الله بالخير وطاعة، ويجب ان ينتبه المسلم على أقواله وأفعاله، فإذا انحرف عن طريق الحق وعن المنهاج المحدد فسيكون في ضلال وجهل وبالتأكيد لن يكون عنده وعي وسيكون غير مدرك، ويتصف الفرد بالجبن وانه مُهان، وتوجهه جميع شهواته ورغباته، أما بالنسبة لكل مستقيم فلن يكون ناتج أفعاله إلا الثواب والفلاح، والمسلم الحق هو ذا الشخصية المتماسكة والإرادة القوية والعزيمة، أما الضال فسوف يُهلك ويدمر ذاته بنفسه، ومن هنا يمكننا أن نقول أن الدين هو خير سبيل لإرشاد الإنسان ويبعده عن الآثم ويقربه من الله .
تعريف الإخلاص
يقصد بالإخلاص هو أن يتم إفراد الحق بشكل متعمد ومقصود .
وقال سيدنا ابراهيم موضحا معنى الإخلاص انه الصدق في النية لله عز وجل، ووضحه ابو عثمان أيضا بأنه البعد عن الخلق وما يعتقدونه ونسيان رؤيتهم، مستبدلا ذلك بالنظر إلى الله فهو الخالق، وعقب سهيل بعد ذلك بقوله علي الإخلاص أنه يتمثل في سكونُ المسلم وأن تكون جميع حركاته لله، وقيل أيضا عن الإخلاص انه المساواة أو التسوية بين جميع الأعمال الصادرة عن العبد سواء الظاهرة منها او ما بطن [2] .
بالإضافة إلى تفسيره علي أنه صرف جميع الاعمال إلى الله ابتغاءً لمرضاته، ولا توجد نية للرياء أو ليجعل الناس تتخذ منه حديث عن السمعة، فهو يفعل كل الطاعات تقربا لله وحده ولا يشغل باله بالخلق، فهو لا يتصنع بل هو يحاول ان يصلح من نفسه خوفا من الله وطمعا في رضاه وثوابه، والمقصود بالمخلص أنه ذلك الفرد الذي يعمل العمل الصالح لوجه الله ولا يحتاج الي الشكر أو الحمد من قبل الناس، فالمخلص الحق كما قال عنه يعقوب المكفوف هو من يقوم بكتم جميع أعماله وحسناته مثلما يقوم بكتم سيئاته واخطائه .
ثمرات الإخلاص لله تعالى
- يقوم بتحويل جميع الأمور المُباحة إلى مجموعة طاعات، فقال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إنك لن تنفق نفقةً تبتغى بها وجه الله إلا أُجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأة [3] .
- السبيل المضمون إلى دخول الجنة .
- إن النوايا التي تُخلَص لله تتحلى بإمكانه فعل العمل وتبلغ مبلغه، قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: ” من أتى إلى فراشه وهو ينوى أن يقوم من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كُتب له ما نوى وكان نومه صدقه عليه من ربه عز وجل”، وقال أيضا من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ” .
- يمجي عباد الله من افعال الشياطين وكيدهم، فقال الله تعالي في سورة يوسف “وقد نجا من كيد امرأة العزيز – ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ” .
- من أهم الأسرار التي تجعل الفرد المسلم يتمكن من الوصول إلى الله .
- يعمل على تنفيس الكرب والبعد بين الفرد وبين الهموم والخروج من الضيق والشدائد، ومن الدليل على هذا أن هناك ثلاثة رجال ويطلق عليهم أصحاب الغار، وكان الغار قد غُلق عليهم وكاد أن يكون هذا هو قبرهم، فقاموا جميعا بالدعاء إلى ربهم وقال كل فرد منهم “اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرِّج عنا ما نحن فيه، ولم يمض سوي بضعه دقائق وانفرجت الصغرة عن الغار وتمكنوا من الخروج وتمكنوا من المشي” .
- للإخلاص دور هام في تنقية القلب، فهو يخلصها من البغضاء ويبعد بين الإنسان وبين الحقد والحسد .
- يعمل علي توفيق العبد في حياته، ويحسن ترتيبها ويجعلها ممتلئة بالبركة والاستقرار .