هل منافع العلم أعظم من منافع المال


منافع العلم أعظم من منافع المال



نعم

منافع العلم أعظم من منافع المال.


إن للعلم فضل عظيم وأعظم من منافع المال بكثير وذلك لأن العلم هو إرث الأنبياء وذلك كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحث على طلب العلم: (مَن سلَك طريقًا يَطلب فيه علمًا، سلَك الله به طريقًا من طرق الجنَّة، وإنَّ الملائكة لَتضعُ أجنحتَها لطالب العلم رضًا بما يَصنع، وإنَّ العالِم ليَستغفر له مَن في السموات ومَن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإنَّ فضل العالِم على العابِد كفضل القمر ليلة البَدر على سائر الكواكب، وإنَّ العلماء ورثَة الأنبياء، وإنَّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنَّما ورَّثوا العلمَ، فمَن أخذه، أخذ بحظٍّ وافِر)، صححه الألباني، وذلك لأن العلم باقٍ والمال فاني، يأتي ويذهب، ولكن العلم هو الميراث الحقيقي الذي تتركه للأبناء من بعدك، فقال أبوهريرة رضي الله عنه: (مِن فقراء الصَّحابة، حتى إنَّه يَسقط من الجوع كالمغمى عليه، وأسألكم بالله، هل يَجري لأبي هريرة ذِكرٌ بين الناس في عصرنا أم لا، نَعم يَجري كثيرًا، فيكون لأبي هريرة أجرُ مَن انتفع بأحاديثه)، وذلك دليل واضح وصريح على بقاء العلم والاستفادة منه فمن منا لم يقرأ لأبي هريرة ومن منا لم يستفيد من الأحاديث العديدة التي رواها الصحابي الجليل أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك يجب على طالب العلم أن يتمسك به ويلتزم به اقتداء بالأنبياء والصالحين حتى يستطيع النهوض بالأمة من حقبة الجهل والفقر والضياع، نظرًا إلى أن العلم هو ما يقوم بجلب المال، وقد ثُبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا مات الإنسان، انقطع عملُه إلَّا من ثلاث، صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولد صالِح يَدعو له) وذلك دليل آخر على وجوب العلم وبقائه.


وجوب طلب العلم


فضل الله سبحانه وتعالى العلم على المال في كتابه الكريم في سورة آل عمران فقال: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ) فقال سبحانه وتعالى هنا في الآية الكريمة أولو العلم وليس أولو المال والجاه، وتلك شهادة عظيمة من الله سبحانه وتعالى على أن صاحب العلم يكون مع الملائكة والشهداء، كما أن لأهل العلم مكانة خاصة في الإسلام وحق تتبعهم وطاعتهم فقال الله تعالى في سورة النساء: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)، فهنا ولاية أهل العلم واجبة على كل مسلم ويجب الالتزام بها، كما أن أهل اعلم أيضًا هم القائمون على أمر الله سبحانه وتعالى حتى قيام الساعة وذلك مُثبت في حديث معاوية رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهه في الدين، وإنَّما أنا قاسِمٌ والله يُعطي، ولن تَزال هذه الأمَّة قائمة على أمر الله لا يضرُّهم من خالَفَهم حتى يأتي الله بأمره)رواه البخاري، وقد قال أيضًا الإمام أحمد عن هذه الطَّائفة من العلماء (إن لَم يَكونوا أهل الحديث، فلا أدري مَن هم)، وقال القاضي عياض رحمه الله: (أراد أحمد أهلَ السنَّة، ومَن يَعتقد مذهبَ أهل الحديث).


كما روي أيضًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يجب أن يغبط أحد على شئ من النعم التي قد أنعم الله سبحانه وتعالى علينا بها إلا على نعمتين فقط وهم طلب العلم والعمل به، والأخرى هي التاجر الذي يتاجر بماله لخدمة الإسلام والمسلمين، فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا حسَد إلَّا في اثنتين، رجل آتاه الله مالًا فسلَّطه على هلَكته في الحقِّ، ورجل آتاه الله حكمةً فهو يَقضي بها ويعلِّمها).


كما أن العلم أيضًا هو النفع الوحيد للناس في الدنيا والآخرة، ولكن لمن يستخدمه في بشكل صحيح، فقد نرى أُناس يعطيهم الله العلم فيبغضوا ويتسلطوا على الله وينفوا كل ما حولهم ويقوموا بنسبه إلى العلم فقط وكأن لم يكن هناك إله وخالق والعياذ بالله، وهناك من يهبه الله العلم فينفع به نفسه ودينه وأمته ويزداد إيمانًا وقد جاء في حديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَثَل ما بَعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غيثٍ أصاب أرضًا، فكان منها طائفة طيِّبة قبلَت الماءَ، فأنبتَت الكلأَ والعُشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكَت الماءَ فنفع الله بها الناسَ، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إنَّما هي قِيعان، لا تُمسك ماءً ولا تنبتُ كلأً، فذلك مثل من فَقُهَ في الدين ونفعَه ما بعثني اللهُ به فعلِم وعلَّم، ومثل مَن لَم يَرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هُدى الله الذي أُرسلتُ به). [1]


فضل طلب العلم في الإسلام


للعلم فضل عظيم ومرتبة عليا تعود على صاحبه بالمنفعة في الدنيا والآخرة، فالعالم هو من يعرف الله حق المعرفة، فالعلم رفعة وشرف، فيرفع الله عز وجل أهل العلم في الدنيا والآخرة وقد قال الله تعالى في سورة المجادلة: (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)، كما رُوي أيضًا عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (طلَب العِلم فريضة على كلِّ مسلم)، رواه ابن ماجه وغيره، وكما ذُكر عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن سلَك طريقًا يَلتمس فيه علمًا، سهَّل له به طريقًا إلى الجنَّة)، كما قال أيضًا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه: (مَن خرج في طلَب العِلم، فهو في سبيل الله حتى يرجِع)، رواه الترمذي، وقد نرى كل ذلك في المقارنة التي وضعها الإمام ابن القيم رحمه الله بين فضل منافع المال والعلم في الإسلام والتي تتبين في عدة نقاط، وإليك هي:


  • إن العلم هو ميراث الأنبياء ولكن المال ميراث الملوك.

  • يعمل العلم على حراسة صاحبه، ولكن المال يريد من يحرسه.

  • إن العلم يزداد ويرتوي بالبذل والعطاء، ولكن المال يذهب بالنفقات.

  • إن العلم يرافق صاحبه إلى القبر، ولكن المال مفارق إلا من كانت له صدقة جارية.

  • من معه علم يستطيع أن يحكم المال ولكن من معه مال فلا يستطيع أن يحكم اعلم.

  • إن الجميع يستطيعوا أن يحصلوا على المال، ولكن العلم يهبه الله للمؤمنين فقط.

  • لا يستغني الملك صاحب المال عن العالم، ولكن من الممكن أن يستغنى العالم عن الملك.

  • إن المال ينفذ فقد يصبح صاحب المال فقير بين عشية وضحاها، ولكن العلم لا يفنى أبدًا.

  • العلم يرفع من مكانة صاحبه، في الدنيا والآخرة، ويقربه إلى ربه.

  • قد يصبح المال هلاك لصاحبه، بينما العلم هو النجاة الوحيدة.

  • سعادة العلم هي الدائمة، ولكن سعادة المال زائلة.

  • أن العلم يدعو الناس إلى الآخرة، ولكن المال يدعو الناس إلى الدنيا. [1] [2]