ما آثار رحمة الله بعباده
من آثار رحمة الله بعباده
كل رحمة من رحمات الخلق هي أثر من رحمة الله، قال عليه الصلاة والسلام: جعل الله الرحمة مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءا واحدا، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه. رواه البخاري ومسلم.
والآيات القرآنية التي توضح لنا سعة رحمة الله تعالى لا تعد ولا تحصى، قال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {الأنعام: 54}
من الآثار التي تدل على رحمة الله الكثيرة هي :
-
إرسال الأنبياء، ورسالة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كانت رحمة للعالمين
-
رحمة الله تعالى تفتح أبواب الأمل، وتساعد أن يشعر المؤمن بالأمان
-
رحمة الله تعالى بالمخطئين
-
رحمة الله تطال الجميع
-
رحمة الله تكون وفق حكمة من الله
رحمة الله تعالى سببًا للأمل
: عندما يشعر المؤمن برحمة الله، ويوقن أن الله سبحانه وتعالى تسبق رحمته غضبه، لا ييأس، لأنه سبحانه وتعالى يدبر الأمر من فوق سبع سنوات، ويرحم الإنسان رحمة يغنيه بها عن سواه
رحمة الله تعالى بالمخطئين:
نرى في حياتنا أمثلة واقعية كثيرة عن رحمة الله بالمخطئين، فنجد أن الإنسان يقضي حياته في اللهو واللعب والغفلة عن طاعة الله، لكن الله يرزقه وييسر له أموره وينظر إليه بعين الرحمة، ويرسل له الكثير من الإشارات كي يعود إلى الله، وذلك فرصةً كي يعود إلى الإيمان ويقدر نعم الله، ويستغفر لذنوبه، لكن مع ذلك، يمادى بعض الأشخاص ويكفرون بنعم الله، فيستحقون بعد ذلك العذاب الشديد.
رحمة الله تطال الجميع:
بالرغم من أن المؤمن الصادق الذي قام برعاية والديه عند الكبر، وقام بالكثير من الأعمال الحسنة تطاله رحمة الله، وينجو من العذاب في الآخرة، لكن رحمة الله ليست حكرًا على المؤمنين، بل تطال الجميع حتى الدواب والحيوانات، ونذكر في ذلك قصة المرأة البغي التي دخلت الجنة لأنها سقت كلب شربة ماء، فرحمها الله بسبب رحمتها بالحيوانات.
رحمة الله تكون وفق حكمة منه:
أبواب رحمة الله لا ممسك لها إلا هو، وإذا آمن الإنسان بهذا المعنى واستقر في قلبه، لم تضره الدنيا بعد ذلك، وليس بالضرورة أن تكون رحمة الله عبارة عن عطاء مادي في الدنيا، فقد تكون الرحمة هي شعور بالقرب من الله والرضا بقسمته، لأن المؤمن يعلم تمام العلم أن الله خبأ له يوم القيامة ما هو أجمل
والأنبياء عليهم السلام هم أشرف مثال عن الرحمة
فالنبي يوسف عليه السلام وجد الرحمة في غياهب الجب، وعلم أن الله لن يدعه وحده
وجد يونس عليه السلام الرحمة في بطن الحوت، ونجاه الله بعد أن قال دعائه الشهير لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
وجدها النبي عليه الصلاة والسلام في الغار، عندما قال له صاحبه أبي بكر (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ) [1] [2]
من آثار رحمة الله ارسال النبي صلى الله عليه وسلّم
من آثار رحمة الله بعباده هي إرسال الأنبياء وخاتم الأنبياء النبي محمد عليه الصلاة والسلام
، وكانت رسالته عبارة عن رحمة مهداة، فقد آذاه قومه وكذبوه وسببوا له الأذية، ولكنه دعا لهم بالمغفرة، وحتى عندما آذاه أهل الطائف، وجرحوه وأدموه، جاء ملك الجبال، وعرض عليه أن يطبق عليهم الجبلين، أو ينزل عليهم أشد أنواع العذاب، لكنه أبى ذلك، وقال عليه الصلاة والسلام ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا)).
وإرسال النبي محمد عليه الصلاة والسلام من أعظم النعم، قال تعالى {بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[آل عمران]
أرسل إلينا الله النبي محمد عليه الصلاة والسلام كي يهدينا من الضلال، وينتشلنا من ظلام الكفر إلى النور والهداية، فبلغ عليه الصلاة والسلام الرسالة وكانت رسالته رحمة للعالمين، فلم ييأس نبينا الكريم، ولم يدعو على قومه بالرغم من كل أفعالهم تجاهه، بل كان دائمًا صابرًا، فهدى الله على يديه الكثيرين، ونشر الله الدين الإسلامي على يد نبينا الكريم [1] [3]
من آثار رحمة الله بعبادة أنه يغفر لمن تاب وأناب
رحمة الله تنال المؤمن، وتجعله يشعر بالسكينة مهما حدث له، ورحمة الله لا تنال المؤمنين فقط، بل تنال المخطئين، والمقصرين، والله سبحانه وتعالى أرحم الراحمين، وهو أرحم من الأم بولدها، وخير الغافرين.
هذا لا يعني أنه يمكن للعبد أن يتمادى في المعاصي، ويرتكب ما يحلو له من الآثام، لأن الله يغضب على العبد لغفلته عن الآخرة، وانغماسه في الدنيا، لكن جميعنا نخطئ، ولا يوجد إنسان معصوم من الخطأ حتى الأنبياء، مهما كان ذنبك عظيم، لا تتمادى فيه وتظن أنك طردت من رحمة الله ولا مجال للتراجع، لأن هناك دائمًا مجال للتوبة طالما فيك نفس وحياة.
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) [سورة التحريم]
من شروط التوبة النصوح
- الندم على الذنب المرتكب
- ترك الذنوب بشكل قاطع
- النية بعدم العودة لمثل هذا الذنب
من رحمة الله أنه يغفر الذنوب مهما كانت إذا تاب منها العبد توبةً نصوح، وأدى للناس أموالها إذا كان قد أخذ مالًا ليس له، أو أعطى الناس حقوقها، عندها يرحمه الله ويغفر له، ويدخله جنات النعيم. [4]
الأعمال التي تستجلب رحمة الله
رحمة الله تعالى تحل بجميع الناس، فنرى أنه أدخل امرأة بغي الجنة لرحمتها بكلب، ويرحم الضعفاء والمساكين، وحتى المقصرين، فمن قصر وانغمس بالدنيا ثم استغفر وتاب يجد الله غفورًا رحيمًا يغفر له ذنوبه، قال تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً {النساء:110}
هذا لا يعني أن الإنسان يجب عليه أن يأمن مكر الله، بالرغم من أنه يتجاوز عن الزلات، لكن عذابه شديد، لذلك لا يجب أن يأمن الإنسان مكر الله، وأن يعمل ويقتدي بسنة نبينا الكريم، ويحاول أن يتقرب من الله بالأعمال الصالحة
المؤمن الصالح البار بوالديه، والمحسن لأخوته وعائلته، ومن حوله، الذي لا يظلم أحدًا، ولا يأكل حق أحد، ودائم
التقرب إلى الله
بالفروض والنوافل، فإن الله سبحانه وتعالى يدخله في رحمته، ويعينه في حياته، ويكون بالقرب منه في جميع الظروف. [5]