من الذي كفل السيدة مريم

من الذي كفل السيدة مريم


الذي كفل السيدة مريم عليها السلام بعد موت أبيها هو

نبي الله زكريا عليه السلام بن مسلم بن صدوق من أولاد سليمان بن داود -عليهما السلام-.

أخبرنا الله عز وجل عن أن الذي كفل السيدة مريم -عليها السلام- هو النبي زكريا -عليه السلام-، إذ قال المولى في كتابه العزيز: “فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ” (آل عمران 37)، وهذا يُعنى أن أمر الكفالة جاء من عند الله تعالى، فهو الذي تقبلها بقبول حسن، وقد جاء تفسير العلماء في قوله “فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ” (آل عمران 37) بأن الله عز وجل تقبل مريم من أمها حنة عندما ناجته، وجلعها محررة للكنيسة وخدمتها وخدمة ربها، وقال آخرون أن التقبل هو السلوك بها في طريق السعداء والتكفل بالتربية، وقال الحسن: “معنى التقبل أنه ما عذبها ساعة قط من ليل ولا نهار” . وفي قوله تعالى “وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا” (آل عمران 37) فسر العلماء أن معناه أن الله -عز وجل- أنبتها في غذاءه ورزقه نباتاً حسناً، حتى أكملت بلوغه وأصبحت امرأة يافعة ويقال أنها نبتت في غذاء الله، وفسر آخرون هذا الجزء من الآية أن الله -عز وجل- سوى خلقها من غير زيادة ولا نقصان.

في قوله -تعالي-: “وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا” (آل عمران 37) فسره العلماء على أن الذي كفل السيدة مريم -عليها السلام- هو النبي زكريا -عليه السلام-، ومعنى “وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا” أي ضمها إليه، وقال أبو جعفر: “اختلفت القراءة في في هذه الآية” فقرأته عامة قراء أهل الحجاز والمدينة والبصرة: (

وَكَفَلَهَا )

مخففة

“الفاء”،

بمعنى: ضمها زكريا إليه، اعتباراً بقول الله -عز وجل-: “يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ” (آل عمران 44)، وقرأ ذلك عامة قراء الكوفيين

( وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا )

، بمعنى: وكفَّلها اللهُ زكريا. [1] [2]

وبما ان

سيدنا زكريا

-عليه السلام- هو الذي كفل السيدة مريم -عليها السلام-، فقد بنى لها بيتاً، وأتى لها بمرضعة، وقال محمد بن اسحاق: “ضمها إلى خالتها أم يحيي حتى إذا شبت وبلغت مبلغ النساء، بنى لها محراباً، وجعل له باباً في وسطه لا يرقى إليه إلا بالسلم، ولا يصعد إليها غيره حتى تكبر، وكان يأتيها بشرابها وطعامها يومياً”، وقال الربيع بن أنس “كان زكريا إذا خرج يُغلق عليها سبعة أبواب، وإذا دخل عليها غرفتها وجد عندها فاكهة في غير موسمها، فيرى فاكهة الصيف في الشتاء، ويرى فاكهة الشتاء في الصيف، وكانت إذا حاضت أخرجها إلى منزل خالتها،  وإذا طهرت من حيضتها واغتسلت ردها إلى المحراب”، وقال بعضهم: كانت مريم لا تحيض وكانت مطهرة من الحيض، وقال الحسن: “إن مريم عندما وُلدت لم ترضع بل كان يأتيها رزقها من الجنة، فيقول لها زكريا: أني لكِ هذا؟ فتقول: هو من عند الله، أي قطف من الجنة “، فلما رأى زكريا هذا الأمر ورأي الله ياتي لمريم بالفاكهة في غير موسمها، طمع في الولد رغم كبر سنه، فدعا زكريا ربه بأن يُصلح له زوجه ويهبه الولد.

لماذا كفل زكريا مريم

كانت السيدة مريم ابنة رجل صالح يُسمى عمران وكان كبيرهم حينها وقد توفي قبل أن يراها، فكان من باب العرفان له أن يُكفل من قبل أحدهم، و


كانت هناك صلة قرابة بين مريم -عليها السلام- ونبي الله زكريا


-عليه السلام- فكان من الضروري أن يتكفلها أحد من رحمها، وفي هذا الزمان أصاب بني إسرائيل قحط وفقر وانخفض المخزون من الطعام وقل الزرع والماء، وكانت مريم شريفة ذات كرامات، فتسابق الرهبان والأحبار على رعايتها وكفالتها، ولكن هذا لم يُرضي نبي الله زكريا المعروف بسباقه في الخير.

كانت السيدة مريم ابنة رجل صالح يُسمى عمران وكان كبيرهم حينها وقد توفي قبل أن يراها، فكان من باب العرفان له أن يُكفل من قبل أحدهم، و


كانت هناك صلة قرابة بين مريم -عليها السلام- ونبي الله زكريا


-عليه السلام- فكان من الضروري أن يتكفلها أحد من رحمها، وفي هذا الزمان أصاب بني إسرائيل قحط وفقر وانخفض المخزون من الطعام وقل الزرع والماء، وكانت مريم شريفة ذات كرامات، فتسابق الرهبان والأحبار على رعايتها وكفالتها، ولكن هذا لم يُرضي نبي الله زكريا المعروف بسباقه في الخير.

وإن جواب سؤال من الذي كفل السيدة مريم -عليها السلام-؟ يكمن في تفسير قول الله -تعالى-: “ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۚ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ” (آل عمران 44)، فقد فسر العلماء هذه الآية فقالوا فيها: إن الأحبار والرهبان انطلقوا عند نهر جاري وكانوا تسعة وعشرين رجلاً، وقد قال السدي: “هو نهر الأردن”، ومن ثم اتفقوا على إلقاء أقلامهم في الماء، ومن يصعد قلمه أولا ويستقر يكون هو أولى الناس بها، إذ أن كل قلم عليه اسم صاحبه، ولما ألقوا بأقلامهم ارتد قلم زكريا -عليه السلام- وارتفع فوق الماء، بينما غرقت أقلامهم ورسبت في قاع النهر، وقيل أن أقلامهم جرت مع تيار النهر بينما صعد قلم زكريا واستقر مكانه كأنه في طين،وبهذا يكون الذي كفل السيدة مريم -عليها السلام- هو سيدنا زكريا -عليه السلام- بن مسلم بن صدوق من أولاد سليمان بن داود -عليهما السلام- [3]


ما صلة القرابة بين زكريا ومريم

  • زوجة سيدنا زكريا -عليه السلام- هي أخت السيدة مريم.
  • زوجة سيدنا زكريا -عليه السلام- هي أخت السيدة أم مريم (حَنة).

بعد معرفة لماذا كفل زكريا مريم، لابد أن نعرف ما صلة القرابة بين زكريا ومريم التي تجعله أحق الناس بها بعد أمها؟ إذ ذُكَرَ في كتب التاريخ والسير أن عمران والد السيدة مريم -عليها السلام- تزوج سيدة تُدعى (حَنَة) أما سيدنا زكريا فقد تزوج من سيدة اسمها (إيشاع)، وقد أنجب عمران  وحَنَة مريم -عليها السلام-، بينما أنجب زكريا -عليه السلام- و السيدة إيشاع سيدنا يحيي -عليه السلام-، وقد اختلف العلماء فيما بينهم، من تكون إيشاع؟ فانقسموا إلى رأيين:


زوجة سيدنا زكريا -عليه السلام- هي أخت السيدة مريم:

وهذا قول الجمهور كما يقول ابن كثير في “البداية والنهاية”، وبهذا يكون سيدنا يحيي وسيدنا عيسى -عليهما السلام- أبناء خالة لأنهما أبناء أختين (مريم وإيشاع)، واستدل العلماء في هذا الرأي على حديث الإسراء والمعراج، فقال مالك بن صعصعة رضي الله عنه ، أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- حدثهم عن ليلة أسري به فكان مما قال : “ثم صعد حتى إذا أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أُرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به فنعم المجئ جاء، ففتح، فلما خلصت إذا يحيي وعيسى -وهما ابنا الخالة-، قال: هذا يحيي وعيسى، فسلم عليهما، فسلمت، فردا، ثم قالا: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح” رواه البخاري (3207) وهذا لفظه ومسلم (164)، وعليه يكون الذي كفل السيدة مريم سيدنا زكريا زوج أختها.


زوجة سيدنا زكريا -عليه السلام- هي أخت السيدة أم مريم (حَنة):

وبهذا يكون الذي كفل السيدة مريم سيدنا زكريا زوج السيدة إيشاع وخالة السيدة مريم، وهذا ما اتفق عليه ابن إسحاق وابن جرير “جامع البيان” (3/234)، واقتصر عليه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6/68)، ولكن هنا كيف يكون عيسى ويحيى عليهما السلام ابنا خالة كما ورد في حديث الإسراء والمعراج؟

قال العلماء في ذلك الأمر أن خالة الأم بمنزلة الخالة الحقيقية، فأم يحيى هي خالة مريم، وعليه فهي خالة ابنها عيسى -عليهم السلام- جميعا، كما أن مريم تكون ابنة خالة يحيى، فيكون ابنها عيسى ابن خالته أيضاً، ويقول الإمام أبو السعود في تفسيره: ” وأما قوله عليه الصلاة والسلام في شأن يحيى وعيسى عليهما الصلاة والسلام هما (ابنا خالة) قيل: تأويله أن الأخت كثيرا ما تطلق على بنت الأخت، وبهذا الاعتبار جعلهما عليهما الصلاة والسلام ابني خالة”، ودليلهم على ذلك أن أن امرأة عمران (حَنَّة) لم تكن تحمل ولا تلد، فلما حملت بمريم نذرتها لله ولخدمة بيت المقدس، وهذا ما يؤيده السياق القرآني إذ يقول الله تعالى: “إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً ، فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (آل عمران 35)، وقد فسر ابن كثير هذه الآية فقال: “كانت امرأة عمران لا تحمل، فرأت يوماً طائرا يزُق فَرخَهُ، فاشتهت الولد، فدعت الله تعالى أن يهبها ولداً، فاستجاب الله دعاءها، فواقعها زوجها فحملت منه، فلما تحققت الحمل نذرت أن يكون محرراً -أي : خالصاً- مفرغاً للعبادة ولخدمة بيت المقدس، فقالت: ( رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً ، فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم) أي : السميع لدعائي العليم بنيتي “، وعليه فإن الذي كفل السيدة مريم سيدنا زكريا زوج خالتها. [4]