ما معنى العمل بالعلم
معنى العمل بالعلم
معنى العمل بالعلم هو العلم
هو اكتساب الخبرات اللازمة في المجالات العديدة، ولا يتم العمل بدون علم، ولا علم بدون عمل.
لقد حث الدين الإسلامي على أهمية العمل بالعلم وقد ورد ذلك في كتاب الله عز وجل وفي سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعليهم جاء السلف الصالح بذلك، وعليه بُني جميع الأسس وذلك ما تتبعة في الأصل جميع الشرائع السماوية وتحث عليه، فقال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الجمعة، للذين عَلِموا العلم ولكن لم يعملوا به: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وذلك دليل واضح وصريح على أهمية العمل بالعلم الذي تلاقاه الإنسان، وارتباطهم الوثيق ببعض، وقد قال ابن القيم أيضًا في تفسير هذه الآية الكريمة: (فقاس مَن حمَّله سبحانه كتابه ليؤمن به ويتدبره ويعمل به ويدعو إليه ثم خالف ذلك ولم يحمله إلا على ظهر قلب؛ فقراءتُه بغير تدبُّر ولا تفهُّم ولا اتباع ولا تحكيم له وعمل بموجبه – كحمار على ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها، وحظه منها حملها على ظهره ليس إلا؛ فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره).
ولقد حدثنا الله عز وجل أيضًا عن من يترك عمله ولا يستفيد بالعلم الذي تعلمه فقال تعالى في كتابه الكريم في سورة الصف عن ذم العمل بالعلم فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)، ثم جاء بعد ذلك ف تفسير القرطبي عن تلك الآية الكريم فقال رحمة الله عليه: (وخرَّج أبو نعيمٍ الحافظ من حديث مالك بن دينار عن ثمامة أن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أتيت ليلة أسري بي على قوم تُقرَض شِفاهُهم بمقاريضَ من نار، كلما قُرِضت وَفَتْ، قلت، من هؤلاء يا جبريل؟ قال، هؤلاء خطباء أمتك الذين يقولون ولا يفعلون، ويقرؤون كتاب الله ولا يعملون)، وعن بعض السلف عن موقفهم من العمل بالعلم فقالوا: (حدثنا، فسكت، ثم قيل له، حدثنا، فقال، أترونني أن أقول ما لا أفعل فأستعجل مَقْتَ الله).
هل العمل يسبق العلم
لا
العمل لا يسبق العلم
.
كان هناك قول من أحدهم يقول: (أنه إذا العلم لم يعمل به كان حجة عليك ولم تٌعذر بما أنت حامل)، وهذا دليل آخر على وجوب العمل بالعلم، ودليل أيضًا على أنه بدون علم لن يعمل أحد فالعلم هو التوظيف للإمكانيات المطلوبة ومعرفة كيفية توظيفها بالشكل الصحيح، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن الإنسان إذا لم يعمل بما تعلمه فلن يصبح لذلك العلم قيمة، وقد ورد ذلك في حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم فقال، عن أبي برزة الأسلمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزول قدَمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه؟ وعن عِلمه فيمَ فعل؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه؟ وعن جسمه فيمَ أبلاه؟)، وقد أشار ابن مفلح المقدسي رحمه الله إلى هذا الباب، وتطبيق العلم الذي تعلمه الشخص بالعمل فقال: (قال الخلال، ثنا المروذي قال، قال لي أحمد، ما كتبت حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد عملت به، حتى مر بي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طَيْبةَ دينارًا، فأعطيت الحجَّام دينارًا حين احتجمت). [1]
خطورة عدم العمل بالعلم
كما وضحنا من قبل أن العمل بالعلم من الأساسيات المهمة وذلك لأن من يعمل بما تعلم يكون متقن للعمل، ويستطيع الاستفادة من العلم وتوظيف العمل بشكل صحيح، وعن ذلك قد ورد عن أسامة بن زيد رضي الله عنه وأرضاه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ، مَا شَأْنُكَ؟ أليس كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ، كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ)، وعن أنس بن مالك أيضًا رضي الله عنه أنه قال عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لمَّا أُسْرِيَ بِي مَرَرْتُ بِرِجَالٍ تُقْرَضُ شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ، قَالَ، فَقُلْتُ، مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ، هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ، يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ، أَفَلَا يَعْقِلُونَ)، وعلى ذلك أيضًا قال الحسن: (إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصِيبُ الْبَابَ مِنَ الْعِلْمِ فَيَعْمَلُ بِهِ، فَيَكُونُ خَيْرًا لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ فَجَعَلَهَا فِي الآخِرَةِ. قَالَ، وَقَالَ أيضًا، كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَبَ الْعِلْمَ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ يُرَى ذَلِكَ فِي بَصَرِهِ وَتَخَشُّعِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ وَصَلاَتِهِ وَزُهْدِهِ).
أمثلة على العمل بالعلم
-
الإمام أحمد رحمه الله.
-
الحسن البصري رحمه الله.
-
سفيان الثوري رحمه الله.
-
أبو هريرة رضي الله عنه.
هناك العديد من الأمثلة على العمل بالعلم وردت في الكتاب والسنة، وحث عليها الصحابة والتابعين، وعلماء الأمة، وتلك الأمثلة هي التي نقتدي بها في حياتنا، وهناك بعض الأمثلة على الحث على العمل بالعلم من خلال الأئمة والصحابة، وإليك هي:
الأمام أحمد رحمه الله:
يقول المروذي قال الإمام أحمد، ما كتبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا إلا وعملت به، وقد نرى ذلك في عمل الإمام أحمد حيث أنه يوجد في مسنده حوالي ما يقرب من الـ 40.000 حديث، حتى أنه قد ورد في حديث من ضمن الأحاديث التي دونها أن الرسول صلى الله عليه وسلم حين احتجم أعطى للحجام دينار، فقام الأمام أحمد أيضًا بإعطاء الحجام دينار حين احتجم هو أيضًا كـدليل منه على العمل بما تعلمه عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
الحسن البصري رحمه الله:
قد روي عن الحسن البصري رحمه الله على لسان تابعينه: (جاءه الرقيق يومًا وطلبوا منه أن يكلم الناس في خطبة الجمعة عن فضل عتق الرقاب، إذ كان الناس وقتئذٍ يَقبلون منه ما لا يقبلون من العلماء، فقام الحسن في الجمعة الأولى فلم يتكلم في هذا، وفي الثانية لم يتكلم أيضًا، وفي الجمعة الثالثة تكلم فأحسن في فضل عتق الرقاب، وكان أن خرج الناس من المسجد فأعتقوا من كان عندهم من الرقيق، وحينها جاء الرقيق المحررون لوجه الله تعالى يشكرون الحسن ويقولون: أبطأت علينا ثلاث جمع، فقال: لقد انتظرت حتى رزقني الله مالاً، فاشتريت عبدًا وأعتقه لوجه الله تعالى، حتى لا آمر الناس بما لم أفعل.
سفيان الثوري رحمه الله:
قال عبد الرحمن بن مهدي، سمعت سفيان الثوري رحمه الله يقول: (ما بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قَطّ إلا عملت به، ولو مرةً واحدةً).
أبو هريرة رضي الله عنه:
يقول أبو رافع: (صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ، فَقَرَأَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فَسَجَدَ، فَقُلْتُ، مَا هَذِهِ؟ قَالَ، سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ)، وهذا أيضًا دليل على العمل بالعلم. [2]