ما هي العاديات التي أقسم الله بها
أقسم الله تعالى بالعاديات وهي
الخيل المسرعة حين تعدو، وتجري للغارة في المعركة في سبيل الله، والضبح هو اصوات الخيل عندما تعدو
هي المقصود بالعاديات في قوله تعالى (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا)
، وهذا الصوت ليس بصوت صهيل الخيل، او حمحمة الخيل، وهو الصوت الذي يسمع من الفرس عندما يعدو، اي ان الضبح هو صوت الخيل وصهيلها.
واختلف العلماء في المراد بالعاديات، لكن ما يتفق عليه الاكثرية هو ان المقصود هو الخيول، لان باقي الفاظ الايات، مثل الضبح لا تكون الا للفرس، ولا يمكن ان تكون للإبل، وقوله تعالى ( فالمغيرات صبحا )، ينطبق على الخيل، وروي عن ابن مسعود وعلي عليه السلام ان العاديات المقصود بها هو الابل من عرفة الى مزدلفة، ومن مزدلفة الى منى، وذلك وفقًا لما روي عن علي – عليه السلام – وابن مسعود أنها الإبل ، وهو قول إبراهيم والقرظي روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : “بينا أنا جالس في الحجر إذ أتاني رجل فسألني عن العاديات ضبحا ، ففسرتها بالخيل فذهب إلى علي – عليه السلام – وهو تحت سقاية زمزم فسأله وذكر له ما قلت ، فقال : ادعه لي فلما وقفت على رأسه ، قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام بدر وما كان معنا إلا فرسان فرس للزبير وفرس للمقداد ، ( والعاديات ضبحا ) الإبل من عرفة إلى مزدلفة ، ومن المزدلفة إلى منى ، يعني إبل الحاج. [2]
ومعنى السورة هو الخيل التي تعدو فيسمع انفاسها وتفير في الصباح فتثير الكثير من الغبار وتتوسط العدو، فقوله تعالى ( فالموريات قدحا) المقصود به هو الحوافر التي ترمي بالحجر من شدة العدو فتضرب به حجر اخر فتوري النار، والقصد من (فأثرن به نقعا) هو الغبار ثم تتوسط في العدو من خلال قوله تعالى (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا)، وبعد ذلك يتحدث الله عز وجل عن الانسان الذي يحب المال حبًا جمًا، ويكفر بنعمة الله، دون ان يفكر بحاله يوم القيامة عندما يخرج من القبر ويحاسبه الله عز وجل عن كل عمل اقترفه سواء كان خير او شر، فيجازى على عمل الخير، ويعاقب على فعل الشر وتعلقه بالدنيا الزائله.
لماذا أقسم الله بالخيل في سورة العاديات
اقسم الله سبحانه وتعالى بالخيول التي تتحرك في المعركة بسرعة في سبيل الله عز وجل، وبدأ سورة العاديات بهذا الوصف الذي يجعلنا نشعر وكأننا امام معركة حقيقية، نشاهد فيها انفاس الخيول ونشعر بها، ونسمع صوت الخيول، كأننا امام المشهد مع العدو والغبار والشرر في المعركة، وافتتاح السورة بهذه الطريقة كان مفاجأة مثيرة للخيال، من اجل العرب التي كانت تثيرهم وتشدهم اخبار الغزو والمعارك
وينتقل الله عز وجل من تصوير المعركة وتشغيل الخيال الى الانسان، والتأمل في نفسيته، واظهار ان الله مطلع على كل الامور وجميع الاشياء، وانه مدرك لحب الانسان للمال، وغفلة الانسان عن الله عز وجل، وشكره، وظلم الانسان واعتدائه حتى على امور لا تخصه، وهذا القسم لا يحوي على التصوير
وفي القسم الثالث من العاديات، نعود الى التصوير، في قوله تعالى (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ)، ويصور هذا القسم ما سوف يحدث للانسان عندما يبعث من قبره، وفيه تذكير وتنبيه للانسان كي يعتدل في حياته، ويمشي على الصراط المستقيم وهذا القسم يظهر جمال القران الكريم الذي يجمع بين التحليل الفريد وبين استعمال صور تعبيريه توضح المعنى.
الختام يكون بقوله تعالى : إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ، وهذه الاية بمعناها العميق الرائع تشير ان الله سبحانه وتعالى سوف يحاسب الناس باعمالهم ولن يهمل اي عمل، وهو بقدرته البالغة خبير بجميع اعمال الناس، ومطلع على اخبارهم.
العلاقة بين القسم وجوابه في سورة العاديات
في قوله تعالى وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا، يقسم الله بالخيل المسرعة في المعركة، والضبح هو صوت انفاسها عندما تكون مشتدة في المعركة، وذلك تكريمًا للخيل في المعركة التي تسير في سبيل الله، وتعدو، (فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا)، يقصد بها الله عز وجل الخيل التي توري النار، وتخرج شررها من اصطدام الحوافر للحجارة، وهذا يدل على امتثال الخيل لاوامر الله عز وجل، وسيرها في المعركة وبلاءها بلاءًا حسنًا، على عكس الانسان الذي يذكره الله عز وجل في سورة العاديات، وهو يهمل الاخرة، ولا يفكر سوى بالدنيا وبحب المال
بدأ الله عز وجل السورة بذكر العاديات، ثم وصل الى الانسان الذي يجحد نعمة الله، وينكرها وينسى شكر المنعم عليه وهو الله، وهذا الطبع من الانسان، هو طبع يجب عليه ان يحاربه مثل الغزاة الذين يمدحهم الله عز وجل، لانهم يحاربون طبع النكران والشهوة وحب الدنيا في سبيل حب الاخرة. [1] [2] [3] [4] [5]
ما يدل على أن الله يعلم ما نسر في صدورنا سورة العاديات
يذكر الله عز وجل في القسم الثاني من سورة العاديات الانسان الذي ينكر نعمة الله عليه، ويكفر بها، قال تعالى ( إن الإنسان لربه لكنود )
والدليل على ان الله عز وجل مطلع على الخفاء والعلن من الانسان هو قوله تعالى ( إن ربهم بهم يومئذ لخبير ) فالله عز وجل يعلم مافي انفسنا
وهذه الاية تضمنت مقارنة ضمنية بين الخيول المجاهدين في سبيل الله الممتثلين لاوامره وبين الانسان الذي يكفر بنعم الله ويجحد بها، ويحب المال ويسعى من اجله، وهو شاهد على هذا الامر ومعترف به، وحب المال يعتبر من الغرائز عند الانسان التي يسعى من اجلها، قال تعالى (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)، والفرق بين الانسان العادي والمجاهد في سبيل الله والممتثل لاوامره هو ان الشخص المطيع لربه يحارب نزعته في حب المال وحب الدنيا في سبيل ارضاء الله، قال تعالى: أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ، هذه الاية تظهر ان جحود النعم من طباع الانسان الذي يهمل الاخرة، ولا يهتم سوى بحب الدنيا.
وختمت السورة القرانية باظهار جزاء العمل، فمن يعمل بالخير يجزى به، وذكر الله ان الانسان سوف يبعث من القبر فيجازى بعمله سواء كان خير او شر، وتحض السورة الكريمة على فعل الخير لان الانسان ملاقي ربه في النهاية، ولن يفيده الى عمله الخيري، اما عمله السيء فسوف يجازى به. [6]